سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة اللاهوت والإيمان والعقيدة
الإجابة:
بسبب أن السائل العزيز من سوريا الشقيقة، وليس من مصر، فهو يعرف القليل عن المسيحية عامة، ولا يعرف شيئًا عن الكنيسة الأرثوذكسية المصرية من الأساس! فإن كان مسلمو مصر يعرفون القليل عن المسيحية، فلك العذر في هذا الأمر.. ولكن بالطبع نُقَدِّر فيك أنك تحاول التعرُّف على المسيحية من مصادرها.. وذلك كما يتضح من الأخطاء المذكورة في الرسالة(*)..
دعنا أولًا كعادتنا هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت أن نضع الآيات القرآنية بنصها مع التشكيل لتتضح الصورة أكثر.. وهي من سورة مريم، الآيات من 88-96: "وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا. لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا، تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا، أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا، وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا، إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا. لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا، وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا".
ولنتعرض الآن للنقاط التي جاءت برسالتك العزيزة والرد عليها:
وضعت الآيات في الرسالة ثم سألت: "ألم تؤثر فيك الآيات"؟ هذه الآيات لا علاقة لها بالمسيحية لا من قريب ولا من بعيد!! لأنك تظن أن هذه الآيات تتحدث عن المسيحية، ولكنها في الواقع تتحدث عن بعض البِدَع التي لا وجود لها الآن، وهرطقات ظهرت ضد المسيحية حاربتها الكنيسة.. فالمسيحية لم تنادي يومًا بأن الله كان له صاحبة وأنه أنجب منها ولدًا!! حاشا! فينبغي عليك أن توجه سؤالك لشيوخ لإسلام وليس للمسيحية للتأكد من هذا الأمر!! وكأنك بهذه الرسالة القائلة بعدم وجود ابن الله أو أن الله تزوّج -حاشا، تحاول أن تقنعني بإيماني الذي تؤمن به المسيحية قبل الإسلام بستة قرون، وهو ليس أمر جديد..
أما عن نقطة لفظ "المسيح ابن الله"، فهذا لفظ روحي وعقائدي، وليس لفظ حرفي.. للمزيد حول هذه النقطة، برجاء الضغط على الرابط السابق في هذه النقطة هنا في موقع الأنبا تكلا، حيث تتحدث عن هذا الأمر بالتفصيل، لئلا يكون هناك تكرار لا فائدة له في الموقع..
وبخصوص كلامك أننا لا ننتقص من عقائد الآخرين ثم بعد ذلك نقول ما تتهمنا بقوله، فهذا أيضًا اتهام غير صحيح ولا علاقة لنا به.. فإن كنت في مصر تعرف أن بعض الأقباط الأرثوذكس يعانون من الاضطهاد أو القمع أو القتل أو إهانة العقيدة سواء على صفحات الجرائد أو من خلال مكبرات الصوت في خطب الجمعة لشيوخ بعض الجوامع أو الزوايا الإسلامية - وليس الكل إحقاقًا للحق.. بخلاف الهجوم المستمر على بعض الكنائس أو المُصلَين وخلافه.. وأيضًا لإحقاق الحق، هذا لا علاقة له بإسلام مصر المعتدل الذي نعيش معه عبر العصور.. فهذه تعاليم غريبة عن الإسلام في مصر، ربما جاءت من الخارج أو من طائفة لا تفهم دينها بأسلوب صحيح، أو على العكس يرون أنهم يفهمون الإسلام بصورته الحقيقية، والمعتدلون هم -في نظرهم- غير مسلمون حقيقيّين!! فإن كان هناك تطرُّف من بعض المسيحيين، فهو تطرُّف بالقول، ولكن التطرف الإسلامي هو إرهاب، لأنه لا يحمل أي اعتبار للبشر، ولا للدولة، ولا لأن كل إنسان هو خليقة الله عز وجل، والإرهاب الإسلامي يحمل استباحة الأعراض والأموال والنفس، بالإضافة لقتل الأبرياء وامتهان حقوقهم.. أكرر مرة أخرى أني أتحدث عن الفرق بين التطرف المسيحي والتطرف الإسلامي، فواحد في القول فقط، ولكن الآخر في الفعل والتعدّي على الحقوق..
تقول: "يقول زعيمكم البابا أن الإسلام انتشر بحد السيف": هناك أكثر من خطأ في هذه الجملة.. فأنت تخلط ما بين بابا الفاتيكان وبابا مصر!! فبابا الفاتيكان في روما هو بابا الكاثوليك، وهم طائفة نشأت في القرن الرابع الميلادي! أما الأقباط الأرثوذكس وبابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فهم مسيحيو مصر، وأهل البلد الأصليون سلالة المصريون القدماء، الذين آمنوا بالمسيحية عن طريق تبشير القديس مرقس كاتب الإنجيل عندما جاء إلى مصر في الستينيات من القرن الأول الميلادي. فلا يصح مثلًا أن تتهم السُّنّة بأخطاء تراها في الشيعة أو العكس، ولا يصح أن تتهم الإسلام بأخطاء تراها في البهائية لأن لها جذورًا من الإسلام.. إلخ. وبنفس المنطق، لا يصح أن تتهمنا ككنيسة أرثوذكسية بأخطاء كنيسة كاثوليكية (إن كنت ترى هذا التصريح خطأ)! وكنيستنا في مصر على علاقات جيدة مع شيوخ الأزهر الشريف، ولقداسة البابا شنوده الثالث الآلاف والآلاف من الأحباء والأخوة من أخوتنا المسلمين.
أما حول سؤالك: "ماذا يمثل البابا عندكم"، فاضغط على كلمة "البابا" هذه هنا في موقع الأنبا تكلا لترى المزيد حول هذا الموضوع، وتاريخ البطاركة باباوات الإسكندرية عبر العصور..
ثم تسأل سؤالًا غريبًا: "ما رأيك في الدين الذي لم يجعل بين الإله وعبده وساطة لا نبي مرسل ولا ملك مق رب؟" فإن كنت تقصد البابا، فهذا أيضًا كلام غير دقيق، حيث أن البابا هو مجرد راعي أعلى للكنسية، وليس وسيطًا بيننا وبين الله.. فالآباء الكهنة هم وكلاء في رعاية الشعب، وكلمة وكيل تختلف عن كلمة وسيط.. فيقول الكتاب المقدس عن الوكيل: "الْعَبْدُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الطَّعَامَ فِي حِينِهِ" (إنجيل متى 24: 47)، وهذا يوضح طبيعة الوكالة في رعاية الشعب، وليس في وضع حاجر بينه وبين الله.
وأخيرًا وليس آخرًا، وكما يقول قداسة البابا شنوده الثالث أنه يوجد نقاط من الاتفاق بين الإسلام والمسيحية، فيجب علينا أن ننظر إلى جوانب الاتفاق وليس العكس..
نسأل الله الهداية للجميع.
_____
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت
www.st-takla.org.الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/r4m8vfc