والشيطان أيضًا ينشر حرية بلا قيد في الفهم اللاهوتي.
بحيث أن كل إنسان يفسر الكتاب كما يشاء، ويفهم منه ما يشاء، وينشر ما يفهمه. وبهذا تتبلبل الأذهان وسط مفاهيم خاصة. وأمكن بهذه الحيلة أن توجد مئات المذاهب داخل المسيحية. سببها هذه الحرية الخاطئة التي يقولون فيها إن كل إنسان له حرية الاعتقاد دون الخضوع لسلطة دينية!!
إن الكنيسة لها إيمان واحد. وليست هي مجموعة متناقضات.
هذا الإيمان علم به الكتاب المقدس، فقال "رب واحد، إيمان واحد" (أف4: 5). ولجمهور المؤمنين "قلب واحد، ونفس واحدة" (أع4: 32).
والكنيسة هي جسد واحد، مهما تعددت أعضاؤه، وهذا الجسد رأسه المسيح (أف5: 23). ومادام رأسها هو المسيح، فباستمرار لها فكر المسيح (1كو2: 16). وفكر المسيح واحد لا تناقض فيه.
فماذا إذن عن حرية الاعتقاد؟ ما حدودها؟
نحن لا نعارض أن كل إنسان له حرية الاعتقاد. ومحال أن يعتقد شيئًا على الرغم منه. فالذي له اعتقاد الكنيسة يصير عضوًا في الكنيسة. ومن ليس له اعتقادها يبقى خارجًا عنها، بكامل حريته. ويبقى للكنيسة إيمانها الواحد. والكنيسة لا تتعدى على حرية أحد، ولا ترغمه على الأيمان. ولكن:
ليس لأحد أن يدعى عضويته في كنيسة لا يؤمن بمعتقداتها.
وهنا يكون دفاع الشيطان عن الحرية لا معنى له. فالحرية موجودة. ولكن كل من يقبل أن يكون عضوًا في كنيسة عليه أن يلتزم بعقائدها. وهذا أمر بديهي. فإن لم يلتزم بعقائدها، يكون قد خرج منها بإرادته. وينطبق عليه قول القديس يوحنا الحبيب "منا خرجوا، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. ولكنهم لم يكونوا منا. لأنهم لو كانوا منا، لبقوا معنا" (1يو2: 19). نقول هذا، لأنه باسم حرية الاعتقاد، نجد أنه في بعض كليات اللاهوت، في جهات كثيرة من العالم، يدرس المحاضرون ما يشاءون دون الالتزام بعقيدة الكنيسة التي ينتمون إليها، أو التي يدرسون عقائدها. فيدخل الأستاذ إلى المحاضرة، ويقول الذي يعجبه!
وهكذا وجد في بعض الكليات أساتذة لاهوت ملحدون!!
وأفلح الشيطان، باسم الحرية الزائفة، أن يضرب ضربته وينجح!!
أما الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية، الملتزمة "بالإيمان المسلم لنا من القديسين" (ية3)، فلم تسمح بهذا مطلقًا، بل كانت تحكم بحرم المبتدعين والمنحرفين وإخراجهم، لكي تبقي الكنيسة بإيمان واحد، تسلمه سليمًا للأجيال المقبلة. وهكذا قال القديس بولس الرسول في قوة:
"إن بشرناكم نحن، أو ملاك من السماء، بغير ما بشرناكم به، فليكن أناثيما" (غل1: 8). وقال القديس يوحنا الحبيب "إن كان أحد يأتيكم، ولا يجيء بهذا التعليم، فلا تقبلوه في البيت، ولا تقولوا له سلام. لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة" (2يو10، 11). إنه حزم شديد من أكثر الرسل حديثًا عن المحبة.
لذلك كانت الكنيسة حريصة على الإيمان، تدافع عنه ضد أي انحراف. ولا تقبل مطلقًا أي انحراف إيماني يدخل إلى الكنيسة باسم الحرية! لينشر أفكارًا خاصة...!
لذلك فإن الشيطان لا يقبل سلطان الكنيسة، ويحارب السلطان الكهنوتي.
خذوها قاعدة ثابتة على مدي أجيال التاريخ: كل من ينحرف في عقيدته، إذا لم يتب، لابد أن يحارب السلطان الكهنوتي، أي يحارب القوة التي تحكم على انحرافه بسلطان من الله (متى18: 18، يو20: 23).
ولما كان الشيطان ينشر أفكاره وانحرافاته في كل ميدان، وليس في محاربة الكنيسة وحدها، لذلك فقد لجأ الشيطان إلى حيلة معروفة وهي:
الوقوف ضد السلطة عمومًا، في كل مجالاتها...
ويقصد طبعًا أن يقف ضد كل سلطة سوف لا تقبل الانحراف أو الخطأ، بل تحاربه وتمنعه أو تعاقبه، وذلك لكي يستمر الخطأ...
فهو يحارب سلطة الأب في الأسرة، دفاعًا عن شخصيته الأبناء!
وهو يحارب سلطة المعلم في الكلية أو المدرسة، لخلق جيل قوي!
وهو يحارب سلطة الدولة، باسم الديمقراطية وحقوق الشعب!
وهو أيضًا يحارب سلطة الله، لكي يشعر الإنسان بوجوده هو!
وبالتالي يحارب سلطة الإكليروس، كوكلاء لله على رعيته (تى1: 7).
الشيطان لا يريد وجود رقيب يضبط الأخطاء ويقومها. بينما الله يقول "قد جعلتك رقيبًا... فاسمع الكلمة من فمي، وانذرهم من قبلي" (حز3: 17). يريد الشيطان أن تبقي كل الأمور، بلا ضابط، بلا رقيب، بحرية طائشة، كما يقول الكتاب عن عهد القضاة: ولم يكن ملك في إسرائيل في تلك الأيام. وكان كل واحد يفعل ما يحسن في عينيه" (قض17: 6)... كل واحد يعمل ما يعجبه، وينشر ما يعجبه من آراء ومعتقدات. وإن وقفت ضده سلطة يهاجمها، بل يهاجم مبدأ السلطة عمومًا!! وهذه خطة الشيطان...
ومن ضمن خطط الشيطان أيضًا:
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/87yy4h3