← اللغة الإنجليزية: Agrapha - اللغة اليونانية: αγραφον.
ومعناها "غير مدون" أو "غير مسجل" وَتُسْتَخْدَم بهذا المعنى في كِتابات بلوتارك وغيره.
في الكتابات المسيحية في العصور الأولى وبخاصة في كتابات إكليمندس الإسكندري، أطلقت على التعليم الشفهي. وقد أحيا كورنر هذا المعنى تحت عنوان: "مواعظ المسيح الأجرافية". وظل استخدامها -بعض الوقت- قاصرًا على أقوال المسيح غير المدونة في الأناجيل، والتي كان يُعْتَقَد أنها وصلت عن طريق التقليد الشفهي، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ولكن بتحليل الكلمة اليونانية "أجرافا" نجد أنها لا تعني فقط التقليد الشفهي، ولكن أيضًا الأقوال "غير الموجودة في الأسفار القانونية" وقد استخدمها بهذا المعنى "رسك" في الطبعة الأولى من مؤلفه العظيم عن هذا الموضوع والذي نشره في ألمانيا في سنة 1889 تحت عنوان "الأجرافا - شذرات من إنجيل إضافي". وقد اتسع الآن استخدام الكلمة لتعني لا الأقوال فحسب، بل التاريخ أيضًا . وفي الطبعة الثانية (نُشِرَت في ألمانيا أيضًا) اتسع المعنى أكثر ليشمل الأقوال والنصوص الإضافية، فكان العنوان: "الأجرافا: شذرات إضافية للإسفار القانونية". وضم المجلد الأول مجموعة من أجرافا العهد القديم ولكن ما زالت تطلق -في الغالب- على الأقوال غير المدونة في الكتاب المقدس، والمنسوبة ليسوع، وهذا هو الموضوع الرئيسي لهذا البحث.
من بين أقوال الأجرافا والأبوكريفا التي دونها رسك، وهي 361، يُنْسَب 160 منها إلى المسيح ، كما يمكن إضافة ثلاثين أخرى نقلًا عن مصادر مسيحية ويهودية وغيرها، مثل الأناجيل الأبوكريفية والقداسات وكتابات الآباء وكتابات العصور الوسطى والتلمود.
فالكثير من هذه الأقوال لا يمكن اعتباره أجرافا مستقلة، وهذا الكثير ينطوي تحت خمسة أنواع على الأقل:
أ- البعض منها مجرد ترديد أو تحريف لأقوال كتابية مثل "صلوا ولا تملوا" (لو 18: 1) ، ومثل "لم آت لأحذف من ناموس موسى بل جئت لأضيف لناموس موسى" وهو تحريف لما جاء في (مت 5: 17).
ب- بعض الأقوال عبارة عن جمع بين عبارتين كتابيتين أو أكثر مثل: "اثبتوا في محبتي فأعطيكم حياة أبدية " فهي جمع بين (يوحنا 8: 31؛ 10: 38). أو مثل " لقد اخترتكم قبل أن يوجد العالم " فهي جمع بين (يوحنا 15: 19؛ أف 1: 4).
ج-الاقتباس الخاطئ أو المستهتر، لأقوال كتابية، مثل "إن سدوم تُبَرر أكثر منكم" فهي مأخوذة عن (حز 16: 52). ومثل: "لا تغرب الشمس على غضبكم" فهي منقولة عن الرسائل وليست في الأناجيل (أف 4: 26)، و"الغضب يدمر الحكيم" فهي مأخوذة عن الترجمة السبعينية (الأمثال 15: 1).
د- بعض الأقوال يجب رفضها مطلقًا إذ ليس لها مصدر قديم، مثل: "كن شجاعًا في الحرب، وقاتل الحية القديمة، فتكون لك الحياة الأبدية"، والتي نجدها -أول ما نجدها- في مؤلف من القرن الثاني عشر.
ه- بعض الأقوال المشبوهة بسبب مصدرها أو مرماها، مثل عبارة: "أمي الروح القدس" فهي لا أساس لها في تعليم المسيح، وهي مأخوذة عن مصدر مريب، هو إنجيل العبرانيين. وكذلك الأقوال التي تدل على وحدة الوجود: مثل "أنا أنت وأنت أنا، وأينما تكون أنت، أكون أنا". وكذلك القول المشهور: "ارفعوا الحجر فتجدونني، شقوا الخشب فأوجد"، وغيرها من الأقوال التي ينقلها أبيفانيوس عن إنجيل الأبيونيين، والتي تختلف في مضمونها عن الأناجيل الكتابية.
