فهرس |
فهرس أجزاء المقال:
إن الصلاة التي تُقبل لدى الله لابد أن يكون لها شروط.. لأنه يوجد بعض الصلوات المرفوضة والمكروهة من الله.. وهي صلوات الأشرار، والتي يُطلب فيها بعض الطلبات الخاطئة.
يقول مُعلِّمنا يوحنا الرسول: "إنْ طَلَبنا شَيئًا حَسَبَ مَشيئَتِهِ يَسمَعُ لنا" (1يو5: 14). وهذه الآية تُوضِّح لنا أن كل شيء نسأله فيه يجب أن يكون متفقًا حسب مشيئته ومع محبته وحكمته الكاملتين.
* فالبعض يُصلي.. ومن الممكن أن يكون لا يعرف ماذا يطلب.. أو لمَنْ يُصلي!!
* والبعض يقع في خطأ من أشنع الأخطاء.. وهو الصلاة
من أجل ضرر الآخرين، أو من أجل طلبة شريرة يريد أن تتحقق في أحد أقاربه أو أعدائه!هذه الصلوات صلوات مرفوضة.. لأن صلاة الشرير مكرهة أمام الرب.."ذَبيحَةُ الأشرارِ مَكرَهَةُ الربِّ، وصَلاةُ المُستَقيمينَ مَرضاتُهُ" (أم15: 8).
فالصلاة النقية المقبولة هي التي تطلب الخير للكل.. تطلب السلام والوحدانية والمحبة.. ويقول مع الكنيسة: "وحدانية القلب التي للمحبة فلتتأصل فينا.. لينمو بر الإيمان.. سهل لنا طريق التقوى.. الرعاة اضبطهم والذين يرعونهم ثبتهم..." هذه الصلوات النقية تكون حسب مشيئة الله.
وعليها يأتي الشرط الثاني المهم وهو أن تكون:
لأن هكذا علّمتنا الكنيسة:
* في نهاية صلواتنا نقول: "بالمسيح يسوع ربنا".
* وفي صلاة الشكر نختمها فنقول: "بالمسيح يسوع ربنا.. هذا الذي ينبغي له المجد والإكرام...".
* في الصلاة الربانية.. "أبانا الذي في السموات" نقول: "بالمسيح يسوع ربنا لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد أمين".. وفي نهاية صلوات القِسم في القداس.
* في طلبات صلوات "سر الزيجة" أغلبها تختم بـ: "بالمسيح يسوع ربنا هذا الذي ينبغي له المجد والإكرام...".
* في صلوات وطلبات السيامات (شماس – كاهن - أسقف).. تختم الصلوات بـ: "بالمسيح يسوع ربنا هذا الذي ينبغي له المجد والإكرام...".
ونحن في صلواتنا الخاصة القلبية نطلب من السيد المسيح، ونُخصص الكلام له والطلبة منه، واثـقين في كلام السيد المسيح له المجد الذي قاله:"لأنَّ أباكُمُ السماويَّ يَعلَمُ أنَّكُمْ تحتاجونَ إلَى هذِهِ كُلها" (مت6: 32).
لذلك فالكنيسة تعلمنا أنه عندما نُصلي.. تكون صلواتنا كلها باسم السيد المسيح ملكنا الحقيقي.. فهو الذي يطلب من الآب باسمنا، وهذا ما تُصليه الكنيسة في طلبة (القداس الغريغوري): "شعبك.. شعبك.. شعبك وكنيستك يطلبون إليك وبك إلى الآب معك قائلين: ارحمنا.. ارحمنا.. ارحمنا يا الله الآب ضابط الكل...".
فنحن نطلب إلى السيد المسيح وبه إلى أبيه الصالح لأنهم الاثنين واحد.. "الآبَ فيَّ وأنا فيهِ" (يو10: 38).
شرطًا آخر للصلاة المقبولة وهي أن تكون:
أهم ما يعوق الصلاة هي أن تكون من قلب شرير.. يحمل الشر للغير، متذكرين قول السيد المسيح:
* "الإنسانُ الصّالِحُ مِنْ كنزِ قَلبِهِ الصّالِحِ يُخرِجُ الصَّلاحَ، والإنسانُ الشريرُ مِنْ كنزِ قَلبِهِ الشريرِ يُخرِجُ الشَّرَّ. فإنَّهُ مِنْ فضلَةِ القَلبِ يتكلَّمُ فمُهُ" (لو6: 45).
* وأيضًا.. "فوقَ كُلِّ تحَفُّظٍ احفَظْ قَلبَكَ، لأنَّ مِنهُ مَخارِجَ الحياةِ" (أم4: 23).
فما في قلب الإنسان هو ما يُعبِّر عنه في: تصرفاته، وسلوكياته، بل أيضًا في صلواته.. والقلب الطاهر النقي دائمًا يحمل محبة للآخرين، ويبتعد عن البغضة والكراهية.
