من هنا كانت أهمية العمل الإيجابي في الحياة الروحية. لأنه بدونه تكون مقاومة الخطية عملية صعبة ومريرة. وربما تكون أيضًا عملية خاسرة...! ولعلنا هنا نسأل:
ذلك لأن محبة الله ليست داخل قلبه. فهو يحارب من فراغ. يقاوم الخطية ثم لا يصمد. لأنه لا يملك السلاح الذي يحارب به. لا يملك القوة التي يصمد بها. ولا شك أن السلاح القوي الذي تنتصر به على الخطية. هو محبة الله التي تجعلك تنفر من الخطية وتقول" كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله" (تك39: 9).
إن محبة الله إن دخلت إلى قلبك، ستهرب منه الخطية تمامًا، هذه التي تشقي أنت في مقاومتها، وتقع وتقوم مرات بغير ثبات!
إن دخلت محبة الله إلى قلبك. لا تشعر بأي سلطان للخطية عليك. ولا تحتاج إلى جهد كبير في مقاومتها بل لا تجد داخلك هذا الصراع بين الجسد والروح. لأنك ستكون بطبيعتك نافرًا من الخطية. كما أن الشيطان لا يجد له مكانًا فيك... وكما قال السيد المسيح له المجد "رئيس هذا العالم يأتي، وليس له في شيء" (يو14: 30).
حاليًا تحتاج إلى صراع مع الخطية، لأن في داخلك شهوات عالمية تسقطك. توجد شهوات في قلبك تقاوم الله. فيدخل وأعوانه معه. لذلك شهوة الروح تجد مقاومة في داخلك من شهوة الجسد.
أما إن كانت محبة الله في قلبك، فسيكون بيتك محصنًا ضد أي خطية، فلا تجد سهولة مطلقًا في اقتحامه.
وحينئذ يمكنك أن تغنِّي مع داود النبي، وتقول لنفسك المحصنة "سبحي الرب يا أورشليم. سبحي إلهك يا صهيون لأنه قوي مغاليق أبوابك، وبارك بنيك فيك" (مز147).
محبة الله في داخلك، تجعل الخطية ضعيفة جدًا في مهاجمتها لك، لأن لا يوجد في داخلك ما يتفق معها... وتصبح أبواب قلبك مغلقة أمام الشيطان. لا يستطيع أن ينفذ إليها بضربة شمال أو بضربة يمين.
الحب في داخلك يحصن نفسك. وهذا الحب يلد في داخلك بنين كثيرين هم ثمر الروح من الفضائل وأعمال البر.
لذلك لا يقول المرتل لنفسك إن الله قد حصن مغاليق أبوابك. فقط من الناحية السلبية. إنما يقول لها أيضًا من الناحية الإيجابية وبارك بنيكِ فيكِ".
إنه جهاد مريح وسهل ومفرح للقلب، أن تجاهد الجهاد الإيجابي من أجل معرفة الله والنمو في محبته. وهو جهاد يختلف تمامًا عن الجهاد السلبي في مقاومة الخطية والشيطان.
إن ألذ شيء في الحياة الروحية هو هذا العمل الإيجابي. الذي هو مذاقه الله ومذاقه الملكوت. وهو التمتع بالله. والمعيشة معه في عمق محبته. وفيه لا تعود تقاسي من الحروب الروحية. ولا صراع ضد الخطية. لأنك لم تعد تتفق معها في طباعك. ولا يوجد في داخلك ما يرضَى بها...
هل تظن أن الإنسان يسقط في الخطية، بسبب أن الخطية قوية، والعثرات شديدة، والشيطان كثير الحيل؟! كلا، بل أنه يسقط بالأكثر لأن قلبه خال من محبة الله...
وإن كان يحب الله. فلن يجد الخطية شهية على الإطلاق. ولا يجدها مطلقًا قوية في حروبها... بل يرى نفسه ينفر منها خاطئة جدًا. ولا توافق طبعه النقي.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/87sjwh3