وهذا واضح من قول الرب عن الروح القدس "رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ" (يو 15: 26).
غير أن أخوتنا الكاثوليك أضافوا إلى قانون الإيمان كلمة Filioque ومعناها باللاتينية "ومن الابن". وهذه الإضافة كانت سببًا لانقسام في الكنيسة، ولا تزال. وإن كان السيد المسيح قد قال "المعزي الذي أنا أرسله إليكم من الآب" (يو 15: 26) وأيضًا "إن لم أنطلق، لا يأتيكم المعزي. ولكن إن ذهبت، أرسله إليكم" (يو 16: 7).. فمن المهم أن نعرف:
إن هناك فرقًا لاهوتيًا كبيرًا بين الإرسال والانبثاق.
فالإرسال في حدود الزمن. أما الانبثاق فهو منذ الأزل.
السيد المسيح أرسل الروح القدس للتلاميذ في يوم الخمسين. ولكن الروح القدس كان موجودًا قبل ذلك، لأنه روح الله. وقد قيل عنه في قصه الخليقة "في البدء خلق الله السموات والأرض. وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة. وروح الله يرف على وجه المياه "(تك 1: 1، 2).
والكتاب المقدس يذكر لنا عمل الروح القدس في العهد القديم، وحلوله على الأنبياء وبعض شخصيات الكتاب:
يذكر كيف أن روح الله قد حل على شاول الملك فتنبأ (1 صم 10: 10، 11) ثم كيف فارقه روح الرب (1صم 16: 14). ويذكر لنا أن روح الرب حل على داود (1صم 16: 13)وأن روح الرب كان يحرك شمشون (قض 13: 25). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وأن روح الرب قد حل على شمشون (قض 14: 6). كما يحدثنا الكتاب عن عمل روح الرب مع حزقيال النبي، كما في (حز 37: 1). وما أكثر ما ورد عن روح الله في مزامير داود النبي.
والحديث عن عمل روح الله في العهد القديم هو حديث طويل، كذلك فترة ما بين العهدين قبل ميلاد السيد المسيح.
فقد قيل عن يوحنا المعمدان في البشارة به "ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس" (لو 1: 15). وقيل عن أمه أليصابات "وامتلأت أليصابات من الروح القدس" (لو 1: 41). وقيل عن زكريا الكاهن "وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ" (لو 1: 67).
قيل أيضًا للسيدة العذراء في بشارتها بالسيد المسيح "الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك.." (لو 1: 35). وقال ليوسف النجار عنها "أن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس" (مت 1: 20). وقيل عن سمعان الشيخ إنه "كان بارًا تقيًا ينتظر تعزية إسرائيل، والروح القدس كان عليه. وكان قد أوحي إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت قبل أن يرى المسيح الرب" (لو 2: 25، 26).
إذن مسألة إرسال السيد المسيح للروح القدس على التلاميذ في يوم الخمسين، لا علاقة لها مطلقًا بانبثاق الروح القدس من الآب منذ الأزل.
فالروح القدس هو روح الله، وهو أقنوم الحياة في الثالوث القدس. والله حي بروحه. والروح القدس منبثق من الذات الإلهية منذ الأزل، قبل أن توجد خليقة. وقبل أن يوجد تلاميذ يرسله الرب إليهم.
وكمثال نقول: كما أنه قيل عن تجسد الابن "ولكن لما جاء ملْ الزمان أرسل لنا الله ابنه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس ليفتدى الذين تحت الناموس" (غل 4: 4، 5).. وعلى الرغم من إرسال الابن إلى العالم في ملء الزمان، ألا أن الابن كان مولودًا من الآب منذ الأزل. بل أن "كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان" (يو 1: 3). فولادته الأزلية شيء، وإرساله في ملء الزمان شيء أخر.. هكذا الأمر مع الروح القدس: انبثاقه الأزلي من الآب شيء، وإرساله في يوم الخمسين على التلاميذ شيء آخر.
ولئلا يظن البعض أن الروح القدس أقل من الآب والابن!!
باعتباره الأقنوم الثالث، أو لأن الابن قد أرسله من عند الآب، لذلك قيل في قانون الإيمان: "نسجد له ونمجده مع الآب والابن".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/bp2mmsv