إن الفداء يعني التخليص من الموت – أي شخص بديل – بمعنى أن يتحمل الشخص الذي سيقوم بعملية الفداء الحكم المحكوم به على الشخص المُفدي.. وبمعنى أبسط.. "الفداء هو أن يموت الفادي بدلًا من المُفدى".
وجاء في قاموس المعجم الوجيز أن الفداء هو ما يقدم من مال ونحوه لتخليص المُفدى. وكلمة يفدي أو يفتدي معناها، يدفع الثمن، فالعبد الذي يفدي نفسه أي يدفع ثمن حريته، وفداء المسيح لنا معناه أنه دفع الثمن فينا، وقدم فدية من نوع خاص جدًا.. وهو الدم الذكي المسفوك عنا لأنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة.. "وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!" (عب9: 22)، ويوضح الكتاب معنى الفداء بقوله: "عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآباء، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ" (1بط1: 18-19)، والفداء عمل إلهي خاص بالله شخصيًا لذلك يترنم زكريا الكاهن قائلًا "مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ" (لو1: 68).. ويقول إشعياء.. "اُذْكُرْ هذِهِ يَا يَعْقُوبُ، يَا إِسْرَائِيلُ، فَإِنَّكَ أَنْتَ عَبْدِي. قَدْ جَبَلْتُكَ. عَبْدٌ لِي أَنْتَ. يَا إِسْرَائِيلُ لاَ تُنْسَيِ مِنِّي. قَدْ مَحَوْتُ كَغَيْمٍ ذُنُوبَكَ وَكَسَحَابَةٍ خَطَايَاكَ. اِرْجِعْ إِلَيَّ لأَنِّي فَدَيْتُكَ" (أش44: 21-22).
والفداء في المفهوم الأرثوذكسي هو أن نفسًا تفدي غيرها بأن تحل محلها وتموت عنها وتدفع الثمن بدلًا منها. لذلك لا وجود للأفكار الدخيلة التي تنادي بأن هناك ثلاث نظريات للفداء (الفداء عقيدة ثابتة وليس نظرية) وهم..
أ- نظرية التكفير بالإحلال.
ب-نظرية استرضاء الله.
ت-نظرية الفدية بدفع الثمن
هذه بلبلة وزحزحة لعقائد الكنيسة الراسخة. فمعروف أن الخطية لها نتيجتان:
الأولى: إغضاب قلب الله بالعصيان والتمرد عليه.. وكانت ذبيحة المحرقة تشير إلى إرضاء الله وإفاء عدله.
الثانية: هلاك الإنسان والحكم عليه بالموت. وكانت ذبيحة الخطية تنوب عنه في الموت بدلًا منه. وفي المسيح إجتمع الإثنين معًا.. فالمحرقة ترمز للمسيح من حيث طاعته للآب طاعة مطلقة وإرضاءه، وذبيحة الخطية رمزًا للمسيح في موته النيابي عنا وإفاء العدل الإلهي الذي يقضي بموت الخاطئ.. هذا هو تعليم الكنيسة عن إرضاء الله.
كما أن الثمن الذي دُفع في الفداء هو الموت على الصليب. وواضح أن هذا الثمن قد دُفع إلى صاحب الحق وهو العدل الإلهي، فهو الذي كان يطالب بموت الإنسان الخاطئ "وَعَلِّمْهُمُ الْفَرَائِضَ وَالشَّرَائِعَ، وَعَرِّفْهُمُ الطَّرِيقَ الَّذِي يَسْلُكُونَهُ، وَالْعَمَلَ الَّذِي يَعْمَلُونَهُ" (خر18: 20) فلما مات المسيح بدلًا منا، قدم حياته للعدل الإلهي عوضًا عن حياة الإنسان فإستوفى العدل الإلهي حقه.. فالدم مقدم للآب وليس لنا، فنحن لا نملك دم المسيح، لأننا لسنا أصحاب حق بل على العكس نحن مديونون بل أننا كنا أموات بالذنوب والخطايا "وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا" (أف2: 1).
