كما بخطية واحده صار الحكم إلى جميع الناس للدينونة هكذا ببر واحد صارت الهبة إلى جميع الناس لتبرير الحياة لأنه كما بمعصية الإنسان الواحد جُعِلَ الكثيرون خطاةً، هكذا أيضًا بإطاعة الواحد سَيُجْعَل الكثيرون أبرارًا" (رو19،18:5).
عصي آدم الأول فأفقد البشرية كلها التمتع بالله وجهًا لوجه وسَرَى حكم الموت على الجميع لذلك إذا جاء آدم الثاني ابن الله الوحيد الذي إرادته هي إرادة الأب... إذ لهما إرادة واحده أخلي نفسه... أخلاها عن إرادته لا لكي تكون له إرادة تخالف إرادة الله أبية إنما لكي يخضع لإرادة أبيه عوض آدم الأول... (مع كونه ابنًا تعلم الطاعة مما تألم به. وإذ كمل صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي" (عب5:5).
أطاع... مخليًا إرادته ليعمل إرادة الأب إذ يقول للأب "ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت" (مت30:26) ليس لأن ما يريده الابن يخالف ما يريده الأب إنما يقبل الصليب في طاعة للأب حتى يصير المتحدون به المتجاوبون مع عمله. طائعين للأب أيضًا.
فلا عجب إن سمعنا الابن يقول "لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئًا إلا ما ينظر الأب يعمل" (يو24:5). ومرة أخرى يقول أنه لا يتكلم بشيء من ذاته...
هذا لا يعني أن ليس له سلطان ذاتي للعمل أو الكلام إنما يريد ان يؤكد أنه وإن كانت مشيئته هي مشيئة الأب إذ هو الأب واحد إلا أنه من أجلنا... إذ صار نائبًا عنا، يريد أن يفيدنا من العصيان... يقول "لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الأب الذي أرسلني" (يو30:5).
لقد أطاع المسيح حتى الموت موت الصليب حتى يعطنا باتحادنا به وثبوتنا فيه وتمتعنا بالشركة معه أن نحيا لا لذواتنا ولا بحسب إرادتنا بل به وفيه نطيع الأب.
1- ففي الإخلاء والتجسد الابن يحب خليقته ويود أن يخلي ذاته من أجلي. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والأب في حبة لي، الذي هو نفس حب الابن أراد أن يبذل الابن ذاته عنا!
إنه حب واحد دفع الأب إلى بذل ابنه ودفع بالابن إلى نفس الأمر أن يبذل ذاته... إنها إرادة واحدة! لكن الابن أراد أن يبذل ذاته... إنها إرادة واحده لكن الابن حتى في إخلائه نفسه وبذله ذاته إنما صنع هذا من أجل إرادة الأب.
لقد أرسل الأب ابنه وقبل الابن الإرسالية بل ويؤكد الابن في صلاته الوداعية قائلًا (ليؤمن العالم إنك أرسلتني)" (يو21:17).
لقد جاء بإرادته ولكن جاء أيضًا لأجل طاعته للأب إذ يقول الرسول "وفيما هو ابن قد تعلم الطاعة" (عب5:5)".
وكما يقول أغسطينوس:
+ إن إرادة الأب والابن واحدة وعملهما غير منفصل هكذا فإن التجسد والميلاد من عذراء الذي يعني إرسال الابن جاء بواسطة الواحد ويعمل الأب والابن بطريقة غير منظورة بل ولا نستعبد الروح القدس من عملية التجسد إذ قيل بوضوح "قد وجدت حبلى من الروح القدس".
لكن ربما يصير المعنى بأكثر وضوح إن سألنا: كيف أرسل الله ابنه؟ لقد أوصي أن يأتي... فأذعن الابن للوصية وجاء! فهل هذا كان أمرًا أم مجرد اقتراح؟! على أي حال فإن هذا حدث بواسطة كلمة الله الذي هو ابن الله.
لقد أرسله الأب بكلمة... فجاء بعمل الأب والكلمة لذلك فإن "الابن نفسه قد أرسله الأب والابن لأن الابن هو كلمة الأب...
2- وفي الصلب قبل الرب الصليب من أجل خلاص جبلة يديه لكن في ليلة آلامه أراد أن يؤكد قبوله الصليب من أجل إرادة الأب إذ يقول (إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك)...
3- وفي القيامة أيضًا يقول عن نفسه " لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها "لكن يعود الكتاب فيؤكد أن الأب قد أقامه... الأب أراد القيامة فقام الابن بسلطانه...
4- ومن جهة التقديس فإن ابن الله قدوس القديسين هذا القدوس الذي بلا خطية في حبه لنا أخلى ذاته ليعلن أن الأب قد قدسه" (يو36:10).
هو قدوس بذاته لن تفارقه القداسة بل ينبوع كل قداسة إنما قبل أيضًا التقديس من الأب لا كشيء خارج عنه بل في طبعه... إذ يقول "من أجلهم أنا أقدس ذاتي" (يو19:17).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/d3mrf65