أعياد العذراء في السنكسار | عقيدة العذراء مريم عبر الأجيال | العذراء في القداس | من فضائل العذراء | فضائل العذراء وإيمانها | العذراء والطهارة | الشفيعة المؤتمنة | ظهورات العذراء في القرن العشرين | رموز السيدة العذراء في العهد القديم | الصوم وتكريم العذراء | زنار السيدة العذراء | المستحيلات العشرة للقديسة العذراء
الأنبا موسى
بنت السيدة العذراء حياتها على فضائل أساسية وبدونها صعب أن يخلص الإنسان، أو أن يكون له حياة أبدية، أو يقتنى المسيح في أحشائه كما اقتنته السيدة العذراء في أحشائها، وهذه الفضائل الأربعة هي:
1- فضيلة النعمة.
2- فضيلة الحوار.
3- فضيلة الاتضاع.
4- فضيلة التسليم.
قال لها الملاك: "سلام لك أيتها الممتلئة نعمة" كلمة (نعمة = خاريس).. أصل الكلمة يقصد "فعل الروح القدس".. فعندما يملأ روح الله الإنسان يملأه من النعمة.
أي يفعل فيه فعلًا إلهيًا مقدسًا ومكرسًا ومدشنًا هذا الإنسان، فيصبح هذا
الإنسان مكان وهيكل لسكنى الروح القدس.
"أما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم" إذن النعمة هي عمل الروح
القدس.. فالعذراء وهي طفلة في الهيكل.. فتحت قلبها لعمل الروح القدس، لذا كان
طبيعيًا أن يحل فيها الروح القدس.
وهنا أريد أن أسألكم أحبائي الشباب ما مدى شبعي بوسائط النعمة؟
فالسيدة العذراء: في الهيكل إما أن تصلى أو تقرأ.. أو تخدم الذبيحة بطريقة ما،
هذه الثلاث وسائط التي تملأنا نعمة. نصلي كثير.. نقرأ الإنجيل كثير.. نتحد
بذبيحة الأفخارستيا، هذه هي النعمة وسكنى الروح القدس والمصاحبة الربانية
للإنسان.
ألا يقال أنه: "يوجد صديق ألزق من الأخ" المسيح يحب أن يكون صديق لنا وساكن
بداخلنا، والمسيح لا يسكن بداخلنا إلا بعد أن يملأنا بالنعمة أولًا.. ألم يسكن
داخل العذراء بعد أن ملأها نعمة.
وهكذا فأنت عندما تصلى تتغذى، لأن الصلاة تمامًا كالحبل السري للجنين في بطن
أمه، لولا هذا الحبل السري يموت الجنين.. وأيضًا يوجد بيننا وبين الله حبل سرى.
فالله يسكب دمه الإلهي ويسكب نعمته في أحشائنا، الله يعمل فينا من خلال نسمة
الحياة التي هي الصلاة، فالصلاة هي الأكسجين أو الغذاء.
يقول الكتاب: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.. بل بكل كلمة تخرج من فم الله".
إذن الذي لا يقرأ الكتاب المقدس يجوع... ومن يجوع يموت... الخبز للجسد كالكتاب
المقدس للنفس، ومثلما الخبز يشبع الجسد وأساسي لحياته، كذلك الكتاب المقدس
أساسي لشبع النفس.
في الصلاة نشبع بالسمائيات، وفي الكتاب المقدس نشبع بكلمة الله "وجد كلامك
فأكلته فكان كلامك كالشهد في فمي".
ونتغذى أيضًا من خلال الأسرار المقدسة "لأن مَنْ يأكل جسدي ويشرب دمى يثبت
فيَّ
وأنا فيه" الصلاة خبز والكتاب خبز والتناول خبز.
والإنسان يشبع من خلال هذه الثلاثة أنواع من الخبز الروحاني.
