حاول الفكر المونتاني أن يتسلل بين الرهبان في منطقة وادي النطرون، هذا الفكر يحرم الزواج بكونه نجاسة، وأكل اللحم بكونه دنسًا. لذلك التزم الرهبان أن يأكلوا لحمًا ولو كمية قليلة جدًا، على الأقل مرة واحدة في السنة. بهذا لا يسمح لمن يعتنق الفكر المونتاني أن يجد له مكانًا بين الرهبان.
احتفل البابا ثاوفيلس بالعيد واشترك معه مجموعة من المتوحدين، إذ عرف هذا البابا بحبه الشديد للرهبنة، وزياراته المتكررة للأديرة، وبلقائه مع الآباء المتوحدين يطلب مشورتهم، قدم البابا للمتوحدين لحمًا، وبدون أدنى تردد أمسك كل منهم قطعته من اللحم ليأكل منها. في جوٍ من الود كان البابا يتحدث مع المتوحدين. أمسك قطعة لحم، وقال لهم: "لقد اخترت لكم أفضل أنواع اللحوم هنا، أرجو إن تكون موضع رضاكم، وأن تهنأوا بها!"
فجأة توقف المتوحدون عن الطعام، ألقى كل منهم بقية قطعة اللحم في الطبق، دون أن يتشاوروا معًا. شعر البابا أن سرًا ما وراء هذا التصرف الغريب. فسألهم: "ماذا حدث؟ لماذا توقفتم جميعًا عن الطعام وفي وقتٍ واحدٍ؟"
عندئذ قال له أحدهم:
"أنت تعلم يا أبانا إننا كمتوحدين لا نأكل لحمًا.
إنما نتذوق قطعة صغيرة جدًا مرة في السنة حسب عادة رهبان وادي النطرون حتى لا يتسلل الفكر المونتاني الخاطئ إلي أحدٍ منا.
إننا نمتنع عن اللحم ليس لأنه دنس، وإنما لأننا نطلب طعامًا سماويًا أفضل!
من أجل الطاعة لأبوتك، إذ قدمت لنا لحمًا لم نمتنع عن أكله.
لكننا لا نأكل بلذة، ولا نشتهيه.
أما وقد تحدثتم معنا عن اختياركم لأفضل أنواع اللحوم حتى نأكل ونهنأ به، فهذا ليس من طبعنا.
إننا لا نأكل شيئًا من أجل اللذة!
لهذا توقفنا جميعًا عن الأكل!"
شعر البابا بأنه لم يكن يدرك فلسفة حياتهم الروحية بعد. واعتذر لهم عن تصرفه هذا، وتعلم منهم درسًا روحيًا يسنده في جهاده، وهو أن يطلب لذة الطعام السماوي لا الأرضي!
← ترجمة القصة بالإنجليزية هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت: Anchorites Entertained by Pope Theophilus.
إلهي.. هب لي من فيض مائدتك
خبز السماء المشبع لنفسي.
افتح عن بصيرتي وهبني فهمًا،
اسمع صوتك وأدرك أسرارك،
فتشبع نفسي بمعرفتك.
فلا يطلب جسدي شبعًا ولذة،
أنت هو شبعي يا لذة نفسي!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/jx2y9fy