سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة روحية وعامة
أولًا(*)، إنه لأمر رائع بالطبع أن يصلي الأخوة المسلمون كثيرًا، ونحن نحترم هذا جدًا بالتأكيد.. ولكن أسئلتك من جهة الإسلام قم بتوجيهها لأي موقع إسلامي أو شيخ في جامع.. نحن لن نقوم بالرد عليها لأنه لا علاقة لنا بها.. ولسنا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في مجال للمقارنات وخلافه، فهذه لها عشرات المواقع والمنتديات الأخرى، اذهب وابحث عنها بنفسك.. ولكن إجابتنا ستتعرض لما له علاقة بالمسيحية في الأساس..
الصلاة في المسيحية هي صِلة مع الله عز وجل.. هي علاقة معه.. ليست فرضًا يجب على المرء عمله أو.. لا.. إنها هامة جدًا، ولكن الدافع لها هو محبة الله، وليس مجرد إتباع فرائض، ولا اتقاءً لله أو خوفًا من عقابه، ولا للحصول على مائة أو ألف حسنة وخلافه.. ففي المسيحية "اَللهُ مَحَبَّةٌ" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 4: 8، 16).. فنحن نحب الله ولسنا نتقيه، بل بالعكس، نسعى إليه..
ثانيًا أنت توجه سؤالك إلى موقع قبطي أرثوذكسي، فلا علاقة لنا بأشخاص أجانب لا نعرف توجههم الديني أو الطائفي أو العقيدي أو غيره.. ولا نعرف ظروفهم أو ارتباطاتهم بمواعيد عمل أو خلافه.. فنحن نتحدث من ناحيتنا، وهذا ما ينبغي أن تسأل عنه..
من الأخطاء الوارِدَة في الرسالة هو قولك في البداية "نعلم أن صلاتكم يوم الأحد".. وهذا خطأ! فنحن لا نصلي الأحد فقط.. يوم الأحد هو يوم مقدس في المسيحية لأنه يوم قيامة السيد المسيح من الأموات، وهو يوم مخصص أكثر من غيره للتعبد والعلاقة مع الله.. ولكنه ليس اليوم الوحيد.. فيقول كتاب الله: "اِسْهَرُوا وَصَلُّوا" (إنجيل متى 26: 41؛ إنجيل مرقس 13: 33؛ 14: 38). بل بالأكثر من هذا يقول الكتاب: "صَلُّوا بِلاَ انْقِطَاعٍ" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي 5: 17)، وأمرنا قائلًا: "صلوا كل حين ولا تملوا"، كما يظهر من الآية: "يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ" (إنجيل لوقا 18: 1).. فالإنسان يصلي دائمًا، ليس في وقت من أوقات الصلوات الطقسية اليومية فقط، ولكن يصلي وهو في عمله، ويكلم الله وهو في عمق ضيقه أو في فرحه وغيره، ويتحدث إلى الله في أوقات فراغه وفي أوقات مشغولياته.. إلخ.
للأسف كثير من الأخوة المسلمين ليسوا على دراية كافية بالمسيحية.. فنحن يا عزيزي لدينا سبع صلوات يومية.. وستجد في أعلى الصفحة لوجو موقع الأنبا تكلاهيمانوت أعلاه رابط بعنوان "الأجبية"، وهي كتاب السبع الصلوات اليومية.. فلسنا نصلي يوم الأحد فقط، بل يوميًا، وفي كل فترات اليوم المختلفة..
وأيضًا بالنسبة لموضوع "يوم الأحد فقط" هذا، فليس صحيحًا.. لأنه لدينا في الكنيسة الواحدة أكثر من قداس يوميًا، هذا في جميع كنائس مصر والكنائس القبطية الأرثوذكسية في العالم كله..
يقول الله: "لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلًا»" (إنجيل يوحنا 7: 24). فمن غير المناسب أن تحكم حسبما ترى فقط، بدون بحث ودراسة كافية للأمر.. فإن كانت صلاة الأخوة المسلمون هي يوم الجمعة فقط التي يكون فيها العدد الذي تتحدث عنه، فيوجد لدينا صلوات قداسات يومية، والعدد يوزَّع عليها جميعًا..
ومن ناحية العدد، فالله عز وجل لا يهتم بالعدد، بل يهتم بالقلب.. كما يقول الوحي الإلهي أن الله "لاَ يُحِبُّ كَثْرَةَ الْبَنِينَ الْكَفَرَةِ الَّذِينَ لاَ خَيْرَ فِيهِمْ" (سفر يشوع بن سيراخ 15: 22)، حتى وإن كانوا "بنينًا"، و"كثرة"، ولكن الله يحب ذوي القلب النقي فقط.. فنحن لا نهتم بالعدد، ولا قيمة له بدون أن تكون القلوب نقية أمام الله، ويتبع الإنسان وصايا الله في حياته كلها، ليس فقط أن يظهر أمام الناس كإنسان مُصَلّي، في حين أنه لا يتبع كلام الله في حياته العملية مع ذاته ولا مع الآخرين..
ومن ناحية الانتشار، فليس معنى انتشار أو نمو عقيدة ما بطريقة ما هو دليل على أنها من الله! فقد سمحت إرادة الله أن تظهر مثلًا الإمبراطورية الرومانية التي كانت تُدعى "إمبراطورية الشر".. وقد سمح بظهور الاتحاد السوفييتي الذي أنكر وجود الله من الأساس.. إلخ.
أمر مهم آخر وهو أننا في المسيحية لا نتباهى بالأعمال الصالحة، لأنه "لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ" (إنجيل متى 19: 17؛ إنجيل مرقس 10: 18؛ إنجيل لوقا 18: 19). فمن الخطأ على المسيحي أن يصلي لكي يراه الناس فقط، أو يتعمَّد أن يقوم بأعمال صالحة أمام الآخرين، أو حتى يتحدَّث عن فضائله الشخصية وغيره.. فالذين سألتهم بالتأكيد يعرفون هذه الأمور جيدًا، وربما كان ردهم بما يتوافق مع الفضائل المسيحية الحقة بعدم إظهار الفضيلة..
علَّمنا السيد المسيح هذا الأمر بصورة واضحة في الموعظة على الجبل، فيقول: «وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ، لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلًا كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ" (إنجيل متى 6: 5-7).
وفي الموعظة على الجبل ذاتها تحدث الرب عن أنه لا يجب على الإنسان الصائم أن يتباهى بصومه، فهو لا يتفضَّل على الله! بل بالعكس، لا يجب أن يُظْهِر صومه أمام الناس.. وفي العطاء وكافة الفضائل..
الفضائل المسيحية تعلمنا في الصلاة أن نصلي للآخرين، ونصلي حتى للأعداء.. فأي سمّو هذا أن يصلي الإنسان حتى لأجل الذين يعادونه؟! "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ" (إنجيل متى 5: 44).
أخيرًا، ندعوك صديقي إذا جئت إلى مصر أن تشرِّفنا في أي كنيسة أرثوذكسية لتحضر أوقات الصلوات الجماعية بنفسك (وهي غير الصلوات الفردية).. ونسأل الله الهداية للجميع..
_____
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت
www.st-takla.org (م. غ.) - مراجعة لغوية: سامي فانوس.الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/v6598ar