فهو قلب يسكن فيه الروح القدس، ويثمر ثماره المعروفة.. "وأمّا ثَمَرُ الرّوحِ فهو: مَحَبَّةٌ، فرَحٌ، سلامٌ، طولُ أناةٍ، لُطفٌ، صَلاحٌ، إيمانٌ، وداعَةٌ، تعَفُّفٌ" (غل5: 22-23)..
هذه الثمار تنمو وتكثر إلى أن تفيض بخيرها على الآخرين.
* فنجد الإنسان دائمًا يشكر.. دائمًا فرحان.. دائمًا يتمنى الخير للكل.. دائمًا يُصلي: للمتضايقين، والمحتاجين، والمرضى، والمسافرين، وللذين ليس لهم أحد أن يذكرهم، والذين تحت الأحكام الظالمة، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.. دائمًا يُصلي من أجل الكل.. وهو يؤمن إيمانًا أكيدًا أنه فيما هو يُصلي من أجل الكل فالكل يُصلي من أجله.
* لا يوجد عنده فكر أنانية، ولا حب الأخذ.. فلا يقول: لماذا أصلي أنا من أجل الكل باستمرار وهم لا يُصلون من أجلي.. بل لسان حاله يقول: "إنني أحمل كل الخليقة التي تئن مُتعبة من المشاكل والأحزان في قلبي، فأنا أقف أصلي من أجل الكل".
هذه الشهوات تموج داخل فكر الإنسان، وتسقطه في خطايا عديدة، منها الحسد.. فينظر الإنسان بالعين الحاسدة.. "كل حسد وكل تجربة وكل فِعل الشيطان" (من صلاة الشكر).
* فمن الممكن أن يطلب الإنسان في صلاته بعض الطلبات الخاطئة، التي لا يكون من حقه أن يأخذها.. بل من الممكن أن يطلب في صلاته نزعها من أصحابها.. وهكذا تتحول الصلاة إلى صلاة مرفوضة لأنها من قلب شرير.
* أيضًا إذا كانت العين الشريرة.. تنظر إلى مناظر معثرة، فيتحول القلب إلى قلب غير نقي، به خطايا دنسة مسيطرة عليه.. فتتحول صلاته إلى طلبات خاطئة ملوثة بخطايا الدنس.. هذه الشهوات الكامنة في القلب تعوق صلاة الإنسان.. والصلاة التي من القلب المدنس والمليء بهذه النوعية من الخطايا تعتبر من الصلوات المرفوضة.
* وأيضًا هذه الشهوات الناتجة من عدم عفة الإنسان تفقده الحرارة الروحية والتمتع بصلاته.. فيشعر بالخجل من الوقوف أمام الله.. فإما يغرس عدو الخير في عقله وفكره أنه لا بد أن يمتنع عن الصلاة حتى يبطل هذه الأعمال الدنسة.. وإما يُوحي له أن صلاته مرفوضة، وأنه عندما يُصلي يجرم في حق الله.
والهدف من هذا أو ذلك.. هو إيقاع الإنسان في اليأس ويبطل الصلاة.. وهنا يذكرنا القديس الأنبا موسى بقول يقول فيه: "الذي يتهاون بعفة جسده يخجل في صلاته".
هذا الخجل مفيد من ناحية أن يشعر الإنسان بعظمة الخطية، فيمتنع عنها من أجل الصلاة النقية.. فيسعى الإنسان ويُجاهد، ويستمر في حياة التوبة، حتى يُقلع عن هذه الخطايا.. وبالتالي تتحول صلاته إلى صلاة نقية مقبولة عندما ينقي قلبه من هذه الخطايا.
* العقل المرتبط بالشهوات لا يرى موضع للصلاة الروحية، لأن هذا العقل يكون قد تشبع وامتلأ من هذه الشهوات ولا يوجد أي مكان للصلاة.. ولذلك من الممكن أن تكون خطايا الإنسان فاصلًا بينه وبين الله، وهذا ما قاله صريحًا بإشعياء النبي: "ها إنَّ يَدَ الرَّب لم تقصُرْ عن أنْ تُخَلّصَ، ولم تثقَلْ أُذُنُهُ عن أنْ تسمَعَ. بل آثامُكُمْ صارَتْ فاصِلَةً بَينَكُمْ وبَينَ إلهِكُمْ، وخطاياكُمْ ستَرَتْ وجهَهُ عنكُمْ حتَّى لا يَسمَعَ" (إش59: 1-2).
* هذه الخطايا التي صارت كفاصل بيننا وبين الله.. لابد أن تكون كبيرة لأن الله الحنون "لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا" (طلبة آخر كل ساعة).
* فالقلب الطاهر ليس هو القلب الذي قد تطهر من الخطية فقط.. بل أيضًا القلب غير المنقسم على ذاته.. (ونعني هنا القلب الذي لا يعرج بين محبة الله ومحبة العالم).
وللحديث بقية..
إلهنا الصالح يعطينا أن نحيا حياة الشكر المستمرة..
ولإلهنا كل المجد والإكرام من الآن وإلى الأبد آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/conditions.html
تقصير الرابط:
tak.la/h45wzby