سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة اللاهوت والإيمان والعقيدة
الإجابة:
مقولة "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ" المذكورة في (سورة آل عمران 19)، أو "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" (سورة آل عمران 58) هي من كتابك الذي تؤمن به.. وليس من كتاب آخر(*).. فلا تضعها كأنها هي وحدها ولا غيرها.. فتعلَّم النظر إلى وجهة النظر الأخرى، وتدرب على قبول الآخر بإيمانه هو.. فببساطة الرد يكون هو أنها من كتابك أنت وليس من كتابي أنا.. فهذا ما تراه أنت وليس ما أراه أنا..
فلا يصح أن تستخدم القرآن في الحكم على المسيحية أو حتى البوذية، بل انظر إلى تعاليم كل ديانة من نظرتها الخاصة هي.. من حقك أن تدعو الآخرين لإيمانك.. فهذا أمر محمود وجيد.. ومطلوب من الجميع.. على الرغم أنه مثلًا في ممنوع هنا في مصر التبشير بالمسيحية!! ولكن دعنا من تلك التفاصيل، فالحق في الدعوة للإيمان (والمفترض أنها مكفولة للجميع)، لا تعني الهجوم على عقيدة الآخر ومحاولة الانتقاص من شأنها..
فنحن في المسيحية ندعو إليها عن طريق المسيح، وليس عن طريق آخر.. نحن نترك مَن يعمل في الهدم والتجريح يعمل ما يشاء، ولكننا ننظر إلى الجانب الإيجابي في البناء..
بخصوص نقطة سيدنا عيسى، فقد تناولنا هذا الأمر سابقًا هنا في موقع الأنبا تكلا في سؤال حول موضوع روح منه أم نفخه منه..
تقول لي "مفيش حاجة اسمها كتاب مقدس"، وأنا أقول لك "فيه حاجة اسمها قرآن وأنا أحترمه وأحترم تابعيه، وفيه حاجة اسمها أهل الكتاب، وفيه حاجة اسمها أن النصارى أشدهن مودة للمسلمين، وفيه حاجة اسمها ليحكم أهل الإنجيل بما فيه، وفيه حاجة اسمها الإنجيل هدى ونور من الله، وفيه حاجة اسمها لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل، وفيه حاجة اسمها وآتيناه الإنجيل"... إلخ.
أراني الآن مَنْ يخبرك عما في كتابك، والذي تتجاهله بصورة غير حكيمة، وغير لائقة..
أرى أيضًا أنه من غير المنطقي أن يدّعي أصحاب دين ما بأن الدين الجديد قد جاء بقوانين الله الجديدة، وأن الله تراجع عمّا قاله في السابق! فقد يكون هناك نمو وسمو في التعاليم، أما التناقض فهو ليس مِن الله - حاشا.
عزيزي السائل، ليس موضعنا هنا في موقع الأنبا تكلا أن ندخل في تلك المناقشات العقيمة التي لا تفيد.. فمَنْ يريد أن يضيِّع وقته وحياته في مهاترات لا طائل لها فليتفضل، ولكننا يا أخي العزيز جميعنا نسعى إلى رضوان الله، ونرتضي وجهه عز وجل..
ننصح بأن تعرف المسيحية من وجهة النظر المسيحية، وليس من غير ذلك.. وننصح أيضًا أن يتعلم الجميع احترام الآخر وعقيدته، حتى وإن كانت مخالفة لعقيدتنا.. فالبهائيون لنا منهم كل احترام، ونحترم عقائد ومشاعر البوذيين - الهندوسيين - الشنتو - السيخيين - الويكا - اللادينيين - القرآنيين.. إلخ. دورنا هو أن نوضح عقيدتنا، بدون الهجوم على الآخر، وبدون التقليل من شأن ما يؤمن به.. فالله يا عزيزي هو وحده الديان الوحيد، ومَنْ يحكم على هؤلاء يتعدى على حدود الله في دينونة البشر.. فيقول كتاب القرآن مثلًا: "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ: لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ، وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" (سورة الكافرون).
تستطيع أنت كمسلم أن تتحدث عن مشاكل السنة أو الشيعة أو الأخوان المسلمين أو الإرهابيين المسلمين أو غير ذلك بما يتعرض لدينك أنت.. فهنا لك الحق في عرض -وليس فرض- الإيمان السليم لئلا يُعثَر البعض من أخطاء مَنْ يُحسَبون على دينك.. وهكذا في المسيحية، فقد لا نهتم بالحديث عن الإسلام أو الهندوسية أو غيره لأنه لا علاقة لنا بها، ولكن علينا أن نتحدث مثلًا عن أخطاء الإنجيليين البروتستانت أو طوائف منشقة تمامًا عن المسيحية مثل شهود يهوة أو السبتيين الأدفنتست وغيرهم.. لأن هذا في صُلب العقيدة..
أما إيمان الآخر، فهذا له.. والله هو الذي سيحكم له أو عليه بما يعرف وبما يؤمن الإنسان وبما يصله من معرفه حول الله عز وجل.. فكما قال الوحي الإلهي بما معناه: إن كنت لا تحب أخاك الذي تراه، فكيف تحب الله الذي لا تراه؟! "إِنْ قَالَ أَحَدٌ: «إِنِّي أُحِبُّ اللهَ» وَأَبْغَضَ أَخَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ. لأَنَّ مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي أَبْصَرَهُ، كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ الَّذِي لَمْ يُبْصِرْهُ؟! وَلَنَا هذِهِ الْوَصِيَّةُ مِنْهُ: أَنَّ مَنْ يُحِبُّ اللهَ يُحِبُّ أَخَاهُ أَيْضًا" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 4: 20، 21). وجميع البشر هم خليقة الله، وهم موضِع عنايته ورعