أثناء خدمتي بكنيسة القديسة مارينا بميشن فييهو، كاليفورنيا جاءتني سيدة متهللة جدًا. أخبرتني بأن ابنها كان مبتهجًا جدًا، فسألته عن سبب فرحه. أجابها الطفل: "أماه إني غني جدًا". وإذ أظهرت دهشتها لقوله أكمل حديثه: "لأن لي أم مثلك!" هكذا شعر الطفل بغناه العظيم لأن له أم تحبه بكل قلبها من أجله وليس لمصلحة بها. ذكّرتني هذه القصة بما قيل عن كورنيليا ابنة القائد الروماني المشهور افريكانموس Scipio Africanous الذي هزم هانيبال Hannibal وأهل قرطاجنّة Carthaginians.
تزوّجت هذه الابنة قنصل صاحب سلطان يدعى طيبريوس جراسخوس Tiberious Simpronious Gracehus وهو شريف روماني. وإذ مات زوجها باعت أغلب ممتلكاتها وصارت تعيش في حياة بسيطة بعيدة عن الترف مع ولديها. وقد جاءت أحداث هذه القصة في القرن الثاني قبل الميلاد.
كان الأخّان يلعبان معًا في حديقة منزلهما بورما القديمة. نادتهما والدتهما كورنيليا وقالت لهما أن إحدى السيدات ستأتي لزيارتهم وتأكل معهم وجبة الغذاء. وإذ كانت كورنيليا تعرف هذه السيدة الغنيّة جدًا، وتعلم أنها دومًا تستعرض غناها في كل مجلس، قالت كورنيليا: "صديقتي ستحضر اليوم وستظهر لكم جواهرها الثمينة جدًا. فرح الصبيّان الصغيران وكانا يترقبان حضور الضيفة ليتمتّها برؤية الجواهر الثمينة.
إذ دخلت السيدة المنزل التف حولها الأخّان وكانا يتطلّعان إلى أصابعها التي امتلأت بخواتم جميلة مرصّعة بالجواهر البرّاقة. تطلّها إلى ذراعيها وقد تزيّنتا بالأساور. وقد التف حولها كم من القلائد حول عنقها، كما زيّنت شعرهها بجدائل مملوءة جواهر.
إذ كان الأخّان قد زاغت أعينهما من كل جانب يتطلّعان إلى هذا الكم من الجواهر قالت السيدة لهما: "لماذا تندهشان؟ أتريدان أن تنظرا جواهر أخرى؟" وقبل أن يجيبا عليها أمرت خادمها أن يحضر علبة كبيرة جميلة ويضعها على المائدة. وفتحت السيدة هذه العلبة لتستعرض كنوزًا من الحجارة الكريمة الرائعة.
كانت الأم مشغولة بإعداد الطعام، وأما الضيفة فكانت مشغولة بإظهار غناها للأخّين الصغيرين.
بينما كان الأخّان قد انشغلا تمامًا بالجواهر، إذا بالأخ الأصغر يقول: "آه لو كان لدى أمي جوهرة واحدة!"
اضغط هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت للمزيد من القصص والتأملات.
أخيرًا أعدت كورنيليا المائدة وسألت الضيفة والابنان أن يحضرا لتناول الغذاء تطلّعت الضيفة إلى كورنيليا فلم تجد جوهرة واحدة تزين بها أصابعها أو ذراعيها أو عنقها أو شعر رأسها أو أذنيها... وبصوت مملوء شفقة قالت لها: "أحقًا ليس لديك أية جوهرة؟ يا لكِ من سيدة بائسة! وفقيرة!
بابتسامة عذبة تطلّعت إليها كورنيليا وهي تقول لها: "لا! كيف تقولين هذا؟ إني غنية جدًا، ولديّ جواهر أثمن بكثير مما لديك!".
تعجّبت الضيفة وقالت لها: "لماذا لا تستخدميها؟ أين تضعينها؟ فإني اشتاق أن أراها ظلمة".
ابتسمت كورنيليا وأشرق وجهها جدًا وهي تشير إلى ابنيها وتقول لها: "هاتين هما الجوهرتين! أليست جواهري أثمن بكثير مما لديك؟!"
مرّت الأعوام ولم يكن ممكنًا للابنان طبريوس وغايس غراسخيوس أن ينسيا إعجاب والدتهما بهما وافتخارها وحبها الشديد ورعايتها الفائقة لهما. عندما نالا مركزًا عظيمًا في القصر الروماني، وأراد الشعب أن يكرّمهما بإقامة تمثالين لهما دفعًا لأمهما جزية الحب وقاما بتكريمها. كما نقش الرومان على قبرها الكلمات التالية: "كورنيليا أم الغراسخيوسين".
إني غني بك فأنت هو كنزي!
أحبك لأنك أحببتني، يا مصدر كل المحبة وغنى!
حسبتني أعظم من كل اللآلئ السماوية والأرضية.
وانشغلتَ بي أكثر من الطغمات السمائية.
ماذا رأيت فيّ أنا الفقير والمُعدم؟!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9r9dk5d