"قد سبيت قلبي يا أختي العروس، قد سبيت قلبي بإحدى عينيك، بقلادة واحدة من عنقك" (نش 4: 9).
هنا يخاطب الرب خاصته بلقب جديد. كان يدعوها قبلًا "حبيبتي" و"عروسي" لكنه يدعوها الآن "أختي العروس"... هذان اللقبان نجدهما في هذا الإصحاح والإصحاح الذي يليه... وهذا اللقب يعبر أن الرب له بخاصته علاقتين فهو ليس عريسًا فقط، بل صار أخًا لخاصته لأنه "إذ تشارك الأولاد في اللحم والدم، أسترك هو أيضًا كذلك فيهم" (عب2: 14) وهو "البكر بين أخوة كثيرين" و"القدوس والمقدسين جميعهم من واحد فلهذا السبب لا يستحى أن يدعوهم أخوة قائلًا أخبر باسمك أخوتي" (عب2: 11، 12). والمسيح بعد قيامته المجيدة من بين الأموات يعلن تلك العلاقة المباركة في حديثه مع مريم المجدلية "اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم" (يو20: 17).
يقول العريس للعروس "قد سبيت قلبي يا أختي العروس قد سبيت قلبي". إن لبنان بمناظرها الطبيعية الخلابة لم تستطع أن تلهيه عن محبة عروسه، بل إن العروس هي التي سبت قلبه سبيًا..!! إن مباهج جنة عدن في نظر آدم لم تكن شيئًا بمقارنتها بسروره من وجود حواء معه... لقد كانت هي جزء من كيانه "عظم من عظامي ولحم من لحمي"... لقد ألقى على آدم سبات وخرجت حواء من جنبه، وهكذا آدم الثاني نام على الصليب وخرجت الكنيسة من جنبه الذي طعن بالحربة!! كم تكون النفس البشرية عزيزة في عيني عريسها!! (قيمة التجسد، حين اشترك معنا ابن الله في الجسد الواحد).
إن المحبة هي التي "سَبَتْ قلب العريس" المحبة وحدها التي هي أقوى من الموت. ومن هو الإنسان الذي يأسر قلب المسيح الكبير؟! إنه الخاطئ الذي خلصته نعمة الله المجانية... لقد بذل حياته فداءً عنه، فكيف لا يكون محبوبًا إلى قلبه محبة تفوق العقل؟! وإذا كان المسيح دفع ثمنًا لا يقدر، فإن قيمة نفس الإنسان بالتالي لا تقدر... إن المسيح هو التاجر الذي مضى وباع كل ما كان له واشترى اللؤلؤة الواحدة الكثيرة الثمن!! لا نعجب إذن إن كان العريس يقول لمحبوبته العروس "قد سبيت قلبي"، فداود بروح النبوة قال "الملك قد اشتهَى حسنك" (مز45: 11) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا). وهو عما قريب سيراها في المجد "كعروس مزينة لرجله" (رؤ21: 2).
ماذا يقصد العريس بقوله لعروسه "قد سبيت قلبي بإحدى عينيك". "بإحدى عينيك" يقصد بها البصيرة الداخلية والعين الداخلية. لأن الإنسان له بصيرتان خارجية يرى بها الأمور المنظورة، وداخلية يعاين بها الله وهي القلب. إن ما يأسر قلب الله هي دموع البصيرة الداخلية.
في رسالة بعث بها القديس جيروم إلى كاهن ضرير بأسبانيا تحدث عن العين التي تسبي قلب الله قائلًا "يليق بك ألا تحزن بسبب حرمانك من العينين الجسديتين اللتين يشترك فيهما النمل والذباب والزحافات كسائر البشر، بل افرح بالحري لأن لك العين التي قيل عنها في نشيد الأناشيد قد سبيت قلبي بإحدى عينيك" إن هذه العين هي التي تعاين الله.
أما قوله "بقلادة واحدة من عنقك"... إنها القلادة التي تزين العنق الداخلية. وهي ليست شيئًا آخر سوى حمل نير المسيح وطاعة الوصية الإلهية كما جاء في سفر الأمثال "اسمع يا ابني تأديب أبيك ولا ترفض شريعة أمك، لأنهما إكليل نعمة لرأسك وقلائد لعنقك" (أم1: 8، 9)... فالعروس تتزين بقبولها تأديبات الله بفرح وسرور وحفظها شريعة أمها أي الكنيسة...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/az6gj7y