رغم أنَّ رُهبان الوحدة ورُهبان الشَرِكَة كانا لهما رأيان مُختلِفان في موضوع العقوبات والتأديبات إلاّ أنهما يتِفقان تمامًا في رؤيتهِما للمُكافأت فكانوا جميعهم مُمسكين جدًا في مُكافأة تلاميذهم، والسبب وراء ذلك هو أنهم اعتبروا المديح وكلّ نوع من الجعالة دافِعًا للشر، لأنَّ هذه الأمور تُشجِع الكبرياء الذي أراد الرُّهبان أن يهربوا منه بسائِر أشكاله لأنه سبب السقطة الأولى، ولذلك يُحذِّر الأدب النُّسْكي الرُّهبان وينصحهم أن يكونوا حَذِرين للغاية من الذين يمتدحونهم ويُوقِرونهم (80)، ويقول الدَّرجي أنَّ الله يُخفي عن أعيُننا الكمالات التي اقتنيناها ويُضيف أنَّ: ”ذاكَ الذي يمتدحنا أو بالأحرى يضِلنا يفتح أعيُننا بمديحه، وما أن تنفتِح عيوننا حتّى يتبدَّد كِنزنا“ (81).
كما رأى آباء البريَّة أنه ليس هناك من الأسباب ما يدعو لامتداح أي إنسان إذ أنَّ أي صلاح في الإنسان إنما هو عطية من الله، ومن المُخجِل أن نُمدح بزينة الآخرين، لكن في نفس الوقت لم يمتنِع آباء البريَّة عن تذكير تلاميذهم بالجعالة السمائية كي يُشدِّدوهم ويُقووُهم في جهادهم المُضني لأجل الخلاص (82).
وبجانب ذلك أكَّد التقليد الرَّهباني دومًا أنَّ الإنسان يجب ألاّ يترهب خوفًا من الله أو سعيًا وراء الجعالة الشخصية بل الدافِع الوحيد المقبول تمامًا هو محبة الله، فأنطونيوس ”أبو الرهبنة“ قال: ”أنا لم أعُد أخاف الله لأني أُحبُّه“ (83).
في ضوء ما ذكرناه يُمكننا أن نرى كيف كان لآباء البريَّة نظام كامِل للوسائِل التعليمية منبني ومُؤسس على الأفكار النظرية عن التربية وخاصَّة مبدأ التفرُّد الشخصي.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/q2z7nkn