صارت الحاجة ماسة في العصر الحديث إلى إعادة دراسة مجمع خلقيدونية وتقييمه من جديد، لا يقصد تفتيح الجراحات التي أصابت كنيسة الإسكندرية على أيدي أخواتها الكنائس الرسولية الأخرى، وإنما أود هنا توضيح أن كنيسة الإسكندرية على وجه الخصوص، انقطعت صلتها بالكنائس الأخرى، بعد القرن السابع، وذلك لأسباب سياسية، ولقرون طويلة، مما فتح المجال لاتهامها.
1- إنها كنيسة أوطاخية، لقيت خطأ بالمونوفيزيت، أي القائلة بالطبيعة الواحدة وبمعنى أن الطبيعة الإلهية قد ابتلعت الناسوت تمامًا. الأمر الذي هو غريب عن فكرها وعقيدة آبائها، ولم تقبله قط كما سنرى.
2- صور الدكتور جاك تاجر(62) أن المسيحية كانت غريبة في أرض مصر -حتى القرن الخامس- وأن المصريون قبلوا المسيحية لعوامل سياسية، حتى شعر بطاركتهم بعطف العالم المسيحي عليهم وتقديره لعلمهم ونبوغهم، فاغتنموا كل فرصة سنحت لهم للتخلص من وصاية الإمبراطور عليهم، كما تعاونوا على فرض وجهة نظرهم فيما يتعلق بالمسائل الدينية حتى ولو كانت مخالفة لرئيسهم المباشر أي البابا الروماني. هذه الصورة المرة بعيدة كل البعد عن حقيقة الكنيسة القبطية، فالتاريخ يشهد بأن المسيحية لم تكن غريبة في مصر وقد استشهدت مئات الآلاف في العصر الروماني. ومن مصر انطلقت كل الحركات الرهبانية الإنجيلية، وفي مصر نشأت أول مدرسة مسيحية في العالم وعرف آباؤها على مستوى المسكونة؛ أما مخالفة البطاركة لرئيسهم الروماني فلا حاجة للرد عليها، إذ يكشف التاريخ عن علاقات الود والاحترام المتبادل بين الإسكندرية وروما.
تصوير الكنيسة القبطية ككنيسة منشقة لعوامل تحررية من بيزنطية أمر غير واقعي؛ على العكس نجد أن محاولة الأباطرة لحل الخلافات اللاهوتية بالقوة العسكرية، واضطهاد البطريرك الملكي المعين من الإمبراطور للأقباط يسنده في ذلك سلطانه العسكري خلق ثورة داخلية في نفوس الأقباط ضده.
3- حاول البعض تصوير القديس ديسقورس كرجل عنيف، حاسبين أن نفيه لم يكن إلا بسبب طبيعته العنيفة. وقد ظهر اتجاه جديد بين الدارسين لمحاولة تصوير آباء الإسكندرية مثل القديسين أثناسيوس وكيرلس بالعنف عوض جهادهم وبذلهم للحفاظ على الإيمان الكنسي الحق.
وإنني في هذا المجال لا أنكر الجهود التي تبذلها الكنيسة في الشرق والغرب للوحدة بعد أن أدرك كثير من اللاهوتيين حقيقة إيماننا بخصوص طبيعة السيد المسيح. وقد أصدرت عدة مطبوعات في هذا الشأن(63).
الآن اكتفى بتقديم عرض بسيط خاصة من الجانب اللاهوتي للكشف عن موقف الكنيسة القبطية من مجمع خلقيدونية.
_____
(62) Dr. Tager: Copts & Moslems (Arabic) ch.1.
(63) For more Details see :
a- Christology According to the Non - Chalcedonian Churches, 1986.
b- The Terms Physis & Hypostasis in the Early Church, 1986.
c- The Coptic Orthodox Church as a Church of Erudition & Theology, 1986, ch. 14.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9qcqk2p