+ أول موقف جعل المسيح له المجد يبكي، عندما كان نازلاً من على جبل الزيتون، وأورشليم مكشوفة أمامه ، فبكى!
+ جبل الزيتون عالي إلى حد ما، والنزول منه لأورشليم يجعلها مكشوفة. وأورشليم هي مدينة الملك العظيم.
+ هي أور سليم، أي "مدينة السلام" יְרוּשָׁלַיִם، وكان المفروض أن تكون كذلك.
+ وهي إشارة إلى قلب الإنسان، وإلى ملكوت الله، وإلى الكنيسة.
+ لكن أورشليم للأسف لم تعش كما أراد لها الرب! فعندما بكى المسيح، بكى بسبب الجملة التي قالها: " كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! " (مت 23: 37).
+ ماذا يبكيك يا رب؟ يُبكي إلهنا أن يظل الإنسان يجري (يهرب) منه! ويقاوم مشيئته!
تخيلوا معي التشبيه الذي ذكره لنا الرب يسوع، عندما تحاول الدجاجة أن تجمع فراخها تحت جناحيها، ولكن أحداها يكون عنيداً ويريد أن يسير بعيداً ويسرح! فتأتي به مرة ثانية، ولكنه يهرب مرة أخرى!
+ هناك سببين يجعلان "هذا الكتكوت" لا يستكين تحت جناحي الأم:
إما أن معيشته تحت جناحها لا تعجبه، لا يعجبه الانتماء للأم.
أو أنه يريد أن يبتعد عن "كتكوت" آخر موجود تحت جناحي الأم، لأنه لا يحب أخاه!
+ ببساطه، الله يريد أن يجمع كل البشر تحت جناحيه، وهذا يتطلب شرطين:
1- حُب الله.
2- حُب الناس.
" بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ" (مت 22: 40).
+ المسيحية كلها تتلخص في هاتين الكلمتين. " تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ... ، تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ" (مت 22: 37)، (مر 12: 30)، (لو 10: 27)... . إذا أحببت الرب ستدخل تحت جناحيه، وإذا أحببت أخوتك ستفرح باجتماعك معهم. ستفرح بأن تكون أنت وإخوتك تحت الجناح. " مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا!" (مز 133: 1).
لكن أغلب البشر لا يعجبهم أن يدخلوا تحت جناحي الرب، ولا يعجبهم أن يقتربوا من بعضهم البعض، ويحبوا بعضهم البعض.
+ قضية الحب هي التي تُبكي المسيح دائماً، الناس لا تحب بعضها البعض! فإذا ألقينا نظرة على العالم اليوم، سنجد أحواله محزنه! العالم يدعو للبكاء! أحوال العالم اليوم، كل أورشليم تستحق الدموع! لماذا؟!
+ العالم يتصارع: أغنياء ضد فقراء، وأقوياء ضد ضعفاء، وشعوب تُصدر الشر، وتُصدر الإرهاب، وعداء الإنسان للإنسان، وقسوة من الإنسان تجاه أخيه الإنسان، وإدعاءات كاذبة، واستغلال كل طرق الباطل لتحطيم الآخرين!
+ ما هذا العالم؟! ماذا حدث لهذه الدنيا (إيه اللي جرى في الدنيا)؟! العالم وُضع في الشرير، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. يستحق بكاء الله. لأن ليس هذا ما خلقه الله.
+ الله لم يخلق الناس من أجل الصراع والكراهية! ربنا خلق الناس لكي يحبوا بعضهم البعض، ويحبوه. وهذا هو ما سيقوله يوم خميس العهد: أريد أن يكون الجميع واحداً، " لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا،... وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ" (يو 17: 21).
+ إذا كنا لا نعرف كيف نحب ربنا، ولا نعرف كيف نحب بعضنا البعض، فلا بد أن يبكي المسيح!
+ ويبكي لأنه يرى المصير، ولا يقدر أن يمنعه. وكلمة "لا يقدر" أيضاً ثقيلة على الأذن! فما معنى أن الرب "لا يقدر"، هل الله "لا يقدر"؟! الله يقدر على كل شيء، لكنه لا يتحكم في إرادة الإنسان أبداً، " كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ،... وَلَمْ تُرِيدُوا!". فيقف وكأنه عاجز، أمام غرضه الذي لا يتحقق! لماذا؟! بسبب قسوة الإنسان، وعنده، وأنانيته، وكراهيته، وفرديته.
+ إحذروا يا أحبائي لئلا نكون ضمن الأسباب التي تُبكي المسيح! احذر لئلا تكون من الرافضين، ترفض وضع رأسك تحت جناحي الرب!
+ بالطبع تعرفون الآية التي تقول: " بِظِلِّ جَنَاحَيْكَ أَحْتَمِي " (مز 57: 1).
+ يعني إحنا كلنا علينا أن نضع رؤوسنا تحت الصليب، ونلتصق بالصليب، ونحتمي به. هو الذي يُغطينا، ويستر علينا، ونردد قائلين "ثوك تاتي جوم Qwk te ;jom، و يا رب ارحم Kuri`e `ele`hcon. ونقوله يا رب نحن لا نستحق ولا يصح أن ندخل السماء، ولكن من خلال صليبك ندخل، ليس لنا سواك يا رب، عمانوئيل إلهنا وملكنا...".
جيد أن نضع رؤوسنا تحت جناحي الصليب،
ونُحب رب المجد يسوع،
فبذلك نكون قد نفذنا أول شرط،
فيكون هو حياتنا، وهو رجاؤنا، وهو خلاصنا وهو قيامتنا.
+ أما عن الشرط الثاني فهو: فعندما تأتي لتضع رأسك تحت جناحي الرب، ستجد هناك أخوك الذي جاء أيضاً ليضع رأسه.