بعد استبعاد الأقوال المذكورة آنفًا وأمثالها، يبقى لدينا حوالي خمس وثلاثين عبارة، تستحق أن نشير إليها، وبعضها يستحق أن ندرسه بعناية. وأهم هذه الأقوال هو ما جاء منها في العهد الجديد -خارج الأناجيل- وهي:
(1) القول العظيم الذي ذكره الرسول بولس في ميليتس: "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع 20: 35).
(2) الأقوال التي يذكرها الرسول عن العشاء الرباني (1 كو 11: 24، 25).
(3) الموعد بمعمودية الروح القدس (أع 1: 5؛ 11: 16).
(4) الإجابة على السؤال: "هل في هذا الوقت ترد الملك إلى إسرائيل"؟ (أع 1: 6).
(5) وربما أيضًا ما جاء عن مجيء الرب الثاني:"بكلمة الرب" (1 تس 4: 15).
(6) الوعد بإكليل الحياة لمن يحبون الله (يع 1: 12).
توجد بعض الإضافات في بعض مخطوطات الأناجيل وترجماتها، ومن أهمها:
(1) تعليق المسيح على العمل يوم السبت [الوارد بعد (لو 6: 4)] في مخطوطة بيزا ومخطوطة فرير التي اكتشفت في مصر حديثًا: "إذا علمت أيها الإنسان ماذا تفعل فطوباك، أما إذا كنت لا تعلم فأنت ملعون معتد على الناموس".
(2) وقول آخر جاء في مخطوطة بيزا أيضًا (بعد مت 20: 28) ولكنكم تطلبون القليل لتزدادوا، والأعظم لتنقصوا ". وفي الترجمة السريانية الكيرتونية جاءت الجملة الأخيرة هكذا: "وليس من الأعظم لتنقصوا".
(3) وجزء آخر -ربما كان أقل أهمية- هو الجزء الوارد في مخطوطة فرير -السابق ذكرها- في نهاية إنجيل مرقس [فيما بين عددي (مر 16: 14، 15)] والذي ذكر جيروم وجوده في بعض المخطوطات في عصره، فعندما شكا التلاميذ من مقاومة الشيطان، وطلبوا منه قائلين " لذلك أعلن برك الآن "، فأجابهم يسوع: "لقد بلغت سنو الشيطان حدها، ولكن أمورًا أخرى رهيبة تقترب، ومن أجل الذين أخطأوا قد أسلمت للموت لكيما يرجعوا إلى الحق، ولا يخطئوا فيما بعد، حتى يرثوا مجد البر الروحي، عديم الفساد، في السماء ".
تمدنا الأسفار الأبوكريفية وكتابات الآباء ببعض الأقوال الهامة، وأول ما يجب أن نذكره منها:
(1) عبارة ترد في أقصر صورها هكذا: "كونوا (برهنوا على أنكم) صرافين مزكين ". ويذكر رسك 69 موضعًا لها، يرجع 19 منها -على الأقل- إلى القرنين الثاني والثالث، ولو أنها في مراجع قليلة، جميعها من مصادر مصرية. ويبدو أن هذا القول انتشر انتشارًا واسعًا في عصور الكنيسة الأولي، وقد يكون قولًا صحيحًا. ومن الأقوال القديمة الهامة -من نفس المصادر- نذكر الآتي بدون تعليق:
(2) " الآب السماوي يريد توبة الخاطيء أكثر مما يريد عقابه " (الشهيد جستين).
(3) " من هو ضعيف سيخلص بمن هو قوي" (يرجع إلى حوالي سنة 300 م).
(4) " اخرجوا من القيود يا مَنْ تريدون" (إكليمندس الإسكندري).
(5) " اخلص أنت ونفسك" (ثيودوتس في إكليمندس).
(6) " طوبى لمن ينوحون على هلاك غير المؤمنين " (الدسقولية).
(7) " القريب مني قريب من النار، والبعيد عني بعيد عن الملكوت" (أوريجانوس).
(8) " من لا يجرب لا يزكى" (الدسقولية وغيرها).
