الشيطان دائمًا يقاوم مملكة المسيح لأنه قد آن الأوان لنسلِ المرأة أن يسحقَ رأسَ الحية (تك 15:3) إنه يحارب إرادة الله بعد أن ضاق بامتداد الملكوت، وهو لا يزال يصرخ "ما لنا ولك يا يسوع أتيت لتهلكنا" (لو 34:4) يثير الاضطهاد والضلال والشكوك والغواية في كل عصر، يحارب بر المسيح ذاك البر الإلهي الحقيقي، إنه لا يُطيقُ الطهارة ولا السلام والوداعة والحب والاتضاع والخير والنور والتعفف... إذ أنه عدو وقَتَّال للناس منذ البدء، وهو المُشتكي والكذاب وأبو الكذاب، الذي سمتهُ الكنيسة "غير الرحيم" ضد المسيح الذي يعمل في أبناء المعصية، والأنبياء الكذبة، والذئاب الخاطفة الضالة. بينما مصيره في المحصلة النهائية، في البحيرة المتقدمة بالنار والكبريت (رؤ 10:20).
لقد حذرنا المسيحُ ربُنا "انظروا لا يُضِلُّكم أحدٌ" (مر 15:13). نلبس سلاحه الكامل حتى نقدر أن نثبت ضد مكائد إبليس (إف 10:6) حيث أنه يجول ينفث سمومَه وغضبَه وهلاكَه. ليقتنص مَن يبتلع وعودَه وإغراءاته الكاذبة أو وعيده وتهديده. لكن الله صادقٌ في وعده وهو لا يشمخ عليه، أي لا يسخر منه Mocked at، فما يزرعه الإنسان إياه يحصد، وأيضًا من يزرع للجسد.. للخطية، فمن الجسد والخطية يحصد فسادًا، ومَن يرتد إنما يدين نفسَه ويقطعُ نفسَه بنفسِه من الكرمة، فالمُرتَد لا يُسَرُّ به الله (عب 36:10) ويكون ارتداده للهلاك، أما الإيمان هو طريق اقتناء النفس.
إنَّ توصيف حالة الشخص المرتد إنما هي: الدوسُ على ابنِ الله، وتدنيس دم العهد الجديد الذي استأمنَهُ عليه اللهُ، والازدراء بالروح القدس وبعمل نعمته... إذ أن كل من يرتد عن الإيمان الحق إنما يفتري ويهين خلاص المخلص، غير مقدر البركات الإلهية التي للحرية وللفداء، وبجهالةٍ يرجع إلى العبودية التي أُنقِذَ منها، بدلًا من أن يصون إيمانَه ويحفظَ دعوتَه، حيث أن الذي فدانا قادر أن يحميهم إلى التمام. فليس أحدٌ يضع يدَه على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله (لو 62:9)، والارتداد للخلف "إلى الوراء" أمرٌ شرير، إذ العبرة لا لمن يبدأ بل لمن يُكمل ولمن يصبر إلى المنتهى فيخلص. أما من ينظر للخلف يكون كنصبٍ تذكاري للنفس المرتدة غير المؤمنة... لذا يوصي الآباء بالابتعاد عن الارتباك والنكوص والتباطؤ، وبضرورة التكميل بسبب زيت المسحة التي قبلناها، وبالتجاوب مع النعمة بالسلوك لئلا نكون قد أخذنا النعمة عبثًا، نعترف بعمل الله معنا ونعيش كما يحق لإنجيله مع كل الذين امتدحهم الرب لأنهم تاجروا بوزناتهم وربحوا.
إن ضرورة تثبيت الإيمان هي قضية الأبدية، وهي وظيفة تمس بنيان كيان الكنيسة أم الأولاد الفرحة (مز 9:113) التي تلدُ أعضاءَها وتجمعهم وتحفظهم لحياة أبدية...تسلمهم الإيمان المتين بالتربية والتوعية والتقوية المستمرة، وسطَ تيارات الانحراف والإغراء والزعزعة والانجذاب والطياشة والهجوم المسعور على العقيدة.
فالمجهود المطلوب كبير والمرتجى أكبر، والحصاد كثير يحتاج إلى فعلة يرسلهم رب الحصاد للافتقاد والتعليم والرعاية وخدمة الاحتياجات خلال المؤشر الجغرافي والأسري والشخصي والفئوي والمجتمعي بالخرائط والتدابير اللازمة على كل الأصعدة، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. لنثبت إخوتنا ونفتقد سلامتهم حتى يتمسكوا بالمواعيد الإلهية ويتحصنوا بالرجاء الحي، بسطاء كالحمام حكماء كالحيات (مت 16.10) مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا (1بط 15:3) ولنجعل دعوتنا واختيارنا ثابتين بالأعمال الصالحة حتى لا نُزل أبدًا (2بط 10:1) عالمين أننا دُعينا لكي نرث البركة، عندما يأتي الديان ولا يُبطئ، حيث يرث الحكماء مجدًا (أم 35:3) والأغبياء حماقة (أم 15:4).
ليت الله يُرسل فعلةً لصيد النفوس إلى شبكته الإلهية... يحملون صليبه الظاهر للعيان حينًا والمختفي في قلوبهم أحيانًا كثيرة، فعلةً لهم سيرتهم بالتقوى والقداسة، غيورين على مجد الله كل حين، متذكرين أكاليلهم مهما كانت الجراح والصعاب، مقتدين بالسخاء الذي لا يُعيَّر. لهم ركبٌ منحنية ونفوس مترفقة تحتمل الجهد والسفر والتعب والتفتيش والنقاش والعطاء بروح الالتزام والإحساس بالمسؤولية مع احتمال الآلام والأتعاب والتحلي بالستر والسرية.
والآن نستودع بين يديك يا سيدنا الرب هذه الدراسة كي تكون لمجد اسمك القدوس وسبب بركة ومنفعة لمن يقرأ ويعمل... ذاكرًا النماذج الحية التي عاينتُها عن قرب في نصيب هذه الخدمة والذين هم الآن عندك يا إله الأحياء بعد أن مجدوا اسمك وحملوا صليبك ونالوا شركة كأس مسيحك... أولئك يا رب الذين أخذتهم الدكتور بهجت عطا الله، والدكتور نبيل صبحي، والدكتور طلعت عبده حنين نيح نفوسهم في أورشليم السمائية ورسخهم في ديارك يا إله الكل وأعطهم يا رب أجرهم السمائي عوض حفظهم وغيرتهم على إيمانك، واقبل إليك سؤالاتهم وهم الآن في حرية الروح من أجل ظروف واحتياجات هذه الخدمة. أما نحن الغرباء في هذا العالم احفظنا في إيمانك وأنعم لنا بسلامك إلى التمام. لك المجد أبيك الصالح والروح القدوس.
القس أثناسيوس فهمي جورج
Ireland Dublin
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/b68v9w4