يبدأ بعض الشباب حياتهم الروحية بالتوبة وبالبكاء على خطاياهم حسبما ورد في بستان الرهبان... ويجعلون أمامهم الآية التي تقول "بكآبة الوجه يصلح القلب" (جا7: 2).
ويتمادَى هؤلاء في هذا الوضع، حتى تصبح الكآبة لهم وضعًا ثابتًا ومنهج حياة... ويتذكرون كيف أعطى الرب الطوبى للحزانَى (متى5: 4).
ويضعون أمامهم فضيلة [الدموع]، التي هي نابعة من فضيلة "انسحاق القلب"، وحديث القديسين عن هذه الموضوعات طويل يصعب أن نحصيه.
والدموع قد تكون من علامات التوبة... ومن دلائل الرقة والحساسية... وقد يكون من ثمارها الزهد والموت عن العالم...
ومع ذلك يحتاج من يسلك في هذا الأمر إلى إفراز شديد الأمر معه إلى العكس... لأن الاستمرار في الكآبة، وعدم السلوك فيها بحكمة... كل ذلك يؤدي إلى عديد من الأخطاء والنقائص سنذكر هنا بعضًا منها:
ما أسهل أن تتحول الكآبة الدائمة إلى عثرة تخيف الذين يريدون أن يقتربوا إلى الحياة مع الله، إذ يرون أن التدين هو كآبة وبكاء...!
صورة مشوهة عن الحياة مع الله، التي أرادها الرب أن تكون فرحًا دائمًا... كما يقول الرسول "افرحوا في الرب كل حين وأقول أيضًا أفرحوا" (في 4: 4)، وكما ذكر أن الفرح هو ثمار الروح (غل5: 22).
واستمرار الكآبة قد يستغله الشيطان فيلقي صاحبه في اليأس وَقَطْع الرجاء ويضعف روحه المعنوية... كما أن الكآبة قد تولد الضجر والملل.
والحكيم يعرف حدود الانسحاق والدموع، ويعرف كيف يخلطهما بالرجاء وبالعزاء... ويعرف كيف يحيا حياة الفرح في توبته، وفي انسحاقه، وفي دموعه التي تكون في الخفاء... ولا تكون دموعًا محرقة إنما دموعًا معزية.
الأمر إذن يحتاج إلى حكمة، لأن الدين ليس حرفية، وليس مجرد فضائل مبهمة... إنما هو روح وحياة.
فالذي يسلك في الانسحاق والدموع... عليه أن يفعل ذلك بحكمة... والذي يسلك في حياة الفرح، عليه أن يفعل هذا أيضًا بحكمة، حتى لا تقوده إلى الاستهتار واللامبالاة...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/47b667s