St-Takla.org  >   articles  >   fr-botros-elbaramosy  >   a
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات الراهب القمص بطرس البراموسي - تاريخ المقال: 28 مارس 2015

76- من وحي الصوم الكبير (9): المحبة تستر كل العيوب

 

St-Takla.org Image: Two men hugging, friendship, in front of a Church - by Amgad Wadea صورة في موقع الأنبا تكلا: رجلان يتعانقان أمام الكنيسة، الصداقة - رسم أ. أمجد وديع

St-Takla.org Image: Two men hugging, friendship, in front of a Church - by Amgad Wadea

صورة في موقع الأنبا تكلا: رجلان يتعانقان أمام الكنيسة، الصداقة - رسم أ. أمجد وديع

تكلَّم رسول المحبة يوحنا الحبيب عن المحبة في الأصحاح الثالث من رسالته الأولى قائلًا: "بِهذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ: كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ.  لأَنَّ هذَا هُوَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنَ الْبَدْءِ: أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 3: 10، 11).  مؤكِدًا الكلام أن المحبة بالفِعل هي أساس كل شيء حسن، وأساس كل فضيلة.  فالستر على العيوب يتميَّز به الله الذي نشكره في كل وقت، لأنه سترنا وأعاننا وأتى بنا إلى هذه الساعة..  فالله كما يستر على عيوبنا يجب أن نَتَمَثَّل به، لأن الرسول بولس يُطالِبنا في قوله: "كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 5: 1).  نتشبَّه بخالقنا في سترنا على خطايانا وضعفات بعضنا البعض، كما يستر الله علينا.  فلا يوجد إنسانًا كامِلًا وليس به عيوب، فإن سترنا على بعضنا البعض يستر علينا الله أيضًا..

ولنلاحِظ الفارِق الكبير بين الستر على الخطايا والتستر على الأخطاء.  فتوجد أخطاء في العمل أو الحياة العملية اليومية لا يجب التستر عليها، وإلا نكون قد اشتركنا في فِعلها، مثل الرشوة والتزوير وعدم الأمانة في العمل..  فالبعض يحدث عنده خلطًا في المفاهيم.

فعلى سبيل المِثال مَنْ يتستَّر على موظفًا مرتشيًا، لا يقوم بأي عمل إلا بمقابل مادي (أو ما تساوَى معه)، وذلك لادعائه الكاذِب أن الحياة صعبة والدَّخْل قليل، ويجب أن أسعى لزيادة دخلي ليلاءم الاحتياجات المطلوبة، ولِسَد كل متطلبات الحياة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.  هذا مفهوم خاطئ لِمَنْ يفعل هكذا، لأن الجميع يعرفون خطورة هذا الفِعْل وما أحدثه من فساد للمجتمع بجملته..  فأصبحت الوظائِف اليومية (الحيوية) التي من الواجِب عليها تسهيل الإجراءات لعامة الشعب، يُسَيْطِر عليها بعض المُرْتَشين الغير أُمناء في عملهم، ويوقِفون كل شيء بحق أو بدون وجه حق.  ويُجْبَر الإنسان على هذا الفِعل الرديء اضطرارًا لتخليص مصالحه المُعَطَّلة بدون سبب..  وهكذا تَفَشَّى الفساد الأخلاقي، وانعدمت الأمانة عند البعض، وأجبروا الإنسان المُحافِظ على مبادئه لأن يكسر مبادئه من أجل تخليص مصالحه..

هكذا مَنْ نعرف عنهم أنهم يستخرجون أوراقًا رسمية للبعض بدون أي وجه حق مقابِل دفع أي مبلغ للموظف المسئول..  هل هذا سَتْر أم تَسَتُّر على أخطاء قد تتفشَّى ليصبح المجتمع بجملته مُرْتَشِيًا، ينتشِر فيه الفساد الأخلاقي وانعِدام الضمير وقِلة الأمانة..؟!

هكذا مَنْ يَتَسَتَّر على موظفًا لا يأتي لعمله في الوقت المضبوط، ويتلاعَب في إمضاءات الحضور، تارِكًا ضميره عند باب العمل، لكي يَسْتَحِل مالًا لا يتعب فيه ولا يستحِقه..  يكون نائِمًا في بيته وآخر يُدعى "صديقًا أمينًا" يقوم بإمضاء الحضور أمام مَنْ هو مُسْتَغْرِق في النوم!  والجميع يفعلون ذلك، يقومون بالإمضاء وهم يقولون: "ربنا يستر"!  ويستر الله على الإنسان بالفِعل من أجل محبته له، ولكن لا نَتَعَلَّم أن نُفيق ضمائِرنا من غفلتها..  ونستمر في الخطأ، ويَتَسَتَّر الزملاء على مَنْ هو غائِب، وكل واحد يقول: "كما أفعله له اليوم، هو سيقوم بنفس الفِعل ردًا للجميل لي غدًا"!  وينعدِم الضمير، وتقٍل الأمانة بسبب اللَّبْس في المفاهيم.

وهكذا نقنع أنفسنا بخطأً فادِحًا أنه سَتْر نابِع عن المحبة التي بيننا، ولكن المحبة الحقيقية تجعلني أنصح وأرشد مَنْ يسير في طريق خاطئ بدلًا من أن أَتَسَتَّر عليه، ويتمادى في أخطاءه إلى أن يقع تحت طائِلة القانون الذي لا يرحم أحدًا.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/love-vs-flaws.html

تقصير الرابط:
tak.la/q27v7t5