(9) " من يحزن روح أخ هو واحد من كبار المجرمين" (إنجيل العبرانيين).
(10) " لا تفرح إلا إذا نظرت إلى أخيك بمحبة " (نفس المرجع السابق).
(11) " لا يكف من يطلب ... حتى يجد، ومتى وجد فإنه يندهش، وإذ يندهش يصل إلى الملكوت، وعندما يصل إلى الملكوت يستريح " (إكليمندس الإسكندري ومخطوطات البهنسا).
(21) في قصاصة من إنجيل، وجودها جزنفيل وهنت في البهنسا، وجد نص غير كتابي: "هو نفسه يعطيكم ثيابًا "، فيقول له تلاميذه :" متى تظهر نفسك لنا ومتى سنراك؟ " فيقول: "عندما تتجردون ولا تخجلون " وهو شبيه بما يرويه إكليمندس الإسكندري من إنجيل المصريين، ولكن الفارق كبير مما يرجح أنهما ليسا من مصدر واحد. وقد وجد هذان الاثنان أيضًا قصاصة أخرى من نفس الموقع، تحتفظ لنا بقولين - وإن كانا قليلي الأهمية إلا أنهما غريبان - وأولهما.
(12) هو نهاية عبارة عن عقاب فعلة الشر:" قبل أن يرتكب الإنسان الشر، يحاول أن يجد كل المبررات. ولكن احترس من أن تفعل نفس هذه الأشياء مثلهم، لأن فعلة الشر بين الناس لا ينالون جزاءهم في هذه الحياة فحسب، بل ينتظرون دينونة وعذابًا شديدًا ".
والثانية (13) جواب طويل على شكوى فريسي متمسك بالطهارة الخارجية، وأهم جزء فيه كما يرويه بروفسور سويت هو: "ويل لكم أيها العميان الذين لا تبصرون ... ولكن أنا وتلاميذي الذين تقولون عنهم إنهم لم يغطسوا، قد غطسوا في مياه الحياة الأبدية التي تأتي من الله من السماء ". وكل هذه النصوص التي وجدت في البهنسا، ترجع على الأرجح إلى القرن الثاني، كما أن مصادر مصرية أخرى تحتوي على العديد من الأقوال التي لها أهميتها لأنها نبتت في نفس البيئة المتدينة. وأهم هذه الأقوال هي الثلاثة الآتية:
(14) " توبوا لأنه خير للإنسان أن يجد كأس ماء في العالم الآتي، عن كل عنى هذا العالم ".
(15) " إن خطوة واحدة في بيت أبي لأفضل من كل ثروة هذا العالم ".
(16) " والآن آمنوا بمحبة أبي، لأن الإيمان هو نهاية كل الأشياء ". وهي ترد - مثل غيرها من الأقوال - وسط أقوال كتابية.
وإن كان عدد الأقوال التي تنسب للمسيح -التي جمعها العلماء- يبدو رهيبًا، إلا أن ما يمكن أن يقبل منها -على أساس مصدره القديم الذي يمكن الاعتماد عليه، أو للدلائل الداخلية فيه- قليل جدًا. فمن كل ما ذكرناه نجد أن الأقوال 1 - 4، 7، 8، 10 والتي لها سند قديم، لها الأفضلية عن سائر الأقوال. أما الأقوال من 11 - 20 فهي قديمة أيضًا ومقبولة وجديرة بالاعتبار. ومع ذلك فالأقوال الصحيحة قليلة جدًا. ولعل ما يقوله روبز لا يبعد عن الحق كثيرًا: "إن كتبة الأناجيل القانونية قاموا بعملهم على خير الوجوه فلم يتركوا إلا فضلات قليلة شاردة وقليلة الأهمية ليجمعها الملتقطون".
ومن الجانب الآخر، لا يلزمنا اتباع ولهاوزن في رفض كل الأجرافا جملة وتفصيلًا، فالاكتشافات الحديثة دلت على أنها بقايا مجموعة ضخمة من الأقوال الإضافة التي تداولتها الدوائر المسيحية -بدرجات مختلفة- وبخاصة في مصر في القرون الأولى، وإن احتمال وجود عبارة أو عبارتين قالهما المسيح حقًا، لمبرر كاف للبحث والدراسة.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hwmr2t7