"وان كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلمًا" (نت 6: 33)
لقد تكلم السيد المسيح بهذه الكلمات في عظته المليئة بالتعاليم والعمق والأبوة والتعليم والترسيخ لكل المفاهيم الروحية المسيحية "العظة على الجبل". هذه العظة تضمن فيها المبادئ الأساسية للمسيحية وطرق الحياة السليمة الروحية على الأرض والتي تؤدي إلى المجد الأسنى الذي ينتظرنا في الحياة الأبدية.
ان السيد المسيح اراد ان يشير في هذه العظة الخالدة إلة أهم العوامل التي يتعلق عليها مركز حياتنا الروحية وسلام نفوسنا بل وسلامنا الداخلي أيضًا.
ولنلاحظ هنا انه قد اعطى للعين اهتمامًا خاصًا في كلامه، فنحن نفهم اذن ان للعين مركزًا هامًا فيما يتعلق بسلام الحياة الحاضرة ومصيرنا الأبدي.
فالعين من اعظم بركات الله للانسان. ونحن نشعر انها من أغلى أعضاء الجسم ولو ان كل عضو هو أغلى وأهم من الآخر، فلم يخلق الله في جسدنا أي شيء غير ضروري أو غير نافع ومهم لحياتنا اليومية.
ولكن كما تكون العين سبب بركة عظمى للحياة حسب قصد الله لكن كثير ما تتحول إلى سبب عثرة ونكبه عظمى للانسان في حاضره ومستقبله.فكثر ما تسبب عثرة العين لهم سببًا في ضررهم الروحي.
والسيد المسيح اراد ان يوضح لنا هذه الامور بكلمات قليلة وبسيطه عن أهمية العين عندما قال "سراج الجسد هو العين" فقد دعى العين بسراج الجسد. ويصرح كذلك بأن مركز الجسد من النور والظلمة انما يتعلق على حالة هذا العضو الصغير.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
كما انه يعلمنا هنا ان العين هي عينان، عين صالحة وعين شريرة. ولنتكلم هنا بأكثر إيضاحًا:
1- ما هي النظرة الشريرة:
2- لقد أجمع الأباء الروحيين - ولا أتجاوز حدود معرفتي بأن أقول أجمع، في انني قرأت كل ما قال الأباء، ولكن على أساس كل ما قرأت سابقًا – ان العين تنظر اربع نظرات شريرة:
- النظرة الأولى: "النظرة النجسة"
وهي النظرة التي يحركها ميل الجسد الفاسد - أي النظرة المنبعثه أو الصادرة من روح الدنس – وهي النظرة المضادة لروح القداسة.
هذه هي النظرة التي القاها داود على امرأة أوريا الحثي، وكذلك التي القاها أبناء الله على بنات الناس قديمًا في سفر التكوين.
وكما نرى المجتمع اليوم وما يهمنا فيه هو أبناءنا المسيحيين يستبيخون هذه النظرة، ملقين بتابعيتها على ان المجتمع هو الفاسد وهو الذي يقدم كل المعثرات وكل أمر ردئ. فهم لا يعرفون أو قل لا يريدون أو غير قادرون على ضبط عيونهم.
والبعض منهم تتحكم فيهم وتغلب عليهم بيهيميتهم "الغرائز البهيمية غير المنضبطة"، فيصبحوا أدنى من الحيوانات، فلا يكاد يمر عليهك شبح أو خيمة مترجلة حتى يظهر ضعف ارادتهم وعبوديتهم لشهوتهم، فيمدون اعناقهم، ويقربون عيونهم، ويحدقون النظر الشهواني، وكأن حياتهم متوقفة على هذه النظرة النجسة.
وهم لا يدركون ان وراء هذه النظرة آلامًا وأضرارًا روحية وقتيه ومستقبلية، بل على الصعيد الآخر انهم لا يدركون مضار احداثهم ارتباطًا نفسيًا وإيذائًا معنويًا وأخلاقيًا وخوفًا واضطرابًا في النفوس البريئة الطاهرة التي يتعدون عليها بنظراتهم الشريرة.
- النظرة الثانية: "نظرة التطلع والإشتهاء"
هي النظرة التي تلقيها العين الفاحصة على كل ما تراه من الأمور المنظورة بروح الحسرة والإشتهاء فإذا مرت على مكان فخم شعرت بحرمان وتحسر وميل شديد للحصول على مثله. وإذا رأت ثوبًا جميلًا تمنت لو كان لها مثله، وهكذا في باقي الأشياء ومقتنيات الآخرين، فإذا رأت بيتًا وأثاثًا فاخرًا تألمت لأنه ليس لها مثل ذلك الأثاث...
وهذه هي النظرة التي نبه إليها الوحي الإلهي في الوصايا العشر في قوله "لا تشته بيت قريبك، لا تشته إمرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئًا مما لقريبك".
