عناوين:
(إظهار/إخفاء)
مرتل ومدرس للألحان في الإكليريكية
منحه رتبة البكوية
غيرة على التراث الأبوي
كان والده باشكاتب الأموال بوزارة المالية، ومع أنها وظيفة بسيطة تعكس تواضع الأسرة التي نشأ فيها إلا أن البابا كيرلس الخامس قد حبا هذه الأسرة صداقته إلى حد أنه كان ينزل أحيانًا ضيفًا عليها. وقد ولد ميخائيل في 14 سبتمبر سنة 1873، وما كاد يبلغ الثالثة من عمره حتى أصيبت عيناه بالرمد وفقد الطفل ميخائيل بصره. لكن هذا الواقع الأليم لم يثبط من عزيمة الوالد الذي ألحق ابنه بكُتَّاب المعلم أبو السعد بالأزبكية، فقضى سنتين في هذا الكُتَّاب (1879-1881 م.) ودرس المزامير والتسبحة واللغة القبطية، ثم أدخله أبوه مدرسة الأقباط الكبرى حيث درس لمدة أربع سنوات.
درس بالأزهر من سنة 1885-1891 م.، وفي هذه الفترة أتقن علوم النحو والصرف والبيان، كما استمع إلى ألفية ابن مالك من الشيخ محمد بصرة. وخلال السنة الثانية من دراسته بالأزهر رأى البابا كيرلس في صوت هذا الناشئ وفي حفظه السليم لكل ما تلقَّنَه من الطقوس والألحان المؤهلات الوافية لرسامته شماسًا فرسمه بيده الكريمة. ولما أتمَّ ميخائيل دراسته بالأزهر عيَّنه البابا مرتلًا بالكاتدرائية المرقسية، وازداد تقدير البابا لهذا المرتل المحب لكنيسته فعينه أيضًا مدرسًا للألحان في الإكليريكية في 2 نوفمبر سنة 1893 م. التي كان قد افتتحها قبل ذلك بسنة.
كان قد التحق بالإكليريكية حال تخرجه في الأزهر وهناك درس اللاهوت والعقيدة على يديّ القمص فيلوثاؤس عوض، أما الألحان فقد تلقنها عن المعلمين أرمانيوس وصليب. وإلى جانب ذلك كان يحفظ اللغة القبطية عن ظهر قلب لقلة الكتب وخاصة المكتوبة بطريقة برايل. هذا الحماس للتعلم وهذه الغيرة على كل ما تسلمه أثبت بهما جدارته حتى عينه المسئولون سنة 1895 م. مدرسًا لطقوس الكنيسة وعلم الدين واللغتين القبطية والعربية بمدرسة المكفوفين بالزيتون.
لحرصه الشديد على تقديم كل معلوماته لتلاميذه استخدم طريقة برايل في تعليم اللغة العربية، وإذ لم يجد لها مثيلًا في القبطية صنع لها بنفسه حروفًا على نفس النمط. وحدث سنة 1903 م. أن زار الخديوي عباس حلمي الثاني المدرسة، فألقى المعلم ميخائيل بين يديه قصيدة باللغة القبطية ثم ترجمتها العربية، وكان قد لحَّن نشيدًا مناسبًا، ولقنه للتلاميذ فأنشدوه تحت إشرافه، فأبدى الخديوي سروره وارتياحه وحيا المعلم بقوله: "برافو يا ميخائيل بك"، ومعنى هذه الكلمات أنه منح المعلم ميخائيل رتبة البكوية التي كان الكثيرون يشتهون أن يحصلوا عليها.
على أن المعلم ميخائيل جمع إلى جانب علمه الوافر وإتقانه للألحان التواضع الجم والبساطة المتناهية حتى لقد شابه الأطفال فيها، كذلك امتلأت نفسه غيرة على التراث الأبوي إلى حد التفاني في تلقينه للأجيال الصاعدة، فلم يكتفِ بكونه مرتلًا لكنيسة كبرى ولا معلمًا بالإكليريكية بل كان ينتقل بين الجمعيات حيث يحيط به جميع راغبي الاستمتاع بالارتواء من نبعه المنساب، لأن الألحان كانت تنبعث من عمق أعماقه فترتفع في تقوى وخشوع وفي عذوبة تهز القلوب. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء). ولقد جمع بين العذوبة والعمق والقوة مما جعل الألحان تنساب عنه انسياب نور الفجر، وكان وهو يعلم يستمع بِكُلِّيته إلى تلاميذه فما أن تصل إلى أذنه المرهفة همسة خاطئة وسط اللحن حتى يطالب بإعادتها مرة ومرات إلى أن يتأكد من أنهم أتقنوها.
يقول عنه أحد محبيه: "في ثوبه البسيط ومعطفه المتواضع كنت تراه في الكاتدرائية أو الإكليريكية بمهمشة أو الأنبا رويس يبذل دمه وأعصابه في تسليم الذخيرة الثمينة التي حفظها باجتهاده وبعصاميته. لم يبخل على أحد قط، كل من يسأل تجويدًا للحن كان يجيبه طلبه على الفور ولو جلس معه الساعات الطوال. كان صوته ينساب باللحن العذب في غسق الفجر وعند سكون الليل، وما كان ليحول دون ذلك قيظ الظهيرة أو لفح الهجير ولا برد الشتاء أو هطول الصقيع. سيان عنده أن يكون طالب المعرفة مبتدئًا أو شيخًا، نفس الاهتمام ونفس الغيرة، فقد كان يعتبر نفسه وكيلًا على أمانة، وكان يريد أن يسلم الأمانة كاملة دون نقصان، فحتى آخر حياته كان لا يفتر عن التفكير في واجبه المرهق".
بعد أن أدى صلوات البصخة المقدسة من يوم أحد الشعانين إلى مساء الأربعاء، كانت نياحته فجر يوم خميس العهد في إبريل سنة 1957 م.
* انظر أيضًا:
صور المعلم ميخائيل جرجس البتانوني.
_____
*
المرجع
إيريس حبيب المصري، قصة الكنيسة القبطية، الكتاب التاسع صفحة 171.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/Saints/Coptic-Orthodox-Saints-Biography/Coptic-Saints-Story_1747.html
تقصير الرابط:
tak.la/h2mg5qq