"حبيبي لي وأنا له الراعي بين السوسن. إلى أن يفيح النهار وتنهزم الظلال أرجع وأشبه يا حبيبي الظبي أو غفر الأيائل على الجبال المشبعة" (نش 2: 16، 17).
بالتجسد الإلهي نزل ابن الله الكلمة إلى النفس البشرية ليخطبها لذاته... وبقيامته المقدسة دعاها للقيام معه وبه وبلا خوف من سلطان الخطية، لكنه طلب إليها أن تحذر الثعالب الصغيرة المفسدة للكروم... استجابت العروس لدعوة العريس "قومي... وتعالي"، وهكذا دخلت وليمة عرس الصليب والقيامة لتنعم بالاتحاد معه، فأخذت تناجيه قائلة "حبيبي لي وأنا له".
في الكنيسة القبطية يُسَمَّى سر الزواج "عقد أملاك وزواج". أما السبب، فلأن في هذا السر يقدم كل منهما نفسه ليصير ملكًا للأخر كقول الرسول "ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل، وكذلك الرجل أيضًا ليس له تسلط على جسده بل للمرأة" (1كو 7: 4). ومن هنا فلا يطلب أحدهما ما لنفسه بل ما هو للأخر، متخليًا عن الكثير من رغباته من أجل الطرف الآخر. وفي نفس الوقت يقدم كلا منهما ما يملك للأخر.
هذا السر تراه النفس البشرية والكنيسة في أكمل صورة على الصليب حيث قدم الرب دمه مهرًا لها ليدخل كلا منهما في ملكية الآخر... وهكذا تقول العروس "حبيبي لي وأنا له"...
رأته على الصليب معلقًا فأدركت بحق مفهوم العرس السماوي، فقد اشتراها بحبه الكامل، وقدم حياته فدية لحياتها. لهذا فهي أيضًا تلتزم بتقديم حياتها له بفرح حتى أنها في الحياة الأبدية في السماء تتغنى وتقول "لأنك ذبحت واشتريتنا لله بدمك من كل قبيلة ولسان وشعب وأمة" (رؤ 5: 9) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا)...
هذه هي الحقيقة يعلنها الرسل فيقول بطرس "عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة وبذهب... بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح"(1بط1:18،19). ويقول بولس "قد اشتريتم بثمن فلا تصيروا عبيدًا للناس إنكم لستم لأنفسكم قد اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله" (1كو 7: 23 ؛6: 19،20)... ويؤكد على هذه الحقيقة يوحنا في سفر الرؤيا على نحو ما أعلنت له "هؤلاء هم الذين يتبعون الخروف حيثما ذهب، هؤلاء اشتروا من بين الناس باكورة لله وللخروف" (رؤ 14: 4).
"حبيبي لي وأنا له".
اختبر القديس أغسطينوس هذه الحياة فيقول في مناجاته لله:
"إلهي. إنني إذ أتأمل ضميري، أراك ناظرًا نحوى دائمًا، ومنتبها إلى نهارًا وليلًا بجهد عظيم ، حتى كأنه لا يوجد في السماء ولا على الأرض خليقة غيري. تسهر على وكأنك قد نسيت الخليقة كلها! تهبني عطاياك، كأني وحدي موضوع حبك!"
ويقول أيضًا... "أتوسل إليك أخبرني أين أنت؟! أشتهي الموت لكي أراك. إنني لا أريد العيش بعد لكي أحيا بك. امتلكني بكليتي فألتصق بك تمامًا"!!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/v9ytw5c