إن الذين خافوا من جليات الجبار، ضعفوا أمامه ولم يستطيعوا أن يقاوموه. أما داود الذي لم يخف، فقد تقدم إليه بجسارة قلب، معتمدًا على معونة الرب، وانتصر عليه. وقصة داود وجليات تصلح رمزًا لحروب الشياطين. ولعلك تسأل داود عن السر في عدم خوفه فيقول:
"الرب نورى وخلاصي ممن أخاف ؟ الرب عاضد حياتي ممن ارتعب ؟ (مز 27: 1)، ويستطرد "إن يحاربني جيش فلن يخاف قلبي. وإن قام على قتال، ففي هذا أنا مطمئن". لذلك أدخل حروب الشياطين بقلب مطمئن، وحارب حروب الرب وأنت واثق أنك ستنتصر بمعونته. ما أصعب وما أخطر ما قيل في سفر الرؤيا عن الخوف: "وأما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الأوثان وجميع الكذبة، فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت" (رؤ 21: 8).
وهكذا وضع الخائفين قبل غير المؤمنين وقبل القتلة والزناة!
ولعلك تسأل لماذا؟ ربما لأن الذي يخاف من الشيطان ويستسلم له، يقع في كل هذه الخطايا. أو لأن الذي يخاف من الشيطان ويخضع له، يكون خائفًا في اليوم هذه الخطايا. أو لأن الذي يخاف من الشيطان ويخضع له، يكون خائفًا في اليوم الأخير، لأنه لم يجاهد ويغلب مثل المؤمنين المختارين.
ليتك تقرأ سير القديسين الذين لم يخافوا الشياطين.
إقرأ عن القديس الأنبا أنطونيوس الذي كانت الشياطين تظهر له على هيئة أسود ونمور ووحوش مفترسة، تصبح بأصواتها المرعبة لتخفيفه فيترك البرية، ولكنه لم يخف، وكان يجيبها بهدوء. أو اقرأ عن القديس مقاريوس الكبير الذي الذي نام في مقبرة، قد وضع جمجمة تحت رأسه. فكلم الشياطين صاحبة هذه الجمجمة بصوت مسموع لكي تقوم معهم. فلم يضطرب القديس، بل رفع رأسه قليلًا عن الجمجمة، وقال لها "إن أردت، قومي واذهبي معهم إلى الجحيم"..
أما انتم فلا تخافوا. لن تحاربكم الشياطين بهذه المخاوف التي حاربت بها القديسين. وهوذا الرسول يطمئنكم قائلا:
الله أمين.. لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون (1كو 10: 13).
إن الله لا يسمح للشيطان أن يجربكم بما هو فوق احتمالكم "بل سيجعل مع التجربة المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا" (1كو 10: 13)، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. لهذا لا تخافوا مطلقا من الشياطين وحروبهم، سواء كانت بمخاوف أو بخطايا. إن الشيطان قد يثير ضجة ليخيف، ولكنه لا يستطيع أن يعمل شيئا للمؤمن الصامد.
إني أشبه ضجيج الشيطان بقصة الثعلب والطبلة.
كانت هناك طبلة معلقة على شجرة، تعصف بها الريح فتحدث صوتًا مهولًا. ومر عليها ثعلب وراعه هذا الصوت الضخم فخاف أولًا. ثم تجرأ وهجم عليها، فرآها فارغة من الداخل، فضحك واحتقرها. يشبه ذلك أيضًا البالونة الكبيرة التي تبدو ضخمة. ولكن شكة دبوس صغير، تجعلها كلا شيء..
هكذا الشيطان في حروبه: ضجيج بلا قوة. يحاول أن يخيف، ولكنه لا يملك قوة. والشيطان ليس كائنا مطلق الحرية يفعل ما يشاء.
هناك الله ضابط الكل، يمنع الشيطان حسبما يشاء.
وفي قصة أيوب الصديق، ما كان الشيطان يتصرف حسب هواه، بل إنه لا يحارب إلا في النطاق الذي يسمح به الله (أى 1، 2).
إنه ليس قوي الشكل الذي تخافه. بل مجرد علامة الصليب في إيمان، تجعله يهرب من أمامك.
يريد الشيطان أن يوهمك بأنه قوى. ولكن لا تصدقه.
و تذكر باستمرار انهزاماته المتكررة في قصص القديسين. وتذكر أولئك الذين كانت لهم قوة أن يخرجوه ممن صرعهم. وكيف كان يصيح في خوف أمام أولاد الله ويهرب. إن عرفتم ضعف الشيطان، قاوموه في شجاعة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/k76dk9f