St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   FreeCopticBooks-018-Father-Athanasius-Fahmy-George  >   010-Lekay-La-Nonker-AlMasih
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب لكي لا ننكر المسيح: لماذا يرتد البعض؟ للقمص أثناسيوس فهمي جورج

20- الخلاصة: أساليب وخبرات

 

* إن مهمة الكنيسة الأساسية هي حفظها لأولادها، لأن فيها حفاظ على كيانها ككنيسة المسيح التي تهتم ببناء النفوس وخلاصها: بالتوبة والعبادة وكلمة الإنجيل والشركة والشهادة والإعداد للحياة الأبدية بالأسرار والتعليم والإرشاد والوعظ والافتقاد والخدمة والعمل الرعوي.

* ومن أخطر الملاحظات أن بعض المؤمنين يرتدون إلى الخلف، ونحن بالطبع لا نقصد الارتداد النهائي وإنكار المسيح علنا -مع أنه وارد- لكننا نقصد الارتداد الجزئي الذي يمكن أن يؤدي إلى إنكار نهائي بصورة أو بأخرى "لأنه سيقوم مُسَحَاء كذبة وأنبياء كذبة حتى يضلون لو أمكن المختارين أيضًا" (مت 24: 24).

* والملاحظ أن الذين يرتدون أحيانًا عن الطريق تكمن أسباب ارتدادهم في انتشار السابق لمجيء الرب الثاني "الروح يقول صريحًا أنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان" (1تي 4: 1):

1) البداية الروحية الخاطئة وعدم وجود خبرة مسيحية (السطحية والأمية والهامشية الروحية).

2) مشاكله أبناء هذا الدهر والوقوع تحت نير مع غير المؤمنين (الخلطة).

3) الجزع من الصليب ورفض الدخول من الباب الضيق.

4) المنازعات والأحوال الشخصية.

5) مصادمات الحياة اليومية، والاصطدام بالأجواء الفاسدة والإغراءات والشخصيات المنحرفة.

6) ضعف الرعاية والخدمة، فالبعد عن أعين الكنيسة ومناطق الرعاية يجعل خراف القطيع مطمع للذئاب.

7) عثرات الجو الكنسي، فالخادم المثمر وبال على الكنيسة "خير له لو يعلق في عنقه حجر رحى ويغرق في لجة البحر" (مت 18: 6).

St-Takla.org Image: Jesus' love to us, our love to God, Coptic art by Tasony Sawsan صورة في موقع الأنبا تكلا: محبة يسوع لنا، محبتنا لله - من الفن القبطي رسم تاسوني سوسن

St-Takla.org Image: Jesus' love to us, our love to God, Coptic art by Tasony Sawsan.

صورة في موقع الأنبا تكلا: محبة يسوع لنا، محبتنا لله - من الفن القبطي رسم تاسوني سوسن.

* لذا ينبغي أن تتضاعف الرعاية الروحية وخصوصًا في المناطق المهمشة، لتقديم الإشباع الروحي والقلبي للنفوس البعيدة مكانيًّا، فالذين لا يقدرون أن يأتوا إلى الكنيسة تنتقل هي إليهم لتقدم لهم أيضًا المصل الواقي "درهم وقاية خير من قنطار علاج".

* يلزمنا وضع متخصص لخدمة هذه الخراف، يتضمن تدعيمها إيمانيًا وروحيًا وسلوكيًا، فإذا كانت الكنيسة قد قدمت تعليما كرازيًّا للوثنيين، وتعليمًا وعظيًّا للمقبلين على قبول نعمة المعمودية (تعليم الموعوظين) وتعليما لاهوتيا للمؤمنين (مدرسة الإسكندرية اللاهوتية) وتعليمًا إيمانيًا للرد على البدع والهرطقات في عصر المجامع، وكذلك أعدت برنامجًا لتعد أبناءها للاستشهاد في عصر الاضطهاد، هكذا يتعين عليها وضع برنامج خاص للرد على الشكوك الإيمانية وللوقاية من الارتداد (تكلم القديس اغريغوريوس صانع العجائب عن "جحد المسيح نتيجة الخوف والضغط"، وتكلم القديس كبريانوس عن "المرتد").

* تحتاج هذه الخدمة إلى خدام صلاة، فالنفس التي ترتد عن الإيمان ينبغي أن نصنع عليها مناحة لِتُنْتَشَل من وحل الخطية، وتغتسِل إلى أن تعود إلى كمال حسن صورتها التي أبدعها الله على شبهه والسير بها قدما في طريق التوبة والحياة المسيحية السوية.

