St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   FreeCopticBooks-006-His-Grace-Bishop-Makarios  >   004-Shababna-We-Fekr-El-Rahbana
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب شبابنا وفكر الرهبنة - الأنبا مكاريوس الأسقف العام

27- كيفية الاختيار

 

ثم لا بُد أن يتأكد للمسئولين بالدير أنه لا ارتباط لهذا الشاب بأي مقتنيات في العالم، كما يحسن ألا يقبلوا منه أية تقدمات للدير عند دخوله، بل إذا أراد التصدق بماله قبل الرهبنة- نصحوه بالتوجه به إلى مكان آخر كبيوت الأرامل والأيتام والفقراء.

ثم يوضع طالبوا الرهبنة في بيت الخلوة لأشهر عدة قبل قبولهم تحت الاختبار بالدير.

واختبار الشاب داخل المجمع يأتي أولًا عن طريق إطالة مدة الاختبار، وإشراك الأخ في الأعمال المجمعية أي الأعمال التي تكثر فيها مقابلاته مع الآخرين، وذلك لكي تظهر ضعفاته، التي تظل راكدة مطمورة في القاع ما لم تحركها الاحتكاكات الخارجية.

كما تفيد تلك الفترة الطويلة في تأكيد الدير من محبته للصلاة والتسبيح والمداومة عليهما، كذلك محبته للهدوء ومحبته للآخرين.

وقد لا يكتفي الدير بهذه الخطوة لاختباره، بل يلجأ في كثير من الأحيان إلى الاختبار بطريقة منظمة طبقًا لخطه يرسمها أب الدير الذي يكون موضوع اختبار الأخوة الجدد إحدى مسئولياته، وقد يقوم هو بعملية الاختبار أو يكلف آخرين بها، مترقبًا النتائج مثلما حدث مع الأنبا أرسانيوس معلم أولاد الملوك (عندما وقف على باب المائدة والآباء يأكلون بالداخل ولم يسمح له الأنبا إشعياء بالدخول بل تركه طويلًا ثم بعد ذلك ألقى له قطعة خبز على الأرض، فالتقطها الأنبا أرسانيوس باتضاع ووقف يأكلها في مسكنة- حينئذ فرح به الأنبا إشعياء وأطمأن إلى اتضاعه).

St-Takla.org Image: Coptic monk teaching some youth, consultation, by Ghada Magued Beshara. صورة في موقع الأنبا تكلا: راهب قبطي يرشد بعض الشباب، المرشد، إرشاد، المشورة - رسم غادة ماجد بشارة.

St-Takla.org Image: Coptic monk teaching some youth, consultation, by Ghada Magued Beshara.

صورة في موقع الأنبا تكلا: راهب قبطي يرشد بعض الشباب، المرشد، إرشاد، المشورة - رسم غادة ماجد بشارة.

ونسمع عن راهب أراد رئيس الدير أن يختبره عندما جاء شابًا طالبًا للرهبنة، فقد حدث بعد ما سكن في قلايته الجديدة بأيام، أن وضعوا له (خبزة) أمام بابه، وعند منتصف الليل عندما خرج متجهًا إلى الكنيسة كعادته رأى الخبزة ملقاة على الأرض فأخذها وحملها برفق ثم قبلها واضعًا إياها إلى جوار الحائط (هكذا تعلم منذ أن كان طفلًا)، وإذا بشيخ يفاجئه بلطمه مرة على خده ناهرًا إياه على ما فعله (كيف تتجاسر وترفع الخبزة؟ ينبغي أن تسير هنا في حالك دون تلفت أو دوران بصر.

ربما نكون نحن قد وضعناها هنا لأمر ما، أو قد يكون سائح ما في احتياج إليها، ثم في نهاية التوبيخ قال له:

يبدو أنك لن تفلح في الرهبنة لأنك لا تسير في حالك، فما كان من ذلك الشاب تجاه ما سمعه إلا أن ينحني صانعًا ميطانية metanoia وطالبًا العفو.

ولكنهم من بعد يومين، وضعوا له الخبزة في نفس المكان، ولما خرج كعادته للصلاة وجدها في الطريق، ولكنه في هذه المرة وضع يده على خده متحسسًا مكان اللطمة، متذكرًا ما سمعه منذ يومين، فتركها ومضى في طريقه.

وإذا بنفس الشيخ يفاجئه بنفس اللطمة، ويوبخه كمثل المرة السابقة: لماذا لم ترفعها؟ "شيل النعمة تشيلك" أين الاتضاع؟ أهكذا علموك؟ يبدو أنك بعدما تترهب ستحتقرنا جميعًا، أنت لا تصلح لأن تكون راهبًا.

فانحنى أيضًا طالبًا العفو.

وكان ممكنًا أن يتذمر وتثور عليه طبيعته البشرية، ولكنه لزم جانب الاتضاع والمسكنة.

وعندئذ فرحوا به وصار راهبًا فاضلًا.

ولكن ولأن كل راغبي الرهبنة في الوقت الراهن كانوا قد قرأوا عن مثل هذه الاختبارات المحتملة، أصبحوا مستعدين لاجتيازها.

ولذلك اتجه المختبرون إلى استنباط طرق أخرى في الاختبار، مع ملاحظة ألا يشعر طالب الرهبنة في موقف ما أن الأب بصدد اختباره، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى.

ومثال لذلك: أن يقدم له أي شيء مثل قطعة من اللحم مثلًا، ويمكن أمام ذلك أن يعتذر ويصر على عدم أخذها، أو أن يأخذها ويعطيها لآخر بعدما ينصرف، أو أن يأخذها في طاعة ويأكلها في غير تردد ولعل التصرف الأخير هو الذي يجد قبولًا وارتياحًا.

ومثال آخر: وهو أن يمر معه آخر أكبر منه سنًا وعند البابا يطلب الأب من الأخ أن يمر هو أولًا، ولكن الأخ ينكر ذلك على نفسه بشدة معتذرًا، أو يتردد قليلًا ولكنه يمر معلنًا طاعته في اتضاع.

والتصرف الثاني هنا يجد أيضًا رضا واطمئنانًا، في حين أن إصراره يعد كبرياء، فقد قيل إن الإصرار على الاتضاع: كبرياء.

والحقيقة أن هذا الموقف أو ذاك ليس بالاختيار الكافي الذي يتيح للدير اتخاذ القرار بشأن استبقائه أو إقصائه، ولكنها على أية حال (مؤشرات) توضع في الاعتبار.

ويلاحظ أيضًا طريقة أكل وشرب، وأحاديث طالب الرهبنة مع الآخرين، وكيفية قضائه لوقته في قلايته، وهل يخفي عن أبيه الروحي شيئًا من أفكاره أم يصارحه بكل شيء. وعمومًا فإن فترة الاختبار هي أولًا لمنفعة الشاب نفسه مثلها مثل أي قانون روحي أو مدني أو ديني، الهدف منه هو حماية الفرد – نفسه، وربما حمايته من نفسه.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-006-His-Grace-Bishop-Makarios/004-Shababna-We-Fekr-El-Rahbana/Monastic-Though-27-Choosing.html

تقصير الرابط:
tak.la/5vf9jjj