إذا أُصيبَ إنسان ما بالحمى، فاشتهى أن يشرب مشروبًا باردًا وهذا ليس في صالحه، وجاء الطبيب ومنعه أن يتمم شهوته فتزايدت فيه الرغبة وتناوله حسب شهوته المهلكة ومات، فليس من عيب هنا على الطبيب الذي مهمته أن يمنع، أما التحفظ والاحتراس فهذا واجب المريض يقينًا، وبهذه الطريقة أهلك الشيطان يهوذا عندما غمره بالطمع فاشتهى مال الفقراء وسرق الصندوق وازدرى بالنعمة "كم عقابًا أشر تظنون أنه يُحسب مستحقًا من داس ابن الله" (عب 29:10).
"إن كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية" (يو 34:8) والبعض لا يستطيعون اكتشاف دهاء وخبث الخطية وتلونها بألوان زائفة أمام الساذجين بأعذار بريئة، بعيدًا عن التقييم الواقعي للخطية "لا تقدر شجرة رديئة أن تصنع أثمارًا جيدة" (مت 18:7).
فلو رفض الإنسان الخطية وصد الشيطان مقاومًا شكوكه، تُعطي له الغلبة ويُتوج بعدم الموت "قاوموا إبليس فيهرب منكم" (يع 7:4)، ولأصبحت حياته ارتقاءً من مجدٍ إلى مجد "اقتربوا إلى الله فيقترب إليكم" (يع 8:4) والإنسان الروحي لا يعمل الخطية "نعلم أن كل من ولد من الله لا يخطئ، بل المولود من الله يحفظ نفسه والشرير لا يمسه" (1يو 18:5).
كثيرون من الذين تدخل قلوبهم محبات غريبة يتورطون في العصيان والجهالة ويتمرغون في حمأة الخطية التي تودي بهم إلى الارتداد، لأنه لا توجد خلطة للبر مع الإثم، ولا شركة للنور مع الظلمة، ولا اتفاق للمسيح مع بليعال (2كو 14:6) ومملكة الخطية لا يمكنها أن تعايش ملكوت الله.
ونتيجة للبداية الروحية الخاطئة والفتور الروحي الذي يُصيب البعض، أو بسبب السطحية والأمية الروحية، أو بسبب الشكلية والروتينية في الممارسات الروحية، أو بسبب التنشأة البعيدة عن الجو الكنسي الحي، يسقط الإنسان فريسة للخطية، فما أسهل التزاحم على المسيح، وما أقل الحاصلين على الشفاء.
فلا يقدر الإنسان أن يعترف بالله ولو دعى نفسه مسيحيًّا آلاف المرات بينما هو يخطئ ضد الله، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فمن يسمح لنفسه أن يضع ما يكرهه الله لا يقدر أن يعترف بالله ما دام يحتقر الوصايا الإلهية ويرجع للأمور العتيقة.
إن الناظر إلى النفوس التي تبيع المسيح يجدها في شقاوة الخطية، تحتقر النعمة من أجل مجانيتها، وعندئذ يُلقي الشيطان بالخطايا في قلبها فتصير كيهوذا الذي دخله الشيطان فباع المسيح بالفضة.
فلنسمع العروس في نشيد الأنشاد -التي هي أنا وأنت والكنيسة كلها مجتمعة- وهي تخاطب عريسها المسيح قائلة: "قد خلعتُ ثوبي (العتيق) فكيف ألبسه؟ قد غسلت رجلي فكيف أوسخهما؟" (نش 3:5) وكأنها تقول لنا ما قاله القديس بولس الرسول "نحن الذين متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها" (رو 2:6)!!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/w5dgja8