مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب حياة التوبة والنقاوة - البابا شنودة الثالث📖

109- الإشفاق على المخطئين

 

6- الإشفاق على المخطئين:

قال مار اسحق "الذي ينوح على نفسه، ليس يعرف سقطات غيره، ولا يلوم أحدًا على إساءة".

إنْ تاب إنسان، ففي شعوره بالانسحاق وعدم الاستحقاق، لا يفكر مطلقًا في خطايا غيره، ولا يدين أحدًا، إذ هو نفسه واقع تحت الدينونة بسبب خطاياه. وكما قال السيد للذين أرادوا رجم المرأة الخاطئة "مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلًا بِحَجَرٍ" (يو 7:8).

St-Takla.org Image: Saint John the Dwarf (Saint John the Short, Saint John Colobus, Saint John Kolobos or Abba John the Dwarf, St. Yehnes the Short). صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس الأنبا يوحنس القصير، الأنبا يحنس القصير، الأنبا يوحنا القصير، أبو يحنس القصير.

حقًا إنَّ المشغول بإخراج الخشبة التي في عينه، لا يستطيع أنْ يدين القذى الذي في عين أخيه (متى 5:7). وكلما يأتيه فكر إدانة لأحد، يقول لنفسه: أنا سقطت في كذا وكذا. وهذا الإنسان أبرّ مني، لأنَّ خطاياي أكثر منه بكثير...

إنَّ الانسحاق ينزع من قلب التائب كل قسوة، ويعطيه رحمة على كل أحد مهما أخطأ...

وتذكره لخطاياه يجعله يشفق على المخطئين ولا يدينهم، بل يبكي لأجلهم كما كان يفعل القديس يوحنا القصير في اتضاع قلبه. إذ كان حينما يرى أحدًا في خطية يبكي ويقول: إنْ كان الشيطان قد أسقط أخي اليوم، فقد يسقطني غدًا. وقد يفسح الرب لأخي فيتوب. وربما أسقط أنا ولا أتوب... (ويبكي).

ما أروع الكلمات التي قالها في ذلك بولس الرسول:

"اُذْكُرُوا الْمُقَيَّدِينَ كَأَنَّكُمْ مُقَيَّدُونَ مَعَهُمْ..." (عب 3:13).

"وَالْمُذَلِّينَ كَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي الْجَسَدِ".

إنَّ الذي لم يخطئ، قد يدين الخطاة بنزعة من الكبرياء. أمَّا الذي أخطأ، وجرب ضعف الطبيعة البشرية، فإنَّه يشفق عليهم.

ولنا مثال واضح في سيرة القديس موسى الأسود.

هذا الذي لما دُعي إلى مجمع رهباني لإدانة أخ أخطأ، ذهب إلى هناك وهو يحمل خلفه زنبيلًا مثقوبًا مملوءًا بالرمل. فلما سألوه عن هذا، أجاب: هذه خطاياي وراء ظهري تجري وأنا لا أبصرها. وقد جئت إلى ههنا لأدين أخي...

التائب لا يذكر خطايا غيره، حتى لو كانت ضده.

ذكر القديس الأب أموس أنَّه من علامات التوبة "الصفح عن خطايا القريب، وترك دينونة الآخرين، وتمسكن القلب".

ويقول مار اسحق "إنَّ التائب يكون له صبر كامل على الإهانة والملامة". ويقول القديس العظيم الأنبا أنطونيوس "إذا لامك أحد من الخارج، عليك أن تلوم نفسك من الداخل. فيكون هناك توازن بين خارجك وداخلك"...

التائب يغفر لغيره، كما غفر الرب له.

أو كي يغفر الرب له، حسب قوله الإلهي "اِغْفِرُوا يُغْفَرْ لَكُمْ" (لو 37:6). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ولما علمنا الرب الصلاة الربية، لم يُعلق إلاَّ على طلبة واحدة منها وهي الخاصة بطلب المغفرة، فقال "فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِمْ يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِمْ لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضًا زَلاَّتِكُمْ" (متى 15،14:6). ولتكن هذه المغفرة في حب، تتفق مع وصية "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ" (لو 27:6). وتتفق مع حياة الاتضاع اللائقة التوبة.

مشاعر أخرى تصاحب التوبة

حياة التوبة والنقاوة كتب البابا شنوده

إصلاح نتائج الخطأ

---