تكلَّم لسان العطر بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية عن هذا المبدأ الروحي العميق، وهو: "اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَصْنَعُ شَرًّا لِلْقَرِيبِ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 13: 10). فالذي يحب من قلبه لا يفكر من الأصل في صُنْع الشر، فالشر يُعَبِّر عن الكراهية الدفينة داخل القلب، ويُعَبِّر عن الغيرة والحسد والخِصام وما إلى ذلك من الرذائل التي يقتنيها كل مَنْ هو بعيدٌ كل البُعد عن الله والكنيسة.. وذلك فهو يغار من الآخرين ويستكْثِر عليهم ما عندهم، فَيُفَكِّر أي فِكْرًا شريرًا ضدهم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. والكراهية لآخرين تُعَبِّر عن قلب لا يوجد فيه الله، حتى لو كان الشكل الخارجي يوحي للآخرين أنه إنسان روحاني؛ فالحياة الداخلية تُتَرْجَم بسلوك ظاهري. وهنا تحضرني الآية التي تقول: "أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي" (رسالة يعقوب 2: 18). فالأعمال هي التي تُظْهِر الإيمان، فلا تخدع نفسك أيها الحبيب، أو على الأقل لا تخدع الآخرين أنك رجل من رِجال الله المُتَمَسِّكين بتعليم دينهم، أو الحافِظين للآيات والأسفار وأنت تُفَكِّر كيف تَضُرّ غيرك بأي ضرر.. ولذلك نعجَب كل العَجَب على مَنْ يقتلون إخوتهم في البشرية بسبب بُعدهم عن الدين الأصلي، أو قِيَمَهُ الموروثة حسب فِكرهم الشخصي واعتقادهم بذلك..
* أيَّة محبة داخِل قلبك أيها الحبيب وأنتَ تمسِك سكينًا بيدك ترهب وتخيف بها غيرك؟! ويكون أسلوبك الغالِب عليك هو ترهيب الطيب، المُسالِم، الهادئ، الوديع، الذي لا يُسْمَع له أي صوت، الذي يُصَلِّي من أجلك. هل هذا السلوك الذميم يُعَبِّر عن محبتك أو عن إيمانك..؟!
* ليس القتل الفعلي أو الترهيب بالأسلحة فقط هو المُسَمَّى بالشرّ، ولكن قد تخرج كلمة من فمك تكون أقوى وأصعب في تأثيرها من القتل؛ فاللسان قيل عنه: "وَأَمَّا اللِّسَانُ، فَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُذَلِّلَـهُ. هُوَ شَرٌّ لاَ يُضْبَطُ، مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا." (رسالة يعقوب 3: 8).
* كيف تكون أبًا في بيتًا، لك زوجة وأولاد، مِن المُفْتَرَض أن تكون العلاقة الزوجية والأبوية بينكم في أوجّ عظمها، وهي الرابِط الذي لا ينقطِع بينكم، وأنت تُفَكِّر في فِعل أيّ شر من ناحية أي فرد من أفراد الأسرة؟! فنحن يؤسفنا أن نرى في المشاكِل الزوجية ما هو أصعَب من الخيال، ويُنْدَى لهُ الجبين عرقًا مما يسمعه الإنسان من أفراد الأسرة الواحِدة.. نرى الكلمات الغير مهذبة الجارِحة، والتصرفات الغير لائقة بأولاد الله من الزوج للزوجة أو العكس. والأولاد يرون ويسمعون ويتعلَّمون، وتُحْفَر هذه المواقِف في ذاكِرتهم مدى العمر، فينشئون في مجتمع مليء بالمشاكِل، وتَتَشَكَّل شخصيات مُعادية تميل إلى العنف منذ صِغرها بسبب ما يرونه داخل بيوتهم.
* نرى الشرّ يتزايد في المجتمع بكل صوره، بطرقه العديدة، والبعض يندمِج في هذا التيار ويسلك هذا السلوك بحجة أننا نريد أن نُسايِر المجتمع ونعيش وسط هؤلاء..!
* اعلم أيها الحبيب أنك فيما تُفَكِّر في ذلك فأنت تطرد نفسك خارج منظومة الحُب، وبالتالي تخرج خارِج إطار أبناء الله. ولتعلم أنك تبعد كل البُعد عن الله، لأن "مَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 4: 8).
* فإن كنت تحب الله، سوف تحب مَنْ تعيش معهم. ومحبتك لقريبك -ليس فقط الجسدي، بل مَنْ يعيش معك في المجتمع- توصِلَك إلى محبة الله. وإن كنت تحب الله وتحب قريبك، فمحبتك للآخر لا تسمح لك أن تفعل أي شرّ به.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/love-evil.html
تقصير الرابط:
tak.la/nmb5s2f