+ لكن أخوك هذا قد يكون مختلفًا عنك في الطبع،
وقد يكون مختلفًا عنك في البشرة،
وقد يكون مختلفًا عنك في السن،
وقد يكون من طبقة أخرى مختلفة عن الطبقة التي تعيش فيها أنت،
وقد يكون له ظروف أخرى مختلفة عن ظروفك،
+ قد يكون هناك خلاف قديم بينكما!
أو قد يكون تعدَّى على أحد حقوقك،
أو كثيراً ما أخطأ في حقك،
وقد يكون أهانك وتسبب في ألمك!
لكنه جاء أيضاً ليلتصق بالصليب ويضع رأسه تحت جناحي الرب طالباً الغفران، وشهوة قلبه دخول السماء. فهل عندما تراه ستظل تحت الجناح؟! أم أنك ستخرج مثل "الكتكوت" العنيد، رافضاً البقاء معه في مكان واحد! ألا تريد السماء؟! ألا تريد الأبدية؟! هل تختار الخراب لنفسك؟! يا حبيبي حب أخوك!
+ هذا الرفض للآخر، وعدم محبة الآخر، ظاهر جداً في مثل الابن الضال.
+ فالأب له صدر واسع أراد أن يجمع بالحب ابنيه، مد يده ليأتي بابنه الضال بمجرد أن رآه من بعيد، ركض ليأخذه في حضنه.
+ ثم مد الأخرى ليضم الابن الأكبر أيضاً، ولكنه رفض! ليس لأنه كارهاً لأبيه، بل لأنه كارهاً لأخيه! وظل الأب يُحايِل ابنه قائلاً: "يَا بُنَيَّ أَنْتَ مَعِي فِي كُلِّ حِينٍ، وَكُلُّ مَا لِي فَهُوَ لَكَ، وَلكِنْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ، لأَنَّ أَخَاكَ هذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ، وَكَانَ ضَالُا فَوُجِدَ" (لو 15: 31، 32). أخوك! كان المفترض أن يكتمل فرحك بمجيء أخوك البعيد الذي كان إنساناً غير صالح، كان إنساناً ميتاً ثم قام! كان ينبغي ألا تنظر إلى ما فعله بك، سواء سرقك! أو ضيعَّك! أو أذاك! أو جرحك! أنا مجروح أكثر منك أضعاف، ولكني فرحان برجوعه! افرح به، لأنه " كَانَ يَنْبَغِي أَنْ نَفْرَحَ وَنُسَرَّ ".
+ وظل الابن الأكبر خارج الجناح، وكان سبباً لبكاء هذا الأب!
+ فرحتك يا رب لا تكتمل!
بقدر فرح الرب بخاطئ واحد يتوب، بقدر ما يبكي على كل قلب قاسي يرفض الناس!
+ نحن نضع شروطنا! (أنا مش هقبلك، غير لمَّا تبأه كويس)!
إذا كنت تفكر بهذا المنطق، فأنت تُضيع نفسك، أنت تخرب على روحك! "هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا" (مت 23: 38)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. ربنا قابلك وإنت مش كويس!
ضع رأسك تحت جناحيّ الصليب، وقل لأخيك:
"أخي، سأقبلك مهما كنت، لأن المسيح قبلني بحالي،
سأقبلك مهما كنت،
لأن الرب أحبني رغم كل ما فعلت،
سأحبك مهما فعلت بي، لأني أنا وأنت لنا مصير مشترك.
إما أن ندخل معًا تحت الجناح،
وإما أن أهلك بسبب رفضي لك!
+ أحبائي، نحن كمسيحيين أحياناً، نُوفق في الوصية الأولى " تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ "، ونعجز أمام الوصية الثانية " تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ".
+ أحياناً نحن نستسهل الصوم، ونستسهل الصلاة، ونستسهل الذهاب للكنيسة (نردد معاً ثوك تاتي جوم Qwk te ;jom، ونقرأ مزامير وألحان، وحاجات حلوة، ...،)، ولكن يصعب علينا جداً التسامح مع من أخطأ في حقنا، أو من تسبب في إغاظتنا بصورة أو بأخرى، قد يصعب علينا تقبل أشخاص معينين! ونحن في كل هذا نظن أننا قمنا بدورنا نحو الله في الصلاة والصوم وحضور البصخات صباحاً ومساءً!
لا يا حبيبي، لأ، لأن جزء من بكاء المسيح هذا الأسبوع كان بسبب أنك ما زلت لا تعرف كيف تحب أخاك! هل تظن أنك وضعت نفسك تحت الجناح بقليل من صلاة وصوم؟! إذا لم تُكملهم بحب أخاك ستنطبق عليك الآية: "هوذا بَيْتُكُ أيضاً يُتْرَكُ لَكُم خَرَابًا".
+ إذًا أول سبب لبكاء السيد المسيح له المجد، هو قضية الحب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. إلى أي مدى نُحب بعضنا بعضًا؟! إذا أحببنا بعضنا البعض بجد، سوف نحب الله بالطريقة السليمة. لكن إذا لم نعرف كيف نُحب بعضنا بعضاً، ونحب كل الناس فلن نجد لنا مكاناً تحت جناحيه. "لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ، فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ " (مت 5: 46)، (عملت إيه زيادة يعني! ما العشارين والخطاه بيعملوا كِده)!
+ " أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ " (مت 5: 44)، (لو 6: 27)، (لو 6: 35)، لأننا كنا أعداء وصولحنا مع المسيح بدمه، " لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ! " (رو 5: 10). فبالتالي نحن مطالبين أن نحب الأعداء.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-dawoud-lamey/tears-of-god/love.html
تقصير الرابط:
tak.la/yzhz6bc