والفداء ليس معناه موت الخاطئ بالفعل.. إنما هو موت المسيح نيابة عنه. فموت الخاطئ هو عقوبة وليس فداء. ولا وجود لما يسمى التكفير بالإحلال، فالمسيح مات على الصليب بدلًا من الخطاة ولم يأخذ جسد الخطاة ليموت به وإنما مات بجسده الطاهر الذي بلا خطية وحده (عن كتاب كيف تم فداء البشر لقداسة البابا شنودة الثالث).
المعنى العام والشامل لتعبير الخلاص.. يأتي بمعنى الإنقاذ والنجاة والفداء من الإدانة وفك الأسر والعتق وأيضًا الشفاء والتعافي من المرض والسلامة من الخطر.. ويعرفه إيماننا بأنه.. الإنتشال من الهلاك وإعادة السلامة.. وبما أن مصدر الهلاك هو الخطية والموت. فأول عناصر الخلاص هو التحرر من الخطية والموت. والخلاص الذي حصلت عليه البشرية أصبح مستحقًا أو محتاجًا لذبيح والذبيحة التي تم بها الخلاص هي ذبيحة المسيح.. وهذا الخلاص يسري على كل واحد في المعمودية وفي الإيمان.. ويستمر الإنسان متمتعًا بنعمة الخلاص مادام مرتبطًا بالحياة السرائرية والليتورجية داخل الكنيسة ملتزمًا بالجهاد العام في نظام العبادة في شركة مع المؤمنين.
إذن فالخلاص هو كلمة السر في الليتورجية بل وفي إيماننا المسيحي كله وليس هناك غير طريق واحد للخلاص وهو المسيح.. "وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ" (أع4: 12) لذلك فالله.. "...لَمْ يَجْعَلْنَا لِلْغَضَبِ، بَلْ لاقْتِنَاءِ الْخَلاَصِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (1تس5: 9). ولذلك فالكتاب المقدس ينبهنا لتتميم الخلاص بخوف قائلًا.. "إِذًا يَا أَحِبَّائِي، كَمَا أَطَعْتُمْ كُلَّ حِينٍ، لَيْسَ كَمَا فِي حُضُورِي فَقَطْ، بَلِ الآنَ بِالأَوْلَى جِدًّا فِي غِيَابِي، تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ" (في2: 12) ويقول أيضًا.. "لاَحِظْ نَفْسَكَ وَالتَّعْلِيمَ وَدَاوِمْ عَلَى ذلِكَ، لأَنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ هذَا، تُخَلِّصُ نَفْسَكَ وَالَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ أَيْضًا" (1تي4: 16).
وهكذا تتقارب كلمة "خلاص" مع كلمة "فداء" في البحث عن وسيلة النجاة أو عن إمكانية الغفران من الخطية التي شملت البشر جميعًا والمسيح هو وحده الذي قدم نفسه كفارة عن خطايانا بدم نفسه الذي بذله على الصليب فداءٍ عنا.. مُخلصًا إيانا.. وغافرًا لخطايانا.. وخطايا كل البشر.
