لاحظت الأم طفلها الصغير يدخل البيت على غير عادته، عوض البشاشة والفرح تبدو على وجهه علامات الحزن والضيق الشديد.
لم ينطلق الطفل بفنوتي إلى أمه ليقبلها كعادته، لكنه تسلل بسرعة نحو حجرته الخاصة.
ارتبكت الأم جدًا، لكنها تطلعت من النافذة، فوجدت طفلها قد وقف أمام أيقونة الصليب التي وضعتها له ناحية الشرق.
تسللت الدموع من عيني بفنوتي، وبعد قليل ركع وصار يبكي، وكان يحاول أن يكتم صوت بكائه حتى لا يشعر به أحد.
انتظرت الأم حتى أنهى الطفل صلاته وصار يمسح دموعه استعدادًا للخروج من حجرته.
دخلت الأم حجرته، وأخذت ابنها في حضنها، وهي تقول:
"مالك يا حبيبي بفنوتي.
أخبرني، لماذا أنت حزين؟
لا تخفي عني شيئًا!"
لم يجبها بفنوتي بشيء سوى: "صلِ يا أماه من أجلي ومن أجل جيراننا!"
- ماذا حدث؟
- لا شيء!
- لماذا تخفي عني الأمر وأنا أمك؟! أنك لم تعتد أن تخفي عني شيئا من قبل.
- لا أريد أن أدين جيراننا! سامحيني، بل صلِ من أجلي ومن أجل جيراننا.
- ماذا حدث؟ أعدك إني لن أخبر أحدًا بما تقوله.
- الأطفال تسلقوا سور جارنا، وصاروا يقطفون التين ويأكلونه.
سرقوا تينا وقدموا منه لي، لكنني رفضت.
لقد حزنت عليهم كيف يسرقون.
حاولت أن أحدثهم عن الأمانة، لكنهم كانوا يسخرون بي ويستهزئون.
- هل تبكي لأنهم سخروا بك؟ لا تهتم بذلك، فإننا لا نهتم بمديح الناس ولا بسخريتهم.
- لا يا أماه، أنا أبكي لأنهم يسرقون.
إني أحبهم ولا أريدهم يحزنون قلب بابا يسوع.
تأثرت الأم جدا، ولاشعوريا تسللت الدموع من عينيها واحتضنت ابنها بفنوتي وهي تقول: "اللَّه لا ينسى دموعك وصلواتك يا بفنوتي".
مرت سنوات وصار بفنوتي (بفنوتيوس) تلميذا للقديس مقاريوس الكبير، وكانت دموعه لا تفارقه.
في أحد الأيام أصر أحد الآباء أن يعرف سرّ بكائه. فاضطر القديس بفنوتيوس أن يخبره، قائلًا له:
إني حزين على نفسي.
لقد كان جيراننا الأطفال يتسلقون سور أحد جيراننا ويسرقون التين،
وكنت أحاول أن أمنعهم.
ومما يحزنني أنه في أحد الأيام إذ كانوا يسيرون سقطت تينه منهم، فأمسكتها من الأرض وقمت بتنظيفها وأكلتها.
كلما تذكرت هذا منذ طفولتي دموعي تنساب باستمرار، فقد أحزنت قلب مخلصي.
← ترجمة القصة بالإنجليزية هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت: Young Pephnoti’s Tears.
هب لي أن أكون أمينا في القليل كما في الكثير.
أعطني أن أقتنيك أيها الخبز السماوي،
فلا أطلب الطعام الفاني.
بل أقتني أمانتك.
فلا تتسلل خطية إلى أعماقي.
اغسلي... طهرني... قدسني.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7rp6m6h