عندما اقترب منه الموت دعا الجميع لمشاركته هذا الفرح، قائلًا: "وبهذا عينه كونوا أنتم مسرورين أيضًا، وأفرحوا معي" (في 18:2). فكان يتهلل فرحًا في الضيق والألم وفي كل مذلة. كتب إلى أهل كورنثوس:
"لذلك أُسَر بالضيقات والشتائم الضرورات والاضطهادات والضيقات لأجل المسيح" (2 كو 10:12). ودَعا ذلك أذرع العدالة موضًحًا أنها مصدر مثمر لفائدته، فصار لا يُهزَم أمام أعدائه. وبالرغم من الضرب والاضطهاد والشتم كان كمن في عرسٍ مبهجٍ، مُصحِحًا الكثير من مفاهيم النصرة، متهللًا فرحًا، شاكرًا لله بقوله: "ولكن شكرًا لله الذي يقودنا في موكب نصرته في المسيح كل حين" (2 كو 14:2).
وفي كرازته ازدادت كرامته بقبوله الإهانات والاضطهادات، ناظرًا للموت كما ننظر نحن إلى الحياة، وقابلًا للفقر كقبولنا للغنى، ومتمتعًا بالأتعاب لسعينا نحو الراحة، ومُفَضِلًا الضيقة عوض عن اللذة، ومُصليًا لأجل أعدائه أكثر من المصلين ضدهم. فقلب موازين الأمور، أو بالأحرى لنقُل إننا نحن الذين غيٌرنا تلك النُظم. إذ أنه ببساطة حافظ على شرائع الله، لأن ما سعى إليه يتفق مع الطبيعة البشرية أما سعينا نحن فهو ضد الطبيعة، والدليل على ذلك أن بولس مع من أنه إنسان إلا أنه جَدٌ فيما كان يعمله وليس فيما نحن نعمله.
شيء واحد فقط كان يخافه ويخشاه، ألا وهو التعدٌي على شرائع الله. فسعى نحو لذةٍ واحدة فقط وهي أن يكون موضع سرور الله، ليس بمعنى السرور الحاضر فقط، بل السرور العتيد أن يكون أيضًا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/2tq4xzb