لم يكن هناك تعامل مع الله على أنه ساكن بالسموات، ونحن هنا على الأرض
وبيننا وبين الله مسافة كبيرة، ولكن السيدة العذراء أحست أن الله أباها، وبدأت
تقيم حوارًا معه، فحتى عند بشارة الملاك لها بأنها ستحبل وتلد أبنًا كانت
تستطيع أن تصمت على الأقل خوفًا ورهبة، ولكنها بدأت تسأل: "كيف يكون لي هذا؟"
وكان رد الملاك لها محاولًا أن يوضح لها ويفسر ذلك... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في
موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). "الروح القدس يحل عليك
وقوة العلى تظللك..." وكان سؤال العذراء استفساري في حوار بنوى، وليس حوار فيه
روح الشك، فالعذراء كان بينها وبين الله دالة، ما أحلى أن تكون موجودة بينك
وبين ربنا يسوع هذه الدالة البنوية.
نحن لا نريد أن نتكلم والله يسمع فقط، ولكن الله أيضًا يتكلم وأنت تسمع "تكلم
يا رب فإن عبدك سامع" بيننا وبين ربنا حوار.. مناجاة.. محادثة.
ولنتأمل يا أحبائي في قصة السامرية.. 8 مرات يسألها الرب يسوع وتجيبه هي، وتسأله السامرية ويجيبها رب المجد... فالله لا يسكن في الأعالي ويتركنا، ولكن هو يريدنا أن نتحدث معه دائمًا وأن نسمعه "هلم نتحاجج يقول الرب" نريد أن نتعلم الحوار مع الله، وداود يقول إني أسمع ما يتكلم به الرب الإله.
عندما أعلن لها الملاك أنها ستكون أم لله كان ردها "هوذا أنا آمة الرب" آمة.. عبدة.. خادمة.. تواضع لا مثيل له من السيدة العذراء، تواضع حقيقي.. نعم فأنت تضع في يا رب وتعطيني من محبتك، ولكن ما أنا إلا خادمة.. هل عندنا هذا التواضع الذي يحول الأم إلى آمة؟ كلما أنكسر الإنسان أمام الله كلما أنتصر على التجارب، فالانكسار أمام الله، هو طريق الانتصار، من يتواضع يرفعه الله "أنزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتواضعين".
وكانت السيدة العذراء كلها وداعة، وكلها تواضع، فهي سمة ظاهرة جدًا في حياة السيدة العذراء.
كانت هذه الفضيلة عجيبة ومؤثرة "ليكن لي كقولك"، تسبب لكِ متاعبِ.. يشك فيك يوسف.. لتكن مشيئتك يا رب، ربنا تدخل وأفهم يوسف.
ولكن أين كانت الولادة؟ لا بيت ولا فندق ولا حتى غرفة حقيرة.. إنه مزود حيوانات.. لتكن مشيئتك يا رب، وها هم المجوس في زيارة المولود، يقدم المجوس ذهبًا ولبانًا ومرًا.. إذن لماذا الألم يا رب؟ إنها رحلة صليب.. لتكن مشيئتك يا رب، ويأتي سمعان ويقول: "أنه وضع لقيام وسقوط كثيرين في إسرائيل ولعلامة تقاوم" لتكن مشيئتك يا رب إنه كنز العذراء، وحتى عند تعذيب اليهود له، وعند صعوده على الصليب..
كان التسليم عجيبًا "أما العالم فيفرح لقبوله الخلاص وأما أحشائي فتلتهب عند نظري إلى صلبوتك، الذي أنت صابر عليه من أجل الكل يا أبنى وإلهي". هل سألته لمن تتركني؟ من ينساها... إنه تسليم في كل مراحل الحياة.. لتكن مشيئتك.
هل نحن نفعل ذلك أن نقول: "ليكن لي كقولي" تأملوا في هذه العبارة "لست تفهم الآن ماذا اصنع ولكن ستفهم فيما بعد".
يا أحبائي.. أمام السيدة العذراء نذوب حبًا وخجلًا من أنفسنا، ونشعر بالنورانية الحلوة التي تشع من وجهها، وننظر إلى سيرتها العطرة فنتمثل بإيمانها. السيدة العذراء كانت ممتلئة نعمة.. تحاور الله في دالة متواضعة، تسلم حياتها لله كل الأيام.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/c3c7jn2