توجد محبة طبيعية مثل المحبة بين البنوة والأبوة، لذلك شبه الله محبته لنا بمحبة الأب للأبناء.
وتوجد محبة مكتسبة كمحبة الأصدقاء والأقرباء والزملاء، أو المحبة بين خطيب وخطيبته، أو بين زوج وزوجته.
والمحبة قد تسلك في درجات...
ربما تبدأ بزمالة، تتدرج إلى تعاون أو صداقة. والزمالة هي علاقة بين اثنين أو أكثر في رابطة بعمل مشترك أو مصلحة مشتركة. وقد تؤدي إلى فكر مشترك... وربما تؤدي الزمالة إلى صداقة.
وربما يوجد في العلاقات لون من الإعجاب.
والإعجاب غير الحب. فربما تُعجب ببطل من أبطال الرياضة. ولكن ليس معنى هذا أنك تحبه. كذلك قد تعجب بكاتب من الكتاب. يعجبك فكره، دون أن تكون هناك صلة بينك وبين شخصه. وقد تنشأ بينكما رابطة فكرية، ولكن ليست هي الحب. وإن تدرجت إلى المحبة، فإنها تكون محبة لفكره أو لأسلوبه، ولكن ليس لشخصه...
المحبة هي التقاء بين قلبين، أو اتحاد قلبين، بمشاعر واحدة، أو عواطف واحدة (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). ولكن تكون محبة مقدسة، من المفروض أن تكون هذه المشاعر داخل محبة الله، لا تتعارض معها، ولا تزيد عليها.
ومن المشاكل أن توجد محبة من جانب واحد.
لا بُد أن يكون هناك شيء من الخطأ، أو عدم التوافق. فالمفروض أن المحبة تولد محبة...
ومن شروط المحبة أن تكون عاقلة وحكيمة وروحية، لأن هناك أنواعًا من المحبة قد تسبب ضررًا.
والمحبة الحقيقية ينبغي أن تكون محبة طاهرة. وهنا نفرق بين المحبة والشهوة وأتذكر أنني قلت مرة في التمييز بينهما:
المحبة تريد دائمًا أن تعطي. والشهوة تريد أن تأخذ.
والشهوة التي تريد دائمًا أن تأخذ، وتتصف دائمًا بالأنانية. وقد تضيع الطرف الآخر الذي تدعى أنها تحبه. وقد تحبسه داخلها، وتحد حريته في الاتصال بالآخرين وقد تتحول أحيانًا إلى غيرة مدمرة..!! إنها في الواقع ليست محبة حقيقية. فالمحبة الحقيقية تتصف بالعطاء والبذل. وقد تصل إلى التضحية بالذات...
الشاب الذي (يحب) فتاة، فيضيع سمعتها، أو يفقدها عفتها:
هل تُسَمِّي هذا حبًا أم شهوة؟! لو كان يحبها حقًا، لكان يحرص عليها. يحرص على سمعتها، كما يحرص على سمعة أخته. ويحرص على بتوليتها. ويحرص على مشاعرها، فلا يشغلها به، ويعلقها بشخصه، وقد يتركها بعد ذلك حيرى، لا تجد طريقها في الحياة، أو تجده مظلما أمامها أنستطيع أن نسمي هذا حبًا؟!
قد يسميه البعض مجرد تسلية في حياة الشباب!!
ولكن ما هو ثمن هذه التسلية من الناحية الروحية، ومن الناحية الاجتماعية... هذه التسلية التي تشغل الفكر، ومن تضيع المستقبل! وقد تفقد الشاب والشابة نجاحهما في الدراسة أو تفوقهما. وليس في هذا أي حب لأحد منهما.
وما معنى هذه التسلية التي تفقد فيها العفة والسمعة؟
وتفقد فيها روحيات الاثنين أيضًا.
الحب الحقيقي لابد أن يرتبط بنقاوة القلب.
والحب بين الشابين لا يجوز أن يلغى محبتهما لله.
فقد قال الرب إن أحب أحدًا أكثر منه، فلا يستحقني (مت 10: 37) فهل يجوز لشاب أن يحب فتاة أكثر من الله؟! وهل يجوز لشابه أن تحب فتى أكثر من الله؟! وهل يجوز أن تدخل في هذه المحبة مشاعر تتعارض مع نقاوة القلب التي بدونها لا يعاين أحد الرب؟!
الذي يحبك حقًا، لا يمكن أن يُفقِدَك روحياتك.
الذي يحبك حقًا، لا يغتصِب لنفسه حبك نحو الله، ولا يقلل من مقداره، ولا يهز داخل قلبك محبتك نحو الله... ولا يتركك في صراع بين محبتين... محبة روحية، ومحبة جسدية، أو محبة نحو الله، ومحبة نحو إنسان...
المحبة ليست متعة على حساب الغير!
بل هي إنكار للذات، وبذل للذات، في محبة الغير. كما فعل يوناثان من أجل صديقهُ داود. وتعرض لغضب أبيه في دفاعه عنه.
وأعظم مثل للحب هو ذبيحة الصليب لأجلنا، التي قيل فيها (هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد) (يو 3: 16).
إذن ماذا عن الحب الذي يقود إلى الزواج .
المهم في ذلك: ما هو الضمان أنه يقود إلى الزواج؟
وما هي حدود هذا الحب، أو ما هي حدود العلاقة التي يسمونها حبًا يقود إلى زواج؟ هل هو حب يشترط أن يكون بين خطبين؟ أم هو حب بدون أية رابطة شرعية؟! وما مصيره؟ وما مدى الحرص الذي يكون حافظًا له من الانحراف.
أي أنها تستمر، لا تسقط أبدًا (1كو 13: 8).
وإذا كان اثنان يحبان بعضهما البعض محبة قوية، فإنهما يريدان ليس فقط أن تدوم هذه المحبة بينهما طول عمرهما على الأرض، بل هما يريدان أن تستمر هذه المحبة بينهما في الأبدية، فيوجدان معًا في العالم الآخر. ولا يتوفر لهما ذلك، إلا لو كانت محبتهما طاهرة، بحيث يذهبان معًا إلى الملكوت، في النعيم الأبدي... لكن لو ضاع أحدهما في الطريق، فلن يوجدا معًا في الملكوت.
لا بُد إذن أن يسند بعضهما البعض في الطريق الروحي.
لنفرض أنهما عاشا معًا في خطية!! وتاب أحدهما، ولم يتب الآخر... إذن سوف يفترقان بعد الموت: أحدهما إلى الفردوس، والآخر إلى الجحيم. ولن يلتقيا في الحياة الأبدية... ولا تكون محبتهما دائمة. فالمحبة الدائمة هي المحبة الروحية.
إن الحب له أنواع عديدة تتنوع في مجالاتها.
الحب في أفراد الأسرة الواحدة، بين الآباء والأبناء، وبين الأخوة والأخوات، وبين الأزواج، وكله حب يوافق عليه الكتاب، وتوافق عليه الطبيعة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/5rpkjap