منها الشك في الدين والله والعقيدة. والشك في الناس، وفي الأصدقاء، بل الشك في النفس أيضًا. والشك في الفضائل، وفي إمكانية التوبة أو في قبولها، والشك في الخدمة وفي طريق الحياة.
كأن يشك الشخص في وجود الله. وهذه حرب فكرية مصدرها الشيطان، تأتي في سن معينة، وهي دخيلة على الإنسان.
وقد يكون سببها الكتب وأفكار الملحدين أو معاشرتهم، والناقشة يف أمور أعلى من مستوى الإنسان. وقد تأتي من بحوث منحرفة في الفلسفة أو في العلوم أو تاريخ الكون ونشأته. وقد يثيرها أشخاص على مبدأ [خالف تعرف]..
وقد لا يكون الشك في وجود الله، وإنما في معونته وحفظة، وفي محبته وفي صدق مواعيده، وفي جدوى الصلاة..
إن رفقة لما شكت في مواعيد الله من جهة مباركة يعقوب، لجأت إلى طريقة بشرية خاطئة فيها خداع لإسحق. ( تك27).
وإبراهيم أبو الآباء في وعود الله من جهة نسل كنجوم السماء ورمل البحر، لجأ هو أيضًا إلى طرق بشرية.. (تك16).
وقد يأتي من تأثير الطوائف الأخرى بحضور اجتماعاتهم، أو قراءة كتبهم ونبذاتهم، وبخاصة لمن ليس له أساس راسخ في العقيدة.. كمن يحضر اجتماعات السبتيين أو يستقبل مبشرين من شهود يهوه، أو يتأثر بكتابات أو عظات غير أرثوذكسية... فيبدأ الشك يدخل إلى قلبه وفكره.
والفروض أن يكون الإنسان ثابتًا في عقيدته. وما أجمل قول الرسول:
"مستعدين كل حين، لمجاوبة كل من يسألكم عن سر الرجاء الذي فيكم" (1بط3: 15).
وهكذا يكون الإنسان في عقيدته مبنيًا على الصخر، وقد يحاول البعض أن يقنعك بأن دراسة العقيدة جفاف بعيد عن الروحانية، لكي لا تدرس ثم تقع في الشك إذا حوربت بسؤال صعب. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). أما أنت فاقرأ الكتب الروحية، وادرس الكتب العقيدية واللاهوتية أيضًا...
هذا الشك سببه قلة الثقة، أو قلة المحبة. إن الإنسان إذا أحب شخصًا محبة حقيقية، يثق فيه، وبالتالي لا يشك..
والعلاج هو العتاب، بجو من الصراحة والمواجهة، وفي محبة...
وكذلك عدم التأثر بالسماعات والوشايات، وعدم تصديق كل ما يقال.. لأنه كثيرًا ما يكون الاتهام مبنيًا على ظلم، مهما كانت تبدو الدلالات واضحة...! ولا يصح أن تحكم على أحد حكمًا سريعًا، وبدون الاستماع إليه...
ربما خطأ فردي، تطبقه على الكل... خطأ فرد في جماعة، يطبق على كل الجماعة! أو سقطة فرد في أسرة، تجلب الشك في كل الأسرة، وربما يكون بعض أفرادها صالحين جدًا... بل قد يتمادَى الشك حتى شعبًا بأكمله أو بلدًا بأكمله..
كأن يشككك شخص قائلًا: ما لزوم الصوم؟ وهل الفضيلة الجسدية لها قيمة؟ وما معني الحرمان؟ وما لزوم العفة؟! وما لزوم الصلاة مادام الله يهتم بنا دون أن نصلي؟!
وقد يتمادَى ليقول لك: ما لزوم الفضائل؟! إنها أعمال. أو ناموس!! والإنسان لا يتبرَّر بالناموس!!
أو قد يقول لك: خذ راحتك! مادامت مؤمنًا، فلن تهلك! حتى إن سقطت سبع مرات فلابد ستقوم!
وقد يأتي الشك في المبادئ والقيم.
الشك في ما هو الحلال وما هو الحرام؟
الشك في المخترعات الحديثة كالتلفزيون والراديو والسينما والموسيقي، وهل هي حرام أم حلال؟ والشك في أشياء كثيرة جديدة على المجتمع، مثل تحديد النسل، وأطفال الأنابيب... إلخ.
والأمر يتوقف على الروح وليس الحرف. وكذلك على الفهم والدراسة.
فالسينما حسب نوعية استخدامها، تكون حرامًا أو حلالًا، وكذلك التليفزيون والراديو والفيديو والموسيقي والتمثيل.. هل هي تستخدم للخير أو للشر؟
أحيانًا يشك الإنسان في نفسه، فلا تكون له ثقة في نفسه، ولا في قدراته وإمكانياته...! كالطالب يشك في قدرته على النجاح، أو في كفاية الوقت له...أو إنسان يشك في تصرفاته، هل هي سليمة أم خاطئة؟ وهل هو محبوب من الناس أم مكروه.
الطفل يحدث له هذا. ولذلك نعطيه الثقة بالمديح وبالتشجيع.
أما التربية القاسية وكثرة التوبيخ، فقد تولد عقدة الشك في النفس.
حتى الكبار يحتاجون أيضًا إلى تشجيع وإلى كلمة طيبة، وإلى رفع روحهم المعنوية، وبخاصة إن كانوا في حالة مرض أو ضيق، أو في مشكلة وضائق، حتى لا يدركهم اليأس. وحتى لا يقول الواحد منهم... لا فائدة.. قد ضعت!! وهكذا يشك في مصيره..
وقد يشك الإنسان في طريقه في الحياة، وما الذي يناسبه ويصلح له؟
هل حياة الزواج أم البتولية؟ أم الرهبنة أم الخدمة أم التكريس هل يقوي على هذا الطريق أم لا؟ وهل يثبت فيه أم يندم عليه وهل تصلح له هذه الدراسة أو هذه الوظيفة أم تصلح؟
ربما تكون مجرد أسئلة، وقد ترتفع إلى مستوى الشكوك وتتعب النفس وتحيرها.
وقد يصل فيها الشخص إلى مرحلة من التردد يعجز أن يبت فيها بقرار. وقد يلجأ إلى الاستشارة ويستمر معه الشك، أو يلجأ إلى القرعة ويستمر أيضًا معه الشك.
يعض الناس: المراحل المصيرية أمامهم محاطة بالشكوك، وطريقهم غير واضح لهم، يقفون أمامه في تردد.
والأمر يحتاج إلى الثبات في الهدف وفي الوسيلة، وفي المبادئ الروحية. ويحتاج أيضًا إلى معرفة للنفس وصراحة في مواجهتها وتحديد اتجاهاتها وإمكانياتها.
أما الشك في القدرة، فيسنده قول القديس بولس الرسول: "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (في4: 13).
كثيرًا ما يشك الخادم في خدمته، هل هي ناجحة أم فاشلة؟ وهل يستمر فيها أم ينقطع عنها؟
وربما يكون السبب أنه يهتم بالثمر السريع. فإذا لم يأت، يشك في خدمته.
ولعلنا نأخذ درسًا من الزراعة، إذ تحتاج البذرة إلى وقت حتى تنمو، وإلى وقت حتى تشتد وتصبح شجرة.
إن أم أوغسطينوس استمرت تصلي من أجل أوغسطينوس صلوات طويلة، دون أن يبدو هناك ثمر. ولم تشك...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/cpghvg2