يقول الرسول "فلو كنت بعد أُرضي الناس لم أكن عبدًا للمسيح" (غلا10:1)، بينما يطلب إرضاءهم في موضع آخر إذ يقول "كما أنا أيضًا أرضي الجميع في كل شيء". وقد يحسب قليلو الفهم وجود تناقض بين القولين.
لقد قال بعدم إرضائه للناس، لأنه اعتاد على صنع البر لإرضاء الله لا البشر، والذي لمحبته لله يريد تغيير قلوب البشر وهذا يتطلب إرضاءهم، لا كجزاء لنا على أعمالنا الحسنة، بل لأنه من لا يقدم نفسه كمثال لمن يرغب في خلاصهم لا يكون قد أرضى الله، وفي نفس الوقت لا يمكن أن يتمثلوا بمن لم يرضهم.
إن هذا الأمر يشبه إنسانًا يبحث عن سفينة تصل بها إلى وطنه، ففي بحثه يقول إنه لا يطلب السفينة بل يطلب وطنه، وهو في قوله هذا لم يكذب لأنه لا يطلب السفينة في ذاتها، بل لأجل الوصول إلى وطنه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى). هكذا يليق بالرسول أن يقول "في إرضاء الناس لست أرضيهم بل أرضي الله، لأنني لا أهدف نحو إرضائهم في ذاته بل أرغب فيمن أطلب خلاصهم أن يقتدوا بي".
وهذا يشبه قوله عن العطاء الذي جمع للقديسين "ليس لأني أطلب العطية بل أطلب الثمر المتكاثر لحسابكم" (في4: 17). فهو لا يطلب العطية لذاتها، بل لكونها ثمرتهم. فإذ قدموا بإرادتهم ما طلبه منهم، أعلن تقدمهم لا بحسب العطية التي أخذها بل بكونها دليل على محبتهم.
وعندما أكمل قوله "وإلاَّ فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماوات" لم يشر إلا إلى التحذير من طلب مديح الناس كجزاء لأعمالنا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ayf53yz