"ان كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلمًا" (مت 6: 23) (لو 11: 34).
هذا الظلام الذي قصده السيد المسيح هو الأضرار التي تتسبب فيها العين الشريرة، ومن بين هذه الأضرار:
1- تسبب ظلام الفكر
فالذي ينظر نظرة نجسة لا يلبث ان يتلوث فكره بالنجاسة، والذهن الذي خلقه الله وأوجده ليكون نقيًا طاهرًا به ترى النفس الله الكلي القداسة والطهر يصبح دنسًا وقذرًا، ولا يفكر إلا فيما هو دنس ولا يتصور إلا ما هو كذلك أيضًا، وهذا هو ما عناه السيد المسيح في قوله "من نظر إلى إمرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه".
والذي يتعود بأن ينظر باشتهاء لما يراه تحتل فكره الشهوة فلا يفكر إلا في كيف يحصل على ما يشتهيه ولا يسعى ويدبر إلا ما يمكنه من الحصول على شهوة نظره، والفكر الذي أوجده الله ليفكر فيما هو أبدي خالد تحتله اهتمامات الحياة الحاضرة، وعوضًا عن ان يكون تأمله فيما فوق يظلم وينحط ولا يفكر إلا فيما هو أرضي.
والذي ينظر بحسد إلى ما يراه بالوقت تمتلئ نفسه من الحاسيات الشريرة والمشاعر الرديئة والأماني الشيطانية الضارة للآخرين.
فيغتاظ كما اغتاظ قايين إذ رأى أخاه ناجحًا في عباداته فقتله، ويبغض كما أبغض شاول داود وسعى مرارًا لقتله والتخلص منه، ولكن يد الله هي التي حفظته من كل مضره، وتحولت محبة شاول لداود إلى كراهية مقيتة عندما سمع النساء يغنين لنجاح داود وقولهم "قتل شاول الوفه وداود ربواته".
وهكذا يصبح القلب والفكر وكرًا تعشش فيه الأفكار الشريرة والأماني الوحشية.
2- تسبب ظلام في أدبيات الإنسان
فهي لا تسبب ظلام الفكر فقط ولكن تسبب ظلام في سائر القوى الأدبية في الانسان، وتحتل وتفسد وتصبح في ظلام دامس.
فالضمير يصبح نجسًا شريرًا لا يتألم من شر ولا يهدي إلى صالح.
والإرادة تضعف وتميل إلى الفساد، والآمال الجيدة تنحط، ويتم قول الكتاب القائل "كل شيء طاهرًا للطاهرين اما للنجسين وغير المؤمنين فليس شيء طاهر بل قد تنجس ذهنهم أيضًا وضميرهم" (تي 1: 15).
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
3- تسبب ظلام فعلي
فالنظرة الشريرة تظلم الفكر والقوى الداخلية للانسان وتسبب ظلام الفكر وهو ما يؤدي بدوره إلى ظلمة الحواس التي في الانسان ولذلك يكون لها عدة عواقب.
- النظرة الفاسدة الدنسة تقود إلى السقوط في شر النجاسة. فداود لما نظر إلى إمرأة أوريا الحثي بشهوة سقط في خطية الزنى وأصبح نجساُ ودنسًا. وأبناء الله اذ استباحوا النظر إلى بنات الناس سقطوا جميعًا في الشر والفساد حتى أتى الوقت الذي كان كل بشر قد افسد طريقه على الأرض.
وحتى اليوم والشيطان يقتنص الكثيرين لإرادته عن هذا الطريق بعينه.
وكم من ملائكة أطهار سقطوا إلى حضيض النجاسة وتلوثت اعضاؤهم بأوحال الفساد والدنس عن طريق العين، فخسروا سلام الحياة الحاضرة وحكموا على أنفسهم بعذاب ابدي وحرموا نفسهم من النعيم الأبدي.
هؤلاء كان من الأفضل ان يعيشوا عميان من أن تكون لهم الأعين النجسة والنظرات الشهوانية.
فكثيرون قد ينخدعون من مراوغة الشيطان في قوله لهم ان النظرة يمكن ان نقف عندها ولكن هذه احيولة شيطانية.
والنظرة لا بد ان تجر ورائها الجسد للنجاسة والفجور والأعمال المخزية. هذا علاوة على أن هذه النظرة الشريرة هي في ذاتها زنى قلبي كقول السيد المسيح.
- نظرة الحسد ترمي الأعضاء الجسدية أيضًا في الظلام الروحي. فعن الحسد تنشأ المخاصمات ونجاسة اللسان بالتلفظ بالألفاظ اللاأخلاقية وبالشتيمة والنميمة والإفتراء والمذمه على الآخرين.
ولذلك يقول معلمنا يعقوب الرسول "من أين الحروب والخصومات بينكم، أليست من هنا من لذاتكم المحاربة في اعضاءكم. تشتهون ولستم تمتلكون. تقتلون وتحسدون ولستم تقدرون ان تنالوا. تخاصمون وتحاربون ولستم تمتلكون لانكم لا تطلبون. تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون رديًا لكي تنفقوا في لذاتكم" (يع 4: 1-3).
ولذلك فلنحذر أيها الأحباء من أضرار وأخطار النظرة الشريرة ونجاهد بقدر امكاننا جميعًا في ضبط حاسة النظر، لتكون نعمة الابصار التي اعطاها الله لنا خير معين لنا في العلم والمعرفة ورؤية اولاد الله وقديسيه لنتعلم منهم الفضيلة ونسير على آثار خطاهم ليكون لنا الخلاص وليعيننا الله كما اعانهم على وقوفهم مجاهدين متيقظبن ضد ألاعيب الشيطان وحيله الرديئة، وأيضًا لنصل إلى بر الأمان وهو ملكوت السموات لنتمتع بالمحبة الكاملة مع الله القدوس وملائكته وقديسيه، وليكن لنا السكنى مع الأباء الأبرار الذين ارضوا الرب بأعمالهم الصالحة وحياتهم النقية، وليكن لنا الرجاء الكامل في ربنا يسوع المسيح الذي "يريد ان الجميع يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون" (1تي 2: 4).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/evil-eye-b.html
تقصير الرابط:
tak.la/hq5j6fj