فهرس |
إن عبادتنا الجماعية (الصلوات التي نشترك فيها جميعًا) إذا كانت في الكنائس أو الاجتماعات الروحية عادة ما تتم في طقوس معروفة ومتفق عليها.. (أي نظام الكل يشترك فيه دون أن يشذ أحد عن هذه القواعد أو النُظم المُتفق عليها).
فالطقوس هي عبارة عن مجموعة صلوات وطلبات، ويدخل من ضمنها الشموع واستخدامها، والأيقونات وطريقة وضعها في الكنيسة، ودورات البخور التي تتم في رفع بخوري عشية وباكر، وفي القداس، ودورات الأناجيل في عيدي الصليب وباكر أحد الشعانين.. وغير ذلك من ترتيبات.. فهي تعتبر تراثًا ثمينًا جدًا نفخر به لأننا تسلمناه من أجدادنا ونحافظ عليه.
فمن مميزات كنيستنا القبطية الأرثوذكسية هي أنها كنيسة طقس وليتوروجيا.. فعمق عبادتنا يتمثل في المعنى الداخلي العميق للطقس وليس في شكله الخارجي.
لذلك يجب أن ننظر إلى الطقوس بفهم ونعي جيدًا ما هو الهدف منها.
الهدف الأساسي منها هو أن يرتفع فكرنا عن الخطية.. وهنا نقول ما هو معنى هذا الكلام؟ أو ما هي علاقة الطقوس بالبُعد عن الخطية؟
الإجابة هي أنه عندما سقط الإنسان الأول (آدم وحواء) في الخطية.. ابتعد عن الله، ولكن لم يتركه الله في هذا الابتعاد وهذه الحياة المستمرة في الخطية.. بل دبّر الله قصة تجسده وتأنسه من السيدة العذراء، فصار الله ابنًا للإنسان وهو السيد المسيح الإله المتجسد (الله الظاهر في الجسد).. وكل ذلك كان لكي يعيدنا إليه.
لذلك فالعبادة المسيحية محورها الأساسي هو رفع الإنسان الساقط الذي يعيش في الخطية إلى الله الكلي القداسة، وهذا ما قاله القديس أثناسيوس الرسولي: "لقد صار الله ابنًا للإنسان لكي يُصير الإنسان ابنًا لله".
فالطقوس المسيحية أو عبادتنا الطقسية تجسد لنا كل حياة السيد المسيح على الأرض، لأنه "شابهنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها" (القداس الغريغوري).. وتمثل لنا ميلاده العجيب، وأقواله، وتعاليمه، ومعجزاته، وآلامه وصلبه ودفنه، وقيامته من الموت، وصعوده إلى السموات.
فكل ما صنعه السيد المسيح من أجل خلاص العالم والإنسان هو متجسد أمامنا في الطقوس التي تُمارس يوميًا وفي المناسبات الكنسية على مدار السنة كلها.
لذلك فجوهر عبادتنا المسيحية الأصيل هو التمتع بالسيد المسيح حاضرًا أمامنا من خلال الطقوس.
وهنا نطرح سؤالًا وهو:
والإجابة هنا سهلة وبسيطة.. وهو أن السيد المسيح يحضر حضورًا سريًا غير منظورًا من خلال الطقوس، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.. فهذا ليس لغزًا صعبًا يحتاج إلى تفسير أو إيضاح، مع التأكيد أن حضوره يكون حقيقيًا وليس رمزًا أو نسجًا من الخيال.
* فالسيد المسيح حاضر حضورًا فعليًا في الرموز التي ترمز إليه (الطقوس أو المواد المستخدمة في الأسرار).
* فهو حاضر حضورًا فعليًا في الخبز والخمر المتحولين بعد التقديس في القداس إلى جسد ودم حقيقيين.
وهذه هي الغاية العظمى من طقوس العبادة في المسيحية.. فهي ليست طقوس جافة مثل طقوس العبادات الوثنية أو اليهودية، لكنها حياة معاشة يشعر بها الإنسان الذي يمارسها بعمق وروح وفهم ووعي كامل.. إنها ليست رموز ولكنها حقيقية.
إذًا فالطقوس هي ترتيب إلهي وليست من وضع أو صنع إنسان حسب هواه أو مزاجه الشخصي.. فهي عمل إلهي لأن الله رسمها وأوجدها منذ أن وُجدت الخليقة عامة.. وهذا ما أوضحه أول أصحاح من سفر التكوين عندما خلق الله السموات والأرض.. يقول: "ورأَى اللهُ كُلَّ ما عَمِلهُ فإذا هو حَسَنٌ جِدًّا" (تك1: 31).
لإلهنا كل مجد وكرامة من الآن وإلى الأبد آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/ritual.html
تقصير الرابط:
tak.la/9xvzr75