ما أكثر الذين يتجهون في حياتهم الروحية إلى أقصى اليمين، وأقصى اليسار، ويتأرجحون بين نقيضين...
وما أقل الذين يحفظون التوازن، ويثبتون فيه...
مثال ذلك، أشخاص روحيون، يصومون في نسك شديد جدًا خلال أسبوع الآلام. ثم بعد ذلك في فترة الخمسين يومًا، تنحل إرادتهم تمامًا، ويأكلون بلا ضابط. وما استفادوه في الصوم، يفقدونه كلية. والسبب هو عدم وجود التوازن في حياتهم...
ونفس الوضع يعمله البعض بالنسبة إلى الصمت والكلام:
قد يسيرون في تدريب صمت كامل، لا يحدثون أحد. ثم إذا ما انتهى التدريب، يرجعون إلى الكلام بكل أخطائه وبلا حرص. والوضع السليم أن يحفظ الإنسان الروحي توازنه في الصمت والكلام. فيعرف متى يتكلم، وإن تكلم فما هي حدوده في كمية الكلام وفي نوعيته أيضًا..
كذلك يحتاج الإنسان إلى توازن في التعامل مع الناس:
فقد يبالغون في الوداعة حتى تتحول إلى ضعف وإلى ليونة في الطبع (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وقد يبالغون في الشجاعة حتى تتحول إلى تهور واندفاع في غير حكمة.. والوضع السليم أن يكون الإنسان الروحي وديعًا في شجاعته، وشجاعًا في وداعته، يمزج الحكمة بهذه وتلك..
كذلك في التربية، التوازن بين التدليل والعنف.
البعض يرى الحب تدليلًا، وعطاءً مستمرًا بلا حكمة وبلا ضابط، وحنانًا يشجع على الاستمرار في الأخطاء بغير مبالاة. فإن خرج عن تدليله، قد يضرب في عنف وفي كل ذلك لا توازن.
أما التوازن فهو في الحزم المحب، وفى الحب الحازم.
التوازن يحمل في طياته الكثير من الحكمة، إذ فيه فهم لما ينبغي أن يكون في غير مغالاة يمينية ويسارية.
وقد قيل من بعض الحكماء إن الفضيلة هي الوضع المتوسط بين نقيضين، بين إفراط وتفريط.
والتوازن يساعد على الثبات، لأن التطرف المبنى على اندفاع، لا يمكن أن يثبت. وما أسهل أن ينقلب إلى العكس.
ابحثوا عن هذا التوازن في كل تفاصيل حياتكم الروحية.
* من قسم كلمة منفعة: حدود
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/4z248f8