إن تطهير الهيكل يدل على سلطان مارسه السيد المسيح في ذلك اليوم، بكل قوة. ولم يستطع أحد أن يتصدى له أو يمنعه مما كان يفعله... وهكذا:
طهّر الهيكل بكل سلطان، وبكل حزم وقوة.
"أخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل"،
"وقلب موائد الصيارفة، وكراسي باعة الحمام"،
"ووبَّخ الناس بشدة قائلًا: "مكتوب بيتي بيت الصلاة يُدعى. وأنتم جعلتموه مغارة لصوص" (متى 21: 12، 13).
"ولم يدع أحدًا يجتاز الهيكل بمتاع" (مر 11: 16).
وحسب رواية الإنجيل لمعلمنا يوحنا البشير، في موضع مبكر، يقول عن الرب إنه "صنع سوطًا من حِبال، وطرد الجميع من الهيكل الغنم والبقر، وكبّ دراهم الصيارف، وقَلَبَ موائدهم. وقال لباعة الحمام: ارفعوا هذه من ههنا" (يو 2: 14-16).
وهذا يرينا أن المسيح الوديع كان حازمًا أيضًا.
لا شك أن موقف المسيح في تطهير الهيكل، يرينا مدى شخصيته المتكاملة، التي تجمع الفضائل كلها. فهو وإن كان وديعًا ومتواضع القلب (متى 11: 29)، إلا أنه حينما يلزم الأمر، يمكن أن يكون حازمًا جدًا، يتصرَّف بقوة، كما حدث في ذلك اليوم..
كان الرب حازمًا، بأسلوب لم يتعودوه من قبل. وكان حزمه ممزوجًا بالتعليم مكتوب بيتي بيت الصلاة يدعى. وهكذا نفذ ما يريد، بوضع الأمور في وضعها السليم.
كان لا بد من تطهير الهيكل بأية الطرق...
فالهيكل هو بيت الله. وبيت الله له قدسيته (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وهذه القدسية واجب ينبغي الحفاظ عليه. والغيرة المقدسة تدعو إلى ذلك. وحسنٌ أن السيد المسيح أعطانا قدوة ومثالًا في هذا الأمر. ولذلك ورد بعد تطهيره للهيكل "فتذكر تلاميذه أنه مكتوب: غيرة بيتك أكلتني" (يو 2: 17).
هؤلاء المخطئون في الهيكل، صبر الرب عليهم زمانًا، بكل هدوء.
ولما لم ينصلحوا بالهدوء، استخدم معهم الشدة.
في إصلاح أي إنسان، الرب مستعد أن يستخدم الكلمة الطيبة، وهو مستعد أيضًا أن يستخدم السوط، ولو للتخويف وليس للضرب. الأمران ممكنان. فبأيهما تريد أن ينصلح حالك؟
إن كنت حساسًا سريع التأثر. قلبك يتبكَّت في داخلك من كلمة روحية تسمعها أو تقرأها، من عظة، من لحن، من منظر، يقول لك الرب هذا يكفى. أما إن كنت لا تنتفع من الكلمة الطيبة، فالسوط ممكن: المرض، التجارب، الحوادث، الضيقات... والوسائل كثيرة. والرب يختار المناسب لك.
كالطبيب يمكن أن يستخدم الأدوية. فإن لم تنفع، يستخدم المشرط...
إن السيد المسيح لم يقم فقط بتطهير الهيكل، وإنما أيضًا:
أنذر بخراب هذا الهيكل، وبخراب أورشليم...
لقد بكى على أورشليم وقال لها "ستأتي أيام يحيط بك أعداؤك بمترسة، ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة. ويهدمونك وبنيك فيكِ، ولا يتركون فيكِ حجرًا على حجر، لأنكِ لم لعرفي زمان افتقادك (لو 19: 43، 44).
أيضًا "هوذا بيتكم يُترَك لكم خرابًا" (متى 23: 38). وذكر لتلاميذه صراحة أن الهيكل سوف لا يبقى فيه حجر على حجر (متى 24: 1، 2).
وقال: "متى نظرتم رجسة الخراب -التي قال عنها دانيال- قائمة في المكان المقدس -ليفهم القارئ- فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال.." (متى 24: 15، 16).
أما أنت أيها المبارك، فإن سمعت في أسبوع الآلام أن السيد المسيح قد طهَّر الهيكل وقد أنذر بخرابه، أصرخ حينئذ وقل:
تعال يا رب في قوة، وطهِّر هيكلي أنا أيضًا.
ألسنا نحن أيضًا هياكل لله، وروح الله يسكن فينا (1 كو 3: 16)؟ إذن تعال يا رب وطهر هيكلي. أقلب الموائد التي فيه، قبل أن تقلبني هي وتضيع أبديتي.
لا تترك قلبي للرغبات والشهوات والانفعالات، فيصبح مثل سوق يبيعون فيه ويشترون. إنما انضح علىّ بزوفاك فأطهر. وحينئذ يمكنني أن أنشد معك "بيتي بيت الصلاة يُدْعَى". افعل يا رب هذا بسرعة، قبل أن يخرب الهيكل.
إن السيد المسيح لم يقم فقط بتطهير الهيكل من الباعة، وإنما قام أيضًا بتطهيره من القيادات الدينية العابثة به، استكمالًا لهذا التطهير، وتمهيدًا لنشر ملكوته الروحي...
تطهير
الهيكل من القيادات |
أحد الشعانين البابا شنودة الثالث |
المسيح ملكًا |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/nr7rvdb