والكلمة العبرية التي تترجم بهذا المعنى في العهد القديم هي "موسار" أما الكلمة اليونانية المستخدمة في العهد الجديد فهي "بيديا". والمعنى الذي تؤديه كلمة "بيديا" يتسع مع اتساع الإعلانات، فنجد معناها الكامل واضحًا في العهد الجديد بعد أن تمت المصالحة مع الله في المسيح، وتجلت أبوة الله (عب 22: 5، 10).
والمعني الأساسي لها في العهد القديم هو التهذيب أو التدريب كما في (تث 8: 5) " كما يؤدب الإنسان ابنه، قد أدبك الرب إلهك "، ولكن في عهد كانت أهم ملامحه المميزة هي العدالة الصارمة، فإن القصاص اللازم لم تكن له أهميته فحسب، ولكنه كان أيضًا عاملًا حاسمًا في التأديب " أؤدبكم سبعة أضعاف حسب خطاياكم" (تث 26: 28). كما تستخدم بهذا المعنى في التأديب الذي يوقعه الإنسان ولو ظلمًا: "أبي أدبكم بالسياط وأنا أؤدبكم بالعقارب" (1 مل 12: 11). وحيث أن الفكرة الغالبة هي إنزال الألم أو تحقيق الغاية المقصودة من العقاب، استطاع المرنم أن يقول: "لا تؤدبني بغيظك" (مز 6: 1) كما يجد سلواه في هذه الكلمات: "طوبى للرجل الذي تؤدبه يا رب" (مز 94: 12).
كما تستخدم كلمة "بيديا" في العهد الجديد بنفس المعاني التي تستخدم فيها كلمة "موسار" العبرية في العهد القديم، فهي مثلاُ تستخدم بمعني التهذيب: "فتهذب موسى بكل حكمة المصريين" (أع 7: 22؛ انظر أيضًا أع 22: 3؛ عن بولس). وكذلك نقرأ في (2 تي 3: 16)، عن الكتاب المقدس أنه: "نافع.. للتأديب" (انظر أيضاُ 1 تي 1: 2؛ 2 تي 2: 25؛ تي 2: 2؛ وتترجم "مُهَذِّب ومُعَلِّم" (رو 2: 20) "مهذب"). كما يوجد فكر مشابه لذلك - وإن لم يكن مطابقًا له تمامًا - في (أف 6: 4) "ربوهم بتأديب الرب وإنذاره"، ولكن عندما يقصد بكلمة "بيديا" إيقاع الألم، فإن سر الألم الموجود في العهد القديم بصورة كاملة في سفر أيوب، يجد تفسيره الكامل في العهد الجديد، فكل ابن لله ييقن تمامًا أنه لا يمكن أن يكون تحت غضب الله، ولذلك فإن ما يقع عليه من تأديب لا يمكن أن يكون تأديبًا للتدمير بل للتقويم (1 كو 10: 13؛ 11: 32؛ 2 كو 6: 9؛ رؤ 3 : 19). وفي (عب 12: 5 - 11) نجد نفس العزاء، ليس بإشارات عابرة كما في المواضع المشار إليها سابقًا، بل بمناقشة الموضوع مناقشة شاملة على أساس سفر الأمثال (أم 3: 11)، وهو قول من العهد القديم له من العمق والثراء ما لا يمكن أن يدركه أو يقبله إلا الذين تعلموا في المسيح أن يروا في إله السماء والأرض القدير، أباهم المحب الحكيم. وبناء على هذا الجزء، يجب التمييز بين العقاب والتأديب، فالأول عمل من أعمال العدالة وإعلان الغضب، أما الثاني فهو عمل من أعمال الرحمة والمحبة. وحيث أنه "لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع" (رو 8: 1) فلا يمكن أن يوقع عليهم قصاص، بل تأديب فقط. أما حيث يوجد الذنب فلا بد من القصاص، ولكن حيث قد رفع الذنب، فلا يمكن أن يكون ثمة قصاص، فلا توجد درجات في التبرير. لا يمكن أن يغفر لأحد جزئيًا مع بقاء جزء من الذنب عليه، يجب أن يقدم عنه حسابًا سواء في هذا الدهر أو في الدهر الآتي، ومتى كان له بر المسيح، فلا تبقي عليه أي خطية تحتاج إلى غفران، سواء كليًا أو جزئيًا، فكل آلام الحياة هي وسائل علاجية ضد الخطر، وللإعداد لملكوت الله.
* انظر أيضًا: مؤدِّب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hgt7rnx