سافر القديس أغسطينوس مع ابنه ووالدته وأخيه وأليبوس إلى أوستيا منتظرين السفينة للعودة إلى وطنهم. وفي أوستيا كان القديس يتأمل مع والدته في ملكوت السماوات ومجازاة المؤمنين وسعادتهم، حتى شعر بأنه قد لمس السماويات ناسيًا الأرضيات. وقد قالت له أمه "يا ابني، لا شيء يسعدني في الحياة ثانية. ماذا أعمل؟ ولماذا أبقى؟! لا أعرف... لأنني كرهت الحياة. وأنا أعتقد أن الله قد أمّد من أجلي لسبب واحد، وهو أن أراك مؤمنًا مخلصًا ومسيحيًا بالحق قبل أن أموت، والله الغني أبقاني لأراك خادمه الأمين تحتقر الماديات... وما هو عملي أو بقائي بعد ذلك؟"
وبعد خمسة أيام مرضت مونيكا بحُمى شديدة وأغمى عليها، ولما أفاقت وجدت ابنيها بجوارها وهما في منتهى الحزن والألم، فقالت لهما: "أين كنت أنا؟... هنا تدفنان والدتكما" مع أنها كانت قد أعدت مقبرتها في أفريقيا لتُدفن بجوار زوجها، غير أن هذه الرغبة كانت قد زالت عنها.
أظهر تافيجوس أنه يطلب من الله أن يكون انتقالها في بلدها، أما هي فإذ لم تهتم بدفن جسدها، قالت لأغسطينوس: "أنظر يا أغسطينوس ما يقول أخوك تافيجوس". ثم أوصتهما الوصية الأخيرة "يا بني لا تهتما أبدًا بأمر جسدي، بل ادفناه أينما كان، فذلك ليس له عندي أهمية. لكن أسألكما شيئًا واحدًا وهو أينما كنتما اذكرا والدتكما على مذبح الرب". (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى). قالت هذا وفاضت روحها الطاهرة إلى خالقها وهي في السادسة والخمسين من عمرها، وكان أغسطينوس في الثالثة والثلاثين من عمره.
حزن أغسطينوس جدًا لانتقال والدته، فكانت دموعه تجري رغم إرادته. وإذ حاول أن يمنع دموعه لعلمه بأن هذا خطأ، إذ لا يليق الحزن على مفارقة الجسد، لم يستطع ذلك. أخيرًا قال لنفسه: "لا يليق بي أن أسلم نفسي للدموع ساعة لأجل تلك التي لأجلي كانت تعوّم فراشها كل يوم بالدموع ساعات".
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/j69ccmt