أما كلمة الفادي: فالمقصود بها الذي يُتمم عمل الفداء. والفداء في المسيحية تم بواسطة شخص واحد فقط هو شخص المسيح له المجد.. والكتاب يقول.. "كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ" (مت20: 28). ويقول أيضًا.. "اَلْمَسِيحُ افْتَدَانَا مِنْ لَعْنَةِ النَّامُوسِ، إِذْ صَارَ لَعْنَةً لأَجْلِنَا، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «مَلْعُونٌ كُلُّ مَنْ عُلِّقَ عَلَى خَشَبَةٍ»" (غل3: 13). إذن المسيح وحده هو الفادي.. وهو وحده الذي وُجد مستحقًا أن يفتح السفر كما يقول سفر الرؤيا.. "فَقَالَ لِي وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ: «لاَ تَبْكِ. هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ، لِيَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ السَّبْعَةَ»" (رؤ5: 5). وقال "وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ: «مُسْتَحِقٌ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ" (رؤ5: 9)، "اِحْتَرِزُوا إِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ" (أع20: 28)، "وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُول، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيًّا" (عب9: 12)، "مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ افْتَقَدَ وَصَنَعَ فِدَاءً لِشَعْبِهِ" (لو1: 68)، "وَمِنْهُ أَنْتُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرًّا وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً" (1كو1: 30)، "لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ" (غل4: 5)... إلخ. والمسيح يقول للآب "مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ أَفْدِيهِمْ. مِنَ الْمَوْتِ أُخَلِّصُهُمْ. أَيْنَ أَوْبَاؤُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ شَوْكَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ تَخْتَفِي النَّدَامَةُ عَنْ عَيْنَيَّ" (هو13: 14) لذلك فهو.. "الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يَفْدِيَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ، وَيُطَهِّرَ لِنَفْسِهِ شَعْبًا خَاصًّا غَيُورًا فِي أَعْمَال حَسَنَةٍ" (تي2: 14).
والمسيح هو الفادي وهو الفدية في آنٍ واحد لذا يقول الكتاب.. "الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ بِدَمِهِ، غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ" (أف1: 7)، وهو "الَّذِي بَذَلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً لأَجْلِ الْجَمِيعِ، الشَّهَادَةُ فِي أَوْقَاتِهَا الْخَاصَّةِ" (1تي2: 6)، "وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (أف2: 6)، "مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رو3: 24).
فالمسيح هو الذي إفتدانا وبذل نفسه عنا وبررنا بفدائه لنا وبدمه نلنا غفران خطايانا. وهو قدم نفسه للموت بإرادته، فهو القائل.. "لِهذَا يُحِبُّنِي الآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضًا. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي" (يو10:17-18).. فالمسيح هو الفادي وليس مجرد فدية قدمها الآب.
*لقد خلق الله الإنسان حرًا في كل شيء ولكن الإنسان لم يحسن استغلال حريته وبدل من أن يقدم الشكر لله الذي جعله تاجًا للخليقة ورئيسًا لها ومتسلطًا عليها قدم خطية ضد الله سامعًا (آدم) لقول المرأة (حواء) والتي انقادت بدورها للشيطان .. "فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا مَعَهَا فَأَكَلَ. فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ" (تك3: 6-7).
*ومع أن حواء التي أُغويَت وجعلت آدم يأكل، إلا أن آدم هو المسئول لأنه رأس المرأة والمسئول عنها. ولأنه سمع لقول امرأته، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.. "وَقَالَ لآدَمَ: «لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ امْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ" (تك3: 17)، ولذلك إستحق عقوبات عديدة تتناسب مع حجم الخطية التي وُجهت إلى شخص الله غير المحدود وإستحق عقوبة قاسية حذره الله منها بقوله.. لا تأكلا منه ولا تمساه لئلا تموتا.. "وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ لِئَلاَّ تَمُوتَا" (تك3: 3)، وواضح أن آدم إستحق الموت هو وزوجته وذريته بسبب عصيانه للوصية كما يقول الكتاب.. "مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ، وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ، وَهكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ" (رو5: 12).
*وأصبح الجميع محكوم عليهم بالموت لأنهم كانوا في صلب آدم حينما أخطأ وطُرد الجميع من الفردوس بلا رجعة حتى يوجد من يُقدِم فداءً مجانيًا لآدم وذريته ويصلح الطبيعة التي فسدت.
*والقديس بولس يقول.. إن كان واحد قد مات لأجل الجميع فالجميع إذًا ماتوا "أَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا" (2كو5: 14)، فلا بد من موت (واحد) فدية عن الجميع ولكن أي واحد هذا يا ترى الذي يقدر أن يفتدى البشرية كلها؟.. الواقع أنه ليس هو مجرد واحد (واحد عادي) وإنما لابد أن تكتمل فيه أي في الذي سيفتدي البشرية شروط معينة.