والأساس في هذه النظرة الشريرة هو اعتبار المادة هي الأساس للسعادة في الحياة والإعتقاد بأن سلام النفس وسرورها وفرحها الدائم والحقيقي هم في عظمة القصور وجمال الثياب وأفخر المفروشات وأغلى الأثاثات.
وان الحرمان من هذه هو حرمان من السعادة بل قل من الحياة المستقرة والمريحة والمفرحة.
فأين نحن أيها الأحباء من قول مخلصنا الصالح "انظروا وتحفظوا من الطمع لأنه متى كان لأحد كثير فليست حياته في أمواله".
- النظرة الثالثة: "نظرة الحسد"
البعض يشتهون ولكن نظرتهم لا تتعدى الاشتهاء، ولكن يوجد من ينظرون ويشتهون وليس ذلك فقط بل ويحسدون الغير على ما أعطاهم الله من نعم وميزات...
انهم لا يودون ان يحصلوا على ما يرونه فقط ولكن يودون ان يحرم من الخير أصحابه، ويأخذونه هم وحدهم.
هم لا يفكرون في حرمان الغير كم الخير بقدر ما يفكرون بألم في خير الآخرين وهذا انما عمل العين الشريرة. ولذلك نلاحظ ان الكتاب كلما يذكر قائمة الخطايا الشنيعة يذكر بينها هذه الخطية "خطية الحسد". وهذه هي أول خطية ظهرت في العالم وبها قد اظهر ابليس روحه [والموت الذي دخل إلى العالم بحسد إبليس هدمته...] "صلاة الصلح بالقداس الباسيلي".
فالحية خدعت حواء وأدم بسبب الحسد، وهي كانت تعلم ان حسدها لن يرفعها هي ولكنه فقط سيُخسر أدم وحواء السعادة الدائمة التي كانا يتمتعان بها، ويقيمان فيها.
وهذه هي الخطية الأولى التي ظهرت في أول نسل لأبوينا أدم وحواء إذ حسد قايين هابيل وكانت النتيجة ان قام عليه وقتله.
فإحذر يا أخي الحبيب من هذه النظرة الشريرة التي قد تؤدي بك إلى كراهية الآخرين وإستعدائهم، بل قد يصل الأمر إلى ما هو أكبر من ذلك.
- النظرة الرابعة: "النظرة الجسورة أو العين المفتوحة بلا حياء"
فلنقترب إلى ما هو محظور ونقول عن نظرة الفتاة التي تلقيها يمنه ويسره وهي في سيرها أو في منازل اقربائها واصدقائها.
الفتاة التي بينما يخجل الشباب عن أن ينظر إليها تفتح هي عينيها فيه بلا حياء.
فدعونا نرى أيها الأحباء مثلًا كتابيًا حيًا وهي السيدة الفاضلة الوقورة رفقه التي عندما التقت باسحاق لأول مرة يقول الكتاب عنها "أخذت البرقع وتغطت" مع انها كانت تعلم أن هذا هو الرجل الذي اختاره الله لها.
ولعلنا نجد عكس هذا في هذا الزمان من البعض القليل الذي يجب عليه ان يكون اشد حرصًا في تصرفاته ونظراته، وتبتعدون عن الضحك العالي والهزار العالمي ومشابهة من لا اخلاق لهم... فالفتاة المسيحية تتسم بالوقار والورع والخجل والحشمة في القول والفعل والمظهر.
تجرى هذه السلوكيات الخاطئة بيننا اليوم ونحن لا ندرك خطورتها ومعناها، فمن تتباسطين معه في التصرفات والأقوال تسقطين من نظره ويتعامل معك كسلعة رخيصة الثمن، لا حرج له من ان يفعل بها كل ما يشاء دون رادع أو حدود.
دعونا نتمسك بعاداتنا الشرقية التي نتميز بها وهي الوقار ودماثة الخلق ولا نستجلب لنا ثقافة غربية غريبة، فإذا استحضرنا هذه الطرق في التعاملات يجب ان نستحضر معها الفكر النقي الذي يتعاملون به كأصدقاء وابناء لبعضهم لا غير، ونستحضر معها الأمانة في العمل والصدق في الكلام وعدم الكذب والرياء، ونستجلب معها احترامهم وتوقيرهم للقوانين المنظمة للحياة اليومية وغيره الكثير والكثير كقوله لنا "يجب ان تفعلوا هذه ولا تتركوا تلك".
فلنسعى أيها الأحباء جميعًا دون استثناء ان ننقي نظراتنا ونطهر فكرنا لكي نكون نورًا للعالم وملحًا للأرض.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/evil-eye-a.html
تقصير الرابط:
tak.la/wf4cjy2