* لن تكون خدمة هذه الخراف بالمحاجاة والمقاومة أو بالتعنيف، بل بالمشورة الصالحة والمثابرة والاستمرارية في خدمتهم بيقظة وبصيرة لا تعرف الكلل، والروح القدس لن يكف عن أن يكملنا بصلاحه ويعطينا قلوب وديعة ورحبة لنساعدهم على تعديل سلوكهم.

* إن كثير من الخراف الصالة تحتاج إلى رعاية تهتم بكيانهم وشخصياتهم دون النظر إلى أفعالهم وقصورهم، بل الاهتمام والالتفات إلى نفوسهم المتوارية عن مجتمع الكنيسة والتي يظنون أنه ما من أحد يهمه أمرهم، دون أن ندينهم البتة أو نحسسهم بفداحة أمراضهم مع سرعة توجيههم إلى أب روحي وطبيب خبير بالنفس البشرية يلقي نظرة شاملة على أمراضهم ويلم بكل نواحيها ليعالجها ككل دون إغفال لظواهرها المرئية.

* تلك الأبوة الروحية ترعَى كل ابن ضال وتعطي الدواء الذي قد يكون في أغلب الأحيان مرًّا علقما لكنه دائمًا ذو فاعلية ناجحة، فما من أحد من هذه الخراف إلا ويحتاج إلى ترك حالة اليأس والسقوط والحياة كما كان من قبل، لتتجدد قوته الروحية خلال فاعلية صلوات الآباء الروحية وحكمتهم العالية وقوة محبتهم الأبوية الواضحة التي يدركها مباشرة وفي الحال ويحسها بطريقة مقررة وثابتة، ويقول العلامة ديونيسيوس الأريوباغي "هكذا ينبغي أن يهذب الجهال، لا أن يعاقبوا، أن يؤخذ بيد الأعمى للسير به في الطريق السوي لا أن يلفظ ويلكم".

* كثيرًا ما نظن أن خدمة هذه الخراف نكون بالتقدمات والعطايا المادية، بينما هي تستلزم بالأكثر صلوات يمتزج فيها العرق مع قطرات الدم...، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ومن غير المتصور ألا يكون هناك اجتماعات صلاة وقداسات خاصة لأجل هذه الأعضاء ورجوعها "إن اتفق اثنان منكم على الأرض في أي شيء يطلبانه فإنه يكون لهما من قبل أبي الذي في السموات" (مت 18: 19)... صلاة بإيمان أن المسيح ربنا يستطيع أن يحرك الجبال "الحق أقول لكم لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل كنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل ولا يكون شيء غير ممكن لديكم" (مت 17: 20)، فعلينا المواظبة على التوسل واللجاجة من أجل أن يقوم الرب ويعطينا قدر ما نحتاج لأنه لا يرفض طلباتنا التي حسب مشيئة قلبه.

* إن مفهوم خدمة إيمانيات أعضاء الكنيسة يدفع المؤمنين جميعًا في كل زمان ومكان أن يصلوا ويتوسلوا من أجل خلاص العالم بمحبة شاملة، لكي يقترب المسيح من خرافه المرتدة بود شديد ويحاول معهم متوسلًا إليهم ألا يستهينوا بحبه وخلاصه، وأن يتركوا عنهم النفور والتصامُم عن سماع صوته الإلهي.

* التركيز في هذه الخدمة ينصب على تقديم الإيمان الحي وجدية التوبة والرجوع، حتى لا تتحول المسيحية إلى تصورات نظرية فاترة لا جدوى فيها، بينما ينبغي أن تخدم هذه النفوس المشوشة والمشوهة لترجع أيقونة كاملة لله بحثها على المواظبة على وسائط النعمة والممارسات الروحية.

* إن النفوس التي جحدت الإيمان وارتدت، يمكننا أن نقول دون أدنَى مبالغة أنها لم تتجاوب مع عمل النعمة، أو أنها لم تتلقى أي تعليم ديني في طفولتها، وغير مخدومة روحيًّا، لذلك تحتاج إلى تذوق حلاوة المسيح بالمقارنة بمرارة ثمار العالم حتى تتخلى عن أساليب حياتها الأولى وتقلع عن سلوكها وعوائدها القديمة، حيث كانت سابقا بلا أدنى حصانة في مواجهة العالم الخارجي لأنها لم تكن بعد قد عرفت الكنيسة وتتعلم هذه النفوس في الكنيسة أن تمشي وأن تبصر وأن تتكلم وأن تحيا، وكل رغبة في الحياة لابد نابعة من الروح القدس "المعطي الحياة والمالئ الكل كنز الصالحات".