وقبل أن نذكر هذه الشروط نتخيل بعض الحلول المعروضة لفداء آدم وفشلت وهي كالتالي:
1/ لا يمكن مسامحة آدم وذريته لأن هذا ضد عدل الله وتكذيب لكلام الكتاب فالله أصدر حكم الموت والعدل الإلهي يُقر بمحاكمة آدم لأنه أخطأ ضد الذات الإلهية.
2/ لا يمكن أيضًا فناء آدم وذريته لأنه لو مات بلا رجعة لكانت العقوبة للجسد دون روح آدم وحواء.
3/ ولا يمكن أيضًا إلغاء حرية آدم وذريته فلو كان بلا حرية لأصبح حيوانًا ولا ميزًة له عن المخلوقات الأخرى.
4/ ولا يمكن أيضًا خلق آدم جديد وذرية جديدة لأنه قد يتكرر نفس الوضع مرة أخرى طالما الحرية موجودة، والميل إلي فعل المعصية موجود.
إذن بقي الدواء الأخير وهو إيجاد وسيلة لفداء آدم وذريته. نظرًا لإصدار العدل الإلهي بموت آدم. فلا بد من طريقة لفداءه فداءً أبديًا.. ومن هنا بدأ البحث عن مخلص وفادي لأدم وذريته (وهذا أمر صعب للغاية لأسباب عده): مَنْ يموت بدلًا من آدم.
*لقد كان في قصد الله منذ الأزل فداء آدم.. لذلك يقول الكتاب "الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ" (2تي1: 9). ويقول.. "وَاللهُ مَلِكِي مُنْذُ الْقِدَمِ، فَاعِلُ الْخَلاَصِ فِي وَسَطِ الأَرْضِ" (مز74: 12). وأيضًا القول.. "بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ" (1بط1: 20).
*لذلك ترقبت البشرية إيجاد هذ المخلص أو هذا الفادي خصوصًا بعد فشل الذبائح الحيوانية والكباش والثيران في تقديم فداءً عن الإنسان بل كانت كلها تمهيدًا ورمزًا للفداء الحقيقي الذي دبره الله لخلاص البشرية كلها من حكم الموت. فعدالة الله في الحقيقة لا ترضى بفداء الحيوان للإنسان. فكيف يفدي غير العاقل الإنسان العاقل.. وكيف للأجساد بدون أرواح أن تفدي الأرواح والأجساد. وإن كانت عناية الله قد سمحت بذلك في العهد القديم فما كان ذلك إلا صورة ورمزًا للفداء الحقيقي.. خصوصًا وإننا.. "كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا" (أش 53: 6)، "هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي" (مز51: 5)، فصرنا في إحتياج شديد للخلاص كقول الكتاب.. "وَأَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، الَّتِي سَلَكْتُمْ فِيهَا قَبْلًا حَسَبَ دَهْرِ هذَا الْعَالَمِ، حَسَبَ رَئِيسِ سُلْطَانِ الْهَوَاءِ، الرُّوحِ الَّذِي يَعْمَلُ الآنَ فِي أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ، الَّذِينَ نَحْنُ أَيْضًا جَمِيعًا تَصَرَّفْنَا قَبْلًا بَيْنَهُمْ فِي شَهَوَاتِ جَسَدِنَا، عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الْجَسَدِ وَالأَفْكَارِ، وَكُنَّا بِالطَّبِيعَةِ أَبْنَاءَ الْغَضَبِ كَالْبَاقِينَ أَيْضًا، اَللهُ الَّذِي هُوَ غَنِيٌّ فِي الرَّحْمَةِ، مِنْ أَجْلِ مَحَبَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ بِالْخَطَايَا أَحْيَانَا مَعَ الْمَسِيحِ بِالنِّعْمَةِ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ" (أف2: 1-5).
