ومن سخرك ميلًا واحدًا فاذهب معه اثنين (آخرين)
بالتأكيد أن الرب لا يقصد كثيرًا تنفيذ هذه الوصية بالسير على الأقدام، بقدر ما يعني إعداد الذهن لتنفيذ الوصية. فتاريخ الكنيسة الذي يعتبر مرجعًا لمثل هذه الأمور. لا يشير إلى تنفيذ هذه الوصية (حرفيًا) بواسطة القديسين أو الرب نفسه في وجوده بالجسد على الأرض، مع أنه تنازل وأخذ جسدًا معطيًا لنا مثالًا نقتفي إثر خطواته، ولكننا نجدهم في الوقت نفسه، مستعدين لاحتمال كل ما يصيبهم من شرور بشجاعة.
ولكن لماذا حدد الرب يسوع المسافة بميلين (آخرين)؟ هل قصد بذلك مجرد السير، أم أنه قصد تكميل الميلين بميلين آخرين فيصبح العدد ثلاثة، هذا الرقم الذي يعني الكمال، حتى يتذكر من ينفذ هذه الوصية أنه يتمم البر الكامل في احتمال أتعاب الآخرين بلطف حتى إلى الميل الثالث؟
إن عرض رب المجد لهذه الوصايا الثلاثة في هذا الترتيب إنما يتدرج في الاحتمال من الأسهل إلى الأصعب.
المثال الأول: من يلطمك على خدك الأيمن... حول له الآخر.
المثال الثاني: من يأخذ ثوبك... أعطه الرداء.
المثال الثالث: من يسخرك ميلًا... سر معه اثنين (آخرين).
ففي الوصية الأولى، طلب تقديم الخد الثاني، عند اللطم على الخد الأيمن، أي الاستعداد لاحتمال ما يصيبنا مضافًا إليه شيء آخر أقل منه، لأنه إنما يقصد بالأيمن شيئًا أهم من الأيسر. فاحتمالنا اللطم على الخد الأيسر أي الإهانة في الأمور البسيطة يكون هينًا، ما دمنا نستطيع احتمال الإهانة في أمور عزيزة علينا (أي اللطم على الخد الأيمن). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى).
وفي الوصية الثانية الخاصة بطلب الثوب، أوصى الرب بإعطاء الرداء أيضًا، أي إعطاء ما يساويه أو أكثر منه قليلًا دون أن يبلغ إلى الضعف.
وفي الوصية الثالثة الخاصة بالميل، أوصى الرب بإضافة ميلين آخرين إلى الميل الأصلي، أي أمر بوجوب احتمال الضعف أيضًا...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/s5f9hps