* والخادم الروحي هو الذي يستر على ذنوب الآخرين كما يستر الله على عيوبه ويمحوها بدمه.... يستر على العثرات التي يراها كأنه لا يراها، والتي يسمعها كأنه لا يسمعها، ويضع نفسه جنبًا إلى جنب مع المذنب المدان والمحروم.

* والذي لا ننجح في خدمته لا نتركه بل نستودعه لخادم آخر لخدمته، إذ يحتاج المرتد إلى عمل فردي لا ينتهي بمجرد رجوعه لكنه يحتاج إلى متابعة وأشبين خاص لخدمته كحالة خاصة على أن تتم الخدمة في ستر وسرية، لعلنا بذلك نشترى ما يستر عرينا نحن قبل أن يأتي يوم الفحص.

* تحتاج هذه الخدمة إلى حلول سريعة منطقية دون أن نقدم فيها أي وعود مادية حتى لا نتعامل بمنطق الطمع والابتزاز والمساومة التي تتلف خلاص النفس، وليس بالنطق أبدًا بأقوال عاطفية باطلة لا طائل منها إنما بقيادة كل إنسان في طريقه نحو الله، قيادة متزنة حكيمة، بعيدًا عن الضجيج والشوشرة "خلصوا البعض بالخوف مختطفين من النار" (يه1: 23).

* ينبغي أن نفهم واجب الكنيسة وعملها الرعوي تجاه هذه الخدمة (خدمة الخروف الضال) لا بتقديم تعليم يقصد منه الاستحسان أو باتباع سياسات التحويلات بل بمقابلة الاحتياجات بالبذل والصلاة والمحبة التي لا تسقط أبدًا، وبالاستشعار المبكر من أجل خدمة كل نفس "اعرف خاصتي" وذلك بالعضوية الكنسية وبالافتقاد والعمل الفردي وزرع الإيمانيات وتقدم القدوة مع مراعاة: خدمة الأسرة، الخدمات التنموية، مدن الملجأ، التوعية.... مع التركيز على الفئات المستهدفة.

* نريد أن ندرك جميعًا قيمة النفس البشرية وخدمتها بالأحضان المفتوحة مع تقديم المعونة الروحية والمادية في حينها، الأمر الذي يستلزم تكوين خدام لخدمة هذه الحالات والإلمام بظروفها الاجتماعية والروحية وهزاتها الإيمانية وانحرافتها السلوكية، لمساعدتهم على اجتياز مشاكلهم والخروج من ورطاتهم مع الالتزام بالحكمة والهدوء وعدم الانفعال بجانب المرونة واليقظة إذ هي أدوات لازمة للذين يخدمون خدمة الخروف الضال.

* نريد أن نبتعد عن مقولة "ابن الهلاك للهلاك يدعى" لأننا لا نقدر أن نصنف أحد أنه ابن هلاك، فليس من اختصاصنا أن نحكم على أحد أو أن ندين أحد ونقضي على أي إنسان بالهلاك الأبدي.

* يلجأ بعض العاملين في هذه الخدمة إلى أساليب بشرية، بينما طالما نحن حملان سوف نغلب حتى لو كان هناك عشرة آلاف ذئب يحومون حول الفريسة، فنحن سنغلبهم بالصلاة والإيمان والعمل الروحي، أما إذا جعلنا أنفسنا ذئابا فسوف نصير إلى حال أسوأ، لأن معونة راعينا ستتخلى عنا... لأن الراعي لا يعول الذئاب بل الحملان، فهو يتركنا ويعتزل لأننا لا نعطيه الفرصة ليظهر قوته ولطفه معنا، أما إن كنا نرد على الضربات فإننا نظهر بذلك أننا نتجاهل نصرته، وكان من الممكن أن لا تتعرض لنا الذئاب وأن نكون نحن أقوى جدًا من الأسود، لكن الله رأى من المناسب أن نكون هكذا "حملان وسط ذئاب" ليتمجد هو أكثر ويعلن قوته "تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تكمل" (2كو 12: 9).

شكرا لله لأنه مهما كان ارتدادنا وتقهقرنا، فأمنا وعد المسيح الصادق "غنوا للكرمة المشتهاة، أنا الرب حارسها، أسقيها كل لحظة... في المستقبل يتأصل يعقوب" (أش 2, 3) وحتى لو قال عنا "شعبي جانحون إلى الارتداد" فالذين معنا أكثر من الذين علينا، وأمامنا وعد المسيح في وسطها فلن تزعزع إلى الأبد. وأنه هو الذي يستطيع أن يقول

"أنا أشفى ارتدادهم" (هو 11: 7).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-018-Father-Athanasius-Fahmy-George/010-Lekay-La-Nonker-AlMasih/Do-Not-Deny-Christ-20-Summary.html

تقصير الرابط:
tak.la/rd64y8p