وهكذا يقول بولس الرسول: (كذلك أنتم أيضًا، أحسبوا أنفسكم أمواتًا عن الخطيئة، ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع.. إذن لا تملكن الخطيئة في جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته) (رو 6: 11، 12).
هذا الكلام جميل جدًا، يشرح لنا الإيمان الأرثوذكسي تمامًا (لا تملكن الخطيئة في جسدكم المائت). لقد دخلنا الخلاص بالموت. ولابد أن يستمر جسدنا مائتًا عن الشهوات العالمية. وطالما هو مائت، فان الخلاص يسرى فيه. أما أن بدأت شهوات الجسد تقوم من هذا الموت وتتحرك، فإننا نكون حينئذ عرضة لأن نفقد الخلاص، لأن الخلاص لا يتم إلا بالموت.
لذلك فإننا نصلي إلى الله في قطع الساعة التاسعة ونقول: (أمت حواسنا الجسمانية أيها المسيح إلهنا ونجنا).
ولعل هذا تنفيذ لقول الكتاب: (ولكن إن كنتم بالروح تميتون أعمال الجسد فستحيون) (رو 8: 13).
ألا يقول بولس الرسول: (إذن الموت يعمل فينا) (2كو 4: 12).
وهكذا يقول بولس الرسول أيضا (لأننا نحن الأحياء نسلم دائما للموت من أجل يسوع، لكي تظهر حياة يسوع أيضا في جسدنا المائت) (2 كو 4: 11). ويقول أيضًا: (إن كان المسيح فيكم فالجسد ميت بسبب الخطيئة، وأما الروح فحياة بسبب البر) (رو 8: 10). كما يقول أيضًا: (أننا من أجلك نُمات كل النهار. قد حسبنا مثل غنم للذبح) (رو 8: 36). وهكذا نعيش (حاملين في الجسد كل حين إماتة الرب يسوع، لكي تظهر حياة يسوع أيضًا في جسدنا) (2 كو 4: 10).
إذن طالما نسير في طريق الخلاص لا بُد أن يكون الجسد ميتًا عن الخطيئة، لا بُد أن يعمل الموت فينا. إنسان يقول إنه قد خلص، وهو يحب العالم أو الأشياء التي في العالم، هذا بالحقيقة واهم (لأن محبة العالم عداوة لله) (يع 4: 4).
إن الخلاص يستمر بالموت، موت أعمال الجسد، موت شهوات الجسد،؟ موت عن العالم والمادة وطلباتها المحاربة للروح.
هنا تقف أمامنا الآية التي تقول: (لأنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه، فبالأولى كثيرًا ونحن مصالحون نخلص بحياته) (رو 5: 10). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ما معنى (نخلص بحياته)؟
أما أن يكون معناها أننا نخلص بحياته كشفيع، ككاهن إلى الأبد على طقس ملكي صادق (يقدر أن يخلص أيضا إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله، إذ هو حيّ كل حين ليشفع فيهم) (عب 7: 25). فنحن نخلص بحياته كشفيع. لأننا باستمرار نخطئ. وإن أخطأنا (فلنا شفيع عند الآب، يسوع المسيح البار) (1 يو 2: 1).
ونلاحظ هنا أن استمرار شفاعة المسيح فينا، معناه استمرار احتياجنا إلى الخلاص في كل حين، واستمرار عمل الخلاص فينا.
على أن هناك معنى جميلًا آخر لعبارة نخلص بحياته. وهو قول بولس الرسول: (مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ) (غلا 2: 20) يقول: (مع المسيح صلبت)، هذا هو الموت (صلب الجسد مع الأهواء والشهوات) كما يقول الرسول (غل 5: 24). بهذا نخلص، عندما يكون المسيح هو الذي يحيا فينا. وعبارة (أحيا لا أنا) معناها تسليم الإرادة تسليمًا كاملًا للرب. بحيث يقول الإنسان باستمرار: (لتكن لا إرادتي بل إرادتك). يكون كأنه ميت، غير موجود، يحيا لا هو، بل المسيح هو الذي يحيا فيه.
يقول للمسيح: إنني أخلص بموتك، وأخلص بحياتك في) وهذه هي الفكرة السليمة عن الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي: نحن قد خلصنا بموت المسيح عندما متنا معه في المعمودية. ونخلص أيضًا بحياة المسيح فينا، بتسليمنا الكامل لمشيئته في حياتنا، قائلين مع الرسول: (أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/y3g84j2