هذه الانفعالات لها درجات، فيأتي الغضب في المرحلة الأولى حيث يحفظ الانفعال في داخل القلب دون أن يعبر عنه بحركة ظاهرة. أما إذا نتج عن الغضب تعبير بكلمة لا معنى لها سوى دلالتها على الغضب فتكون هذه الحالة في مرتبة أسوأ من الأولى.
وأما الحالة الثالثة وهي إذا عبر عن الغضب بتعبير يستخدمه المجتمع للذم، فمن يشك في أن هذه المرحلة أكثر سوءًا من المرحلتين السابقتين.
ففي المرحلة الأولى يوجد انفعال الغضب في الداخل، وفي الثانية يوجد الغضب مصحوبًا بانفعال ظاهري، أما في الحالة الثالثة فيوجد الغضب والانفعال الظاهري مصحوبًا بكلمة ذم.
للنظر الآن إلى الثلاث درجات من الأحكام: الحكم، المجمع، نار جهنم. ففي الحكم يترك للمتهم فرصة للدفاع عن نفسه. وأما المجمع فبالرغم من اعتباره "حكمًا" إلا أنه يختلف عنه في كون دينونة المتهم غير مشكوك فيها، فالقضاة في المجمع عليهم أن يضعوا صيغة الحكم، وأن يحددوا مدى الجزاء الذي يوقع على المتهم. أما في نار جهنم فدينونة الشخص غير مشكوك فيها -كما في الحكم- وكذلك أمر جزائه غير مشكوك فيه - كما في المجمع، ففي هذه الحالة دينونة الشخص وجزاؤه مؤكدان.
لقد رأينا درجات مختلفة للانفعالات وجزاءها، أما جزاءات الروح فمن يستطيع أن يخبرني عن طرقها غير المنظورة؟! لذلك ترى فرقًا شاسعًا بين حكم الفريسيين والبر الأعظم للداخلين ملكوت السماوات. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فلأن القتل أشر من التعيير، فأننا نجد في شريعة الفريسيين لا يتقدم إلى المحاكمة غير القاتل، أما في البر الأعظم فيتقدم الغاضب إلى المحاكمة.
المحاكمة الأولى بشرية نهايتها قتل الجسد، أما الثانية فإلهية نهايتها نار جهنم، غير أن الذي يقول بأن القاتل يعاقب بعقوبة أعظم من الذي يغضب، فإنه يجبرنا على القبول "بجهنمات مختلفة" لأن الغضب وهو أقل من القتل عقوبته نار جهنم.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/vdzyd72