أعلن السيد المسيح مرات كثيرة أثناء خدمته وكرازته قبل الصلب والقيامة عن حتمية تقديم ذاته وسفك دمه فدية وكفارة عن حياة البشرية، وأنه كان يجب أن يتألم ويصلب ويموت بالجسد ويقوم من الموت في اليوم الثالث نيابة عن الخطاة الذين يتوبون ويرجعون إلى الله، وأن يغفر الخطايا بدمه الزكي الثمين:
"ابن الإنسان لم يأت ليُخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين (1)"، "هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية (2)"،
"من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويُقتل وفى اليوم الثالث يقوم (3)"، "فيحكمون عليه بالموت ويسلمونه إلى الأمم لكي يهزءوا به ويجلدوه ويصلبوه وفى اليوم الثالث يقوم (4)"،
"كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده (5)"،
ويقول الوحي بلسان بولس الرسول "لأن المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل الفجار.. الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا (6)".
سفك المسيح دمه وبذل نفسه بسبب خطايا البشرية التي ضلت طريقها وابتعدت عن الله وخالفت ناموسه ووصاياه فجاء هو إلى العالم متجسدًا في صورة عبد آخذًا شكل الناس وصار بشرًا وتحمل الآلام والموت كإنسان نيابة عن هذه البشرية الخاطئة ليعيدها ثانية إلى الله الآب ويزيل الحاجز الذي يفصل بين الله وبين الإنسان (7)، ليصالحها معه بدمه ويبررها بقيامته، كما يقول الكتاب أنه "أسلم لأجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا (8)"، ويعطى بالقيامة برهان الحياة والخلود "وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل لأجل الذي مات من أجلهم وقام.. إذًا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة.. الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المصالحة. أي أن الله كان في المسيح مصالحًا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم (9)"، "لكي يذوق (المسيح) بنعمة الله الموت لأجل كل واحد (10)"،
"عالمين أنكم اُفتديتم.. بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح.. أنتم الذين تؤمنون بالله الذي أقامه من الأموات وأعطاه مجدًا حتى إن إيمانكم ورجاءكم هما في الله (11)"،
"الآن قد قام المسيح من الأموات وصار باكورة الراقدين. فإنه إذ الموت بإنسان – بإنسان أيضًا قيامة الأموات. لأنه كما في أدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع (12)" لأن "مخلصنا يسوع المسيح.. أبطل الموت وأنار الحياة والخلود (13)"،
"إن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام فكذلك الراقدين بيسوع سيحضرهم الله معه (14)"، "لأنه لهذا مات المسيح وقام وعاش ليسود على الأحياء والأموات (15)".
وبعد قيامته من الأموات ظل يظهر لتلاميذه مدة أربعين يومًا ثم صعد إلى السماء وجلس عن يمين العظمة في الأعالي وأرسل الروح القدس كما وعد ليقود الكنيسة في كرازتها وبشارتها بالأخبار السارة، ولأنه حي في السماء، الحي إلى الأبد، فهو يشفع دائمًا في المؤمنين، فهو الوسيط الوحيد بين الله والناس لكونه الإله المتجسد، والذي بذل ذاته فدية وكفارة عن حياة العالم، والشفيع الوحيد الذي يشفع في البشرية بحق دمه المسفوك، كإنسان، نيابة عنها: "لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع (16)"،
"وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عن الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ليس لخطايانا فقط بل كل العالم أيضًا (17)"،
"فمن ثم يقدر أن يخلص أيضًا إلى التمام الذين يتقدمون إلى الله إذ هو حي كل حين يشفع فيهم (18)".
وقد وعد السيد أنه سيأتي ثانية في مجد في نهاية الأيام ليدين الأحياء والأموات ويجازى كل واحد بحسب ما يكون عمله:
وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء. وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع رياح من أقصاء السموات إلى أقصائها (19)"،
"ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده. ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم عن بعض كما يميز الراعي الخراف عن الجداء (20)"،
"فإن ابن الإنسان سوف يأتي في مجد أبيه مع ملائكته وحينئذ يجازى كل واحد حسب عمله (21)".
هذه المواضيع التي وضعها وأعلن عنها السيد المسيح وعلمها لتلاميذه ورسله ونفذ الجزء الأول منها؛ صلبه وقيامته وصعوده وإرساله الروح القدس، أمامهم وكانوا شهودًا عيانًا لها، وابتدأ عمله كالوسيط الوحيد والشفيع الوحيد، كانت هي محور وأساس وجوهر وبؤرة كرازتهم للبشرية، بشارتهم بالإنجيل، الأخبار السارة، وذلك منذ اللحظة الأولى لحلول الروح القدس وانسكابه عليهم وانطلاق الشرارة الأولى للكرازة المسيحية. وقد مارس الرسل والمؤمنون الأولون هذه الأمور علميًا في العبادة الليتورجية، التي بدأت بعد أول خطاب كرازي للقديس بطرس فور انسكاب الروح القدس، وذلك في المعمودية وتقديس يوم الأحد والتناول من جسد الرب ودمه، القداس (22)، الذي يصرخ فيه الكاهن قاله الوحي على لسان بولس الرسول:
"فأنكم كلما أكلتم من هذا الخبز وشربتم هذه الكأس تخبرون بموت الرب إلى أن يجيء (23)"، ويرد عليه الشعب "أمين أمين أمين بموتك يا رب نبشر وبقيامتك المقدسة وصعودك إلى السموات نعترف (22)".
وعندما دونت أسفار العهد الجديد، كانت هذه المواضيع هي المحور والجوهر والبؤرة فقد شكلت حوالي 32% من الإنجيل للقديس متى وثلث الإنجيل للقديس مرقس وحوالي 20% من الإنجيل للقديس لوقا وحوالي 50% من الإنجيل للقديس يوحنا وكذلك رسالته الأولى، كما كانت أيضًا محور وجوهر وبؤرة كرازة القديس بطرس سواء المدونة في سفر أعمال الرسل أو المدونة في رسالتيه اللتين كتبهما قيل انتقاله من هذا العالم حوالي سنة 67 م. وكذلك كرازة القديس بولس المدونة في سفر أعمال الرسل أو المدونة في رسائله الأربع عشر التي كتبها فيما بين سنة 52 و64 م.، وكانت جوهر سفر الرؤيا الذي يدور في معظمه حول الرب القائم من الأموات، الرب الممجد والقائد والراعي لكنيسته والشفيع الحي إلى أبد الآبدين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7mzg7nw