أما عن مثل العشار، فيقول القديس لوقا الإنجيلي عن الرب:
(وقال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار، ويحتقرون الآخرين، هذا المثل: إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا، واحد فريسي والآخر عشار) (لو 18: 9، 10) وانتهى المثل بعبارة: (لأن كل من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع).
هنا إذن تركيز على مقارنة بين الكبرياء والاتضاع.. أو مقارنة بين الافتخار والانسحاق.. وكيف أن الإنسان ينخفض ويدان بالكبرياء والافتخار، بينما يتبرر بالاتضاع والانسحاق.
ولكن الإخوة البروتستانت الذين ينادون بأن التبرير بالإيمان، يركزون هنا على عبارة: (نزل إلى بيته مبررًا دون ذاك) التي قيلت عن العشار بسبب اتضاعه وانسحاقه!
فهل هم يؤمنون أن التبرير يكون بالاتضاع؟!
إن الاتضاع عمل، والانسحاق عمل، والاعتراف بالخطية عمل. فهل يخلص العشار بأعماله؟وما مركز الدم والكفارة والفداء؟ حيث لا إشارة إلى شيء من كل هذا !!
إن عبارة: (نزل مبررًا دون ذاك) تعنى ببساطة أن الرب يقبل توبة المتضعين المستحقين بقلوبهم، ويرفض افتخار المتكبرين. أو تعنى أن الله يرفع المتضعين، ويخفض المتكبرين، كما يفهم من ختام هذا المثل (لو 18: 14)
إن الرب لم يضرب هذا المثل إطلاقًا ليشرح قضية الخلاص، أو ليذكر أن الخلاص يمكن أن يتم في لحظة.
ومع ذلك فإن في هذا المثل معنيين أرثوذكسيين:
أولهما الاعتراف بالخطية، والثاني هو الصلة بالهيكل (بالكنيسة).
لقد ذهب العشار إلى بيت الرب، ليعترف بخطيئته، ويشرح عدم استحقاقه وقف من بعيد، لا يشاء أن يرفع عينيه إلى السماء، ثم قرع واعترف بخطيته لم (يطالب بحقوقه) كما يفعل البعض!! إنما طلب الرحمة في انسحاق، وشعور بعدم الاستحقاق..
هنا يعترض البعض بأن العشار خلص بدون معمودية وتناول!
فنرد عليهم بأنه ما كان ممكنًا في هذا المثل التحدث عن أسرار الكنيسة، لأنها لم تكن قد تأسست بعد، فأسرار الكنيسة تأسست على دم المسيح، الذي لم يكن قد سفك بعد!!
المعمودية هي موت وقيامة مع المسيح (رو 6: 4، 5) والمسيح عندما قال هذا المثل، لم يكن قد مات بعد.. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ما كان ممكنًا للعشار أن يقول عن المسيح مع الرسول: (مدفونين معه بالمعمودية) (كو 2: 12) وهكذا أيضًا عن باقي الأسرار التي تأسست على استحقاقات دم المسيح..
كذلك لم يكن الحديث عن الأسرار هو هدف هذا المثل.
إنما كان قصده تبكيت قوم (واثقين بأنفسهم أنهم أبرار، ويحتقرون الآخرين) ومع كل هذا،، لا مانع من أن نرجع إلى السؤال الأساسي ونرد عليه وهو:
هل يفهم من المثل أن العشار نال الخلاص في لحظة؟
إن انسحاق العشار وتوبته واعترافه وطلبه الرحمة، كل ذلك يعطيه استحقاقًا للمغفرة، كأي استحقاق للمغفرة في العهد القديم، ينتظر دم المسيح لسداد أجرة الخطية..
فلو عاش منسحق وتائب ومعترف مثل هذا أيام المسيح، لكان عليه لكي ينال الخلاص متى تأسست الكنيسة، بعد الفداء وحلول الروح القدس.. أن يذهب ويعلن إيمانه بالمسيح المصلوب القائم، وينال المعمودية لمغفرة الخطايا (أع 2: 38).
وبهذا لا يكون قد خلص في لحظة، لأنه (بدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عب 9: 22).
أما لو كان هذا العشار قد عاش ومات قبل صلب المسيح، لكان عليه أن ينتظر في الجحيم، إلى أن يخرجه الرب بعد الصلب مع آدم والأنبياء وباقي القديسين، ولا يكون قد خلص في لحظة..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/fa9xsm3