*لذلك فرحت البشرية بميلاد المخلص وتهللت لأنه وُجد فاديًا للبشر بعد طول إنتظار لآلاف السنين دون جدوى بما عمله الأنبياء والآباء قديمًا.. وتبشر الملائكة الأرض قائلة "فَسَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ" (مت1: 21)، "أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لو2: 11).. "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ" (يو3: 16).. وهكذا الابن المحبوب من أبيه هو الفادي وهو المُخلص وهو الذي إنطبقت عليه شروط الفادي.. تُرى ما هي هذه الشروط:
1/ تقدر قيمة الخطية وفقًا لقيمة الشخص المُخطَأ في حقهِ وعقوبتها أيضًا تُقاس طبقًا لمركزهِ. والتكفير عنها يتناسب مع قيمتهُ. فمثلًا إذا أخطأت في حق شخص عادي تكون خطية محدودة ولا تحتاج أكثر من الإعتذار. وأما إذا أخطأت في حق (صاحب سلطة) فإني أستحق عقوبة شديدة.. وهكذا إذا أخطأت في حق الله فإن خطيئتي تعتبر غير محدودة(هنا و يقصد بعدم محدودية الخطية ضخامة حجمها و جرمها العظيم و ليس تساويها مع غير"لا" محدودية الله، فلا يوجد أي شيئ غير محدود سوي في الله، والله ليس فيه خطية البتة، فهو قدوس القديسين)، لأن الله غير محدود. وبالتالي العقوبة غير محدودة ولهذا فإن الفادي باعتباره الله الظاهر في الجسد فهو غير محدود فيستطيع أن يقدم كفارة وفداء غير محدود. مقدمًا الفداء نيابة عن البشر وقابلًا للفداء باعتباره هو الله. وهو فادي للبشر وقابل للفدية مع الآب والروح القدس كجوهر واحد لذلك يصلح كفادي لآدم وذريته.
2/ أن يكون إنسانًا أي لابد أن يكون الفادي من جنس المفديين ومساويًا لهم في القيمة "طبيعة الجسد الإنساني"، فلا يصلح إذن الحيوان أن يفدي الإنسان لأنه ليس من جنسه ولا من قيمته. ولا ملاك أيضًا لهذا يجب أن يكون الفادي إنسانًا ليفدي الناس وقد توفر هذا العنصر الإنساني في شخص المسيح الذي أخذ جسدًا وحل بيننا متجسدًا من العذراء مريم بواسطة الروح القدس وكون له طبيعة بشرية ناسوتية (جسده الخاص)، جعلته يصلح كفادي ومخلص لأدم وذريته.
3/ والشرط الثالث الذي يجب أن يتوفر في الفادي أن يكون طاهرًا وبلا خطية فلو كان خاطئًا فإنه لا يستطيع أن يفدي غيره وإنما يموت بخطية نفسه فقط. والمسيح هو الوحيد الذي لم يفعل خطية البتة. ولم يوجد في فمه غش لأنه شابهنا في كل شيء ما عدا الخطية وحدها. لذلك إستطاع أن يواجه الكل بقوة فريدة قائلًا.. "مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟" (يو8: 46).. لذلك طالما هو بلا خطية وكله طهارة فهو يصلح كفادي لأدم وذريته.
4/ والشرط الرابع هو أن يقبل الموت نيابة عن المحكوم عليهم به. والمسيح قبِل الموت طواعية، وليس إجباراً من الآب علي ذلك، إذ أن طبيعته قابلة للموت – كإنسان - أخذ طبيعة ناسوتية وأصبح راضيًا بموته بإرادته عنا كلنا وكونه يقبل الموت أو عقوبة الموت طواعية وبلا تردد فهو يصلح أن يكون فاديًا ومخلصًا لأدم.وهكذا نرتل في ثيؤطوكية يوم الثلاثاء في تسبحة نصف الليل قائلين" افرحوا وتهللوا يا جنس البشر لأنه هكذا أحب الله العالم، حتي بذل ابنه الوحيد...."
5/ كما أنه قدم فداءً مجانيًا بلا مقابل.. لأنه ليس بأعمال في بر عملناها، بل بمقتضى رحمته خلصنا (تي3: 5).. فالخلاص ليس له ثمن ولا مقابل، إنما هو هبة أو عطية مجانية من الله مقدمة لبني البشر.. "مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رو3: 24) وهذا جعله يصلح فاديًا.
6/ وكونه فاديًا مضحيًا فقد قبل أصعب الوسائل لإتمام الفداء وهو الموت علانية فوق الصليب، صليب العار واللعنة.. لذلك يقول الكتاب المقدس عنه "وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ" (في2: 8-9).
7/ وكان لابد أن الفادي يموت مصلوبًا لكي يرفع عنا اللعنة.. إفتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا. لأنه ملعون من علق على خشبة "فَلاَ تَبِتْ جُثَّتُهُ عَلَى الْخَشَبَةِ، بَلْ تَدْفِنُهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، لأَنَّ الْمُعَلَّقَ مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ. فَلاَ تُنَجِّسْ أَرْضَكَ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَصِيبًا" (تث21: 23).
البعض يقولون لماذا لا يغفر الله الخطية بناءً على طلب الإنسان بدون آلام الصليب ومعاناته. ونحن نجيبهم (نيافة الأنبا بيشوي في كتاب عقيدة الكفارة والفداء ص16) إن الله إذا غفر بدون قصاص كامل للخطية يكون كَمَنْ يتساوى عنده الخير والشر، وإذا كان الغفران هو علامة لرحمته فأين قداسته الكاملة كرافض للشر. وإن لم تأخذ الخطية قصاصًا عادلًا.
نحن نفهم أن الله يقول أنا أغفر لكم لكن أغفر لمن يدرك قيمة الغفران أن ثمنه غالي جدًا ولمن يقبل نعمة الشفاء من الخطية بفعل التجديد والتطهير الذي يعمله الروح القدس.. ما الفائدة أن مريضًا يطلب من الطبيب أن يشفيه بكل الأدوية الضرورية وهكذا لا يكفي طلب المغفرة من الله بدون وجود سبب للمغفرة بل يلزم طلب المغفرة على حساب دم المسيح وطلب الشفاء وقبول تعاطي الدواء الذي يمنحه الطبيب السماوي وهو تجديد الطبيعة بالمعمودية وممارسة الأسرار المقدسة والكتاب يقول عن شفاء مرض لذة الخطية التي دفع ثمنها السيد المسيح. الذي بجلدته شفيتم "الَّذِي حَمَلَ هُوَ نَفْسُهُ خَطَايَانَا فِي جَسَدِهِ عَلَى الْخَشَبَةِ، لِكَيْ نَمُوتَ عَنِ الْخَطَايَا فَنَحْيَا لِلْبِرِّ. الَّذِي بِجَلْدَتِهِ شُفِيتُمْ" (1بط2: 24).
- يقول القديس أثناسيوس عن حكم الموت على الإنسان بسب خطية آدم في كتابه "تجسد الكلمة" "إن لم يمت الإنسان لا يكون الله صادقًا" (فصل6).
- ويوضح أكثر فيقول.. "أخذ الكلمة جسدًا قابلًا للموت وإذ إتحد الكلمة بالجسد أصبح نائبًا عن الكل.. ويكرر عبارة الموت نيابة عن الجميع" (نفس المرجع).
- ثم يقول.. "ومن غير الممكن أن يموت الكلمة لأنه غير مائت بسبب أنه الآب غير المائت ولهذا إتخذ لنفسه جسدًا قابلًا للموت. حتى أنه حينما يتحد هذا الجسد بالكلمة الذي هو فوق الجميع. يصبح جديرًا ليس فقط أن يموت نيابة عن الجميع بل ويبقى في عدم فساد بسبب إتحاد الكلمة به".
- وقوله "لذلك قدم للموت ذلك الجسد الذي إتخذه لنفسه كتقدمة مقدسة وذبيحة خالية من كل عيب".
- وقال كذلك عن – الكلمة – "كان لائقًا أن يقدم هيكله الخاص وأداته البشرية فدية عن حياة الجميع موفيًا دين الجميع بموته".
- ويقول.. "لما كان ابن الله واحدًا مع الآب في الجوهر قدم نفسه ذبيحة قادرة على الإفاء بدين خطايانا وتحقيق العدالة والرحمة الإلهية في نفس الوقت".
- وتتلخص فكرة القديس أثناسيوس عن الخلاص والفداء في:
o أن الله خلق العالم بالكلمة وأيضًا لابد أن يخلصه بالكلمة.. الذي خلق العالم أولًا وذلك لأن صفات الله التي لا يمكن أن تتغير أو تتبدل لا تسمح بأن يأُخذ قرار التجسد والخلاص بعد أن يكون الإنسان قد سقط.
o أن نتائج السقوط هي موت الإنسان الذي ابتعد عن الله مصدر الحياة.. وفقده لكل معرفة وهو بعيدًا عن الله.
o ولهذا كان من اللائق بصلاح الله أن يتدخل لإصلاح ما أفسده الإنسان. فلأجل قضيتنا تجسد لكي يخلصنا ولسبب محبته للبشر قبل أن يتأنس ويظهر في جسد بشري.
- يعلم القديس كيرلس الكبير بأن المسيح صلب عن الجميع ولأجل الجميع لكي: إذ هو الواحد عن الجميع يحيا فيه الجميع. إذن فذبيحة المسيح هي كفارة، فالمسيح صنع خلاص الإنسان بذبيحة واحدة.
- والقديس كيرلس يؤكد أن المسيح لم يقدم ذبيحته من أجل نفسه إذ هو كإله بلا خطية ولا يحتاج إلى خلاص بل قدم ذبيحته لأجلنا نحن الخطاة ليهبنا غفران الخطايا وبداية حياة جديدة.
- ويعلم أيضًا أن المسيح قدم ذاته على الصليب لله الآب. فدية لأجل حياة الجميع ولأجل تحريرهم من سلطان الخطية والشيطان. الشيطان ليس له سلطان على البشر إلا بسبب الخطية، فسلطانه غير حقيقي وخاطئ. ويقول القديس كيرلس أن المسيح هو الحمل الذي قدم نفسه ذبيحة لكي ينقذ الناس من الخطية ويجعلهم أنقياء بلا خطية ويقودهم إلى الأبد.
- ويؤكد القديس كيرلس أن السيد المسيح قدم نفسه لأجل خلاص الناس رغم أنهم لا يستحقون ذلك. الناس لا يستطيعون أن يقدموا أي شيء مقابل فديته الإلهية. والبشر لا يستطيعون أن يشتروا خلاصهم بأنفسهم لذلك قدم المسيح الخلاص لهم كهبة – هدية – بسبب محبته للبشر. الله يحب كل خلائقه ولكنه يحب الإنسان بطريقة خاصة وإلى درجة خاصة أكثر من باقي المخلوقات وذلك بإرسال ابنه الذاتي إلى الأرض لأجل خلاص الإنسان.
- والخلاصة أن القديس كيرلس يؤكد على حقيقة التجسد وإتحاد اللاهوت بالناسوت وعلى رفع الطبيعة البشرية من سقوطها المستمر في الخطيئة. فالمسيح بإتخاذه للطبيعة البشرية كاملة نفسًا وجسدًا. أصبح يمكن لهذة الطبيعة أن تخلص وبسبب هذا الإتحاد فإن الطبيعة البشرية كلها تقدم لها – النعمة – وتعتني بهبات وكرامة من المسيح. وهكذا فإن نصرة المسيح على الشيطان تصير نصرة للإنسان أيضًا. لأن السيد المسيح كمنتصر قد سلمنا أيضًا القوة أن ننتصر.
- خلاص الإنسان هو هدف تجسد المسيح وذبيحته الخلاصية على الصليب وبذلك يصير الإنسان خليقة جديدة.. فالإنسان يصير إنسانًا حقيقيًا في المسيح يسوع فقط.
- يقول القديس غريغوريوس النزينزي في قداسه عن المسيح المخلص: لا ملاك ولا رئيس ملائكة ولا رئيس آباء ولا نبي ائتمنته على خلاصنا بل أنت بغير استحالة تجسدت وتأنست وشابهتنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها وصرت لنا وسيطًا لدى الآب والحاجز المتوسط نقضتهُ والعداوة القديمة هدمتها وأصلحت الأرضيين مع السمائيين.. ويقول أيضًا: حولت ليّ العقوبة خلاصًا.
- وفي كتاب كيف تم فداء البشر يقول قداسة البابا شنودة الثالث: لم يمت أحد عنا غير المسيح. ولا نحن متنا عن أنفسنا لأن البشرية عاجزة عن تخليص نفسها. وإذا مات البشر لا يكون هذا فداء وإنما هو إستحقاق ولكنه لا يكفي (ص6)
- يقول القديس كيرلس الكبير: هل هناك أحلى من أن نتعلم أن الله قد خلص العالم بواسطة ابنه وذلك بأن صار إنسانًا مثلنا كما هو مكتوب. يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجلنا لأنه من تلقاء نفسه نزل إلى فقرنا لكي يجعلنا أغنياء بحصولنا على ما هو له (شرحه لإنجيل القديس لوقا ص45).
- ويقول القديس باسيليوس الكبير: أن الصليب هو رجاؤنا الوحيد وليس هو إنكسار بل حدث خلاص تحرر ونصر باهر، ذلك أن الذي سُمر عليه ومات هورب الجميع الذي به كان كل شيء، المنظور منه وغير المنظور. الذي له الحياة كما للآب وقد أعطاه إياها.. الذي أخذ من الآب كل السلطان وهكذا يحررنا موت المسيح من رهبة الموت الذي كنا عبيد له.. (علم اللاهوت العقيدي – د. موريس تاوضروس ج2).
1/ يقول إشعيا النبي "قَدْ دُسْتُ الْمِعْصَرَةَ وَحْدِي، وَمِنَ الشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ. فَدُسْتُهُمْ بِغَضَبِي، وَوَطِئْتُهُمْ بِغَيْظِي. فَرُشَّ عَصِيرُهُمْ عَلَى ثِيَابِي، فَلَطَخْتُ كُلَّ مَلاَبِسِي" (أش 63: 3)
2/ يقول بطرس الرسول "وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ" (أع4: 12)
3/ ويقول القديس بطرس أيضًا "عَالِمِينَ أَنَّكُمُ افْتُدِيتُمْ لاَ بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآباء" (1بط1: 18)
4/ يقول السيد المسيح في إنجيل متى "كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ" (مت20: 28)
5/ وفي رسالة رومية "فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ!" (رو5: 10)
6/ وفي رسالة تسالونيكي الثانية "وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَقْبَلُوا مَحَبَّةَ الْحَقِّ حَتَّى يَخْلُصُوا" (2تس2: 10)
والنصوص الكتابية لا حصر لها في هذا المجال.
كيف تم فداء البشر – لقداسة البابا شنودة.
عقيدة الكفارة والفداء – الأنبا بيشوي – د.جوزيف موريس فلتس.
سر الفداء – أنبا غريغوريوس.
علم اللاهوت العقيدي للدكتور موريس تاوضروس ج5.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/salvation.html
تقصير الرابط:
tak.la/cpsq6p2