1- كما أن الذي يلتصق بامرأة، يصير معها جسدًا واحدًا (تكوين 2: 24) ، كذلك "من التصق بالرب فهو روح واحد" (1 كو 6: 17).
فالاتحاد الأول نسميه زواجًا جسديًا، والاتحاد الثاني نسميه زواجًا روحيًا وفي الكتاب المقدس أمثله عديدة لهذا الزواج الروحي بين الله وشعبه أي بين الله وكنيسته. ويكفي أن سفرًا بأكمله في العهد القديم، هو نشيد الأناشيد، يدور كله حول هذه العلاقة وحدها التي ذكرها الله أيضًا بوضوح في سفر إشعياء النبي كذلك (أشعياء 54: 5).
ولهذا يقول بولس الرسول في رسالته الثانية إلي كورنثوس "خطبتكم لرجل واحد، لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (2 كو 11: 2). وفي رسالته إلي أفسس أتي بتفصيلات كثيرة لهذه العلاقة الروحية بين المسيح وكنيسته، مقارنًا بينها وبين الزواج الجسداني للرجل والمرأة في أوجه شبه عديدة (أفسس 5: 22-33). قائلًا عن الزواج الروحي بين المسيح وكنيسته "أن هذا السر عظيم".
1- من هذه المقارنة التي عقدها بولس الرسول بين زواج الرجل والمرأة من ناحية أخري، يمكن الاستدلال بوضوح علي شريعة "الزوجة الواحدة" في المسيحية. وقد كان هذا هو نفس تفكير كبار قديسي الكنيسة ومعلميها. فالقديس ايرونيموس يقول في كتابه ضد جوفنيانوس:
"المسيح بالجسد بتول، وبالروح تزوج مرة واحدة. لأن له كنيسة واحدة، هي التي قال عنها الرسول: أيها الرجال أحبوا نساءكم، كما أحب المسيح أيضًا الكنيسة، وأسلم نفسه لأجلها (أفسس 5: 25).
فكما أن المسيح مثال يقتدي به البتوليون في حياته حسب الجسد، كذلك هو مثال أيضًا للمتزوجين، في علاقته الروحية بالكنيسة التي سار فيها علي شريعة "الزوجة الواحدة".
ويقول القديس ايرونيموس أيضًا في "رسالته إلى أجيروشيا" Letter to Ageruchia إن بولس في شرح هذا الفصل من أفسس، يشير إلي المسيح والكنيسة بقوله "من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدًا واحدًا. هذا السر العظيم، ولكنني أنا أقول من نحو المسيح والكنيسة" (أفسس 5: 31، 32).
فجعل آدم الأول صاحب زوجة واحدة في الجسد، وآدم الثاني "= المسيح" صاحب زوجة واحدة في الروح. وكما أنه توجد حواء واحدة هي أم كل الأحياء كذلك توجد كنيسة واحدة هي أبوا كل المسيحية".
وكلمه "أبوا" التي استخدمها القديس ايرونيموس يقصد بها المسيح والكنيسة، العريس والعروس، الرأس والجسد. ومثل هذا الكلام قال أيضًا العلامة ترتليانوس في كتابه De Exhortatione Castitas إذ قال "عندما فسر الرسول هذا النص "يصير الاثنان جسدًا واحدًا"، علي علاقة المسيح بالكنيسة، فكر في العلاقة الروحية بين المسيح الذي هو واحد، والكنيسة التي هي واحدة. نفس التأييد لقانون الزواج الواحد. زواج واحد جسد في آدم وروحي في المسيح".
قال بولس الرسول في رسالته إلي أفسس "إن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضًا رأس الكنيسة" (5: 23). وعن الجسد قال "كذلك يجب علي الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم... فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه، كما الرب أيضًا للكنيسة لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه" (5: 28-30). وفي الآية الأخيرة يذكرنا بولس الرسول بقول آدم عن حواء "هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي" (تكوين 2: 23). فكما آن للرأس جسدًا واحدًا، فللمسيح كنيسة واحده وكذلك للرجل امرأة واحدة. لأنه لو اتخذ الرجل زوجات عديدات، لما أمكن تشبيهه بالمسيح الذي له كنيسة واحدة. إذ أننا نقول في قانون الإيمان " نؤمن بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية". وفي ذلك يقول القديس اغريغوريوس الناطق بالإلهيات "لو كان هناك مسيحان، لكان يمكن هناك زوجان أو زوجتان. ولكن إن كان المسيح واحدًا، الذي هو الرأس الواحد للكنيسة، فليكن هناك إذن جسد واحد، وليرفض الثاني ويأخذ القديس أمبروسيوس هذا التشبيه من ناحية المرأة أيضًا، فيقول "لم تأخذ حواء زوجًا ثانيًا، ولا الكنيسة المقدسة تعرف عريسًا ثانيًا".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/afnyj4m