لاحظ دانيال أن ابنه يأتي من المدرسة كل يوم في حالة ثورة ضد زملائه. كان دائم الشكوى، لهذا روى له قصة الماعز الثائرة:
كان لدى فلاح ماعز جميلة، ربط حول عنقها جرسًا ذهبيًا. فكانت الماعز تقفز يمينًا ويسارًا، وفي عجب تُحَرِّك رأسها لكي يسمع الكل صوت الجرس فيأتون إليها، ويُعجبون بها.
بينما كانت تقفز إذ بالجرس يدخل وسط شجيرة بها أشواك قائمة على تلٍ. تطلع الماعز نحو الشجيرة وطلبت منها أن ترد لها الجرس. قالت لها الشجيرة: "إن أردتِ الجرس فاصعدي على التل وخذيه، أنا لن أُلقيه إليك"ِ.
اغتاظت الماعز جدًا وتوعدت الشجيرة بأنها ستنتقم منها.
ذهبت إلى المنشار وروت له ما حدث، وطلبت منه أن يقطع الشجيرة انتقامًا لها. فأجاب المنشار: "الشجيرة لم تخطئ، فكيف اقطعها، خاصة وأنني صرت قديمًا جدًا وأسناني ليست حادة؟!"
اغتاظت الماعز للمرة الثانية وتوعدت المنشار أنها ستنتقم منه.
ذهبت الماعز إلى النار وروت لها كل ما حدث وطلبت منها أن تحرق المنشار. أجابتها النار: "كيف أحرق المنشار وهو على حق فيما قاله، كما أنه يعجز بأسنانه غير الحادة أن يقطع الشجيرة؟"
غضبت الماعز جدًا وتوعدت النار بأنها ستنتقم منها. ثم ذهبت إلى المياه وسألتها أن تطفئ النار انتقامًا لها، فرفضت قائلة لها: "لماذا تغضبين سريعًا، أي ذنب ارتكبته النار لتنتقمي منها؟!"
صارت الماعز في ثورة شديدة، وحسبت كل ما حولها ضدها سواء الشجيرة أو المنشار أو النار أو الماء، فذهبت إلى الثيران وسألتهم أن يشربوا المياه التي رفضت أن تطفئ النار. وإذ سمعت الثيران القصة بأكملها قالوا لها: "إننا لسنا عطشى والمياه لم تخطئ في حقك. لن نشربها!"
هددت الماعز الثيران بالانتقام منهم، ثم ذهبت إلى ذئب وروت له قصتها وسألته أن يأكل الثيران. فأجابها: "أيتها الماعز الثائرة على كل ما هو حولك، لماذا تُحرّضيني ضد الثيران البريئة، إنني لست جائعًا. إن لم تذهبي عني فورًا سأفترسك!"
هربت الماعز من الذئب وكان قلبها يغلي غيظًا، وانطلقت إلى البندقية تسألها أن تنتقم لها بقتل الذئب. فأجابت البندقية بأنها ليست مُعَدَّة بالرصاص، وأنها لا ترغب في قتل ذئب يرفض افتراس الثيران.
أسرعت إلى فأر تسأله أن يُقرض البندقية لأنها رفضت أن تقتل الذئب، فرفض بدوره قائلًا: "إن البندقية من معدن ولا أقدر أن أقرض المعادن، خاصة وأن البندقية لم تؤذِ الذئب".
في غيظ شديد ذهبت الماعز إلى القطة تطالبها بافتراس الفأر الذي رفض أن يقرض البندقية. تطلعت القطة إلى الماعز وقالت لها: "أنتِ دائمًا ثائرة، كم مرة أردتِ أن تقتليني بقرنيك؟! لن أسمع لك".
إذ ضاق الأمر بها جدًا ذهبت إلى الراعي تروي له كل ما حدث.
قال لها الراعي:
"أيتها الماعز الغضوب، لماذا لم تأتِ إليّ لكي أُحضر لكِ الجرس من بين أشواك الشجيرة.
لقد خَلقتي جوًا رهيبًا من العداوة بينك وبين كل الكائنات التي حولك حتى الجماد؟!
هذا خطأ مني لأني تركتك طوال اليوم تسيرين من هنا إلى هناك.
أُدخلي إلى الحظيرة".
أغلق الراعي الباب عليها وجاء بالجرس، وعِوض أن يضعه في رقبتها لكي تتمايل من هنا وهناك معجبة بنفسها، وضعه على حافة الباب حتى متى خرجت يشعر بها فلا يتركها خارج الحظيرة لمدة طويلة. هكذا حوّل الغضب حياتها الحرة إلى شبه سجينة في حظيرة صغيرة لا تلتقي مع أحد.
← ترجمة القصة بالإنجليزية هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت: The Enraged Goat.
هب لي يا رب أن أُلقي بالملامة على نفسي في كل شيء!
ليتني أغضب على نفسي وعلى خطاياي وجهالاتي،
عِوض الغضب على الغير.
الغضب يُحول حياتي إلى سجن مظلم.
يفقدني حريتي الداخلية وسلامي الحقيقي.
الرجل الغضوب يهيج الخصومة وبطيء الغضب يسكن الخصام (أم 15: 18).
البطيء الغضب خير من الجبار ومالك روحه خير ممن يأخذ مدينة (أم 16: 32).
وأما الآن فاطرحوا عنكم أنتم أيضًا الكل الغضب السخط الخبث التجديف الكلام القبيح من أفواهكم (كو 3: 8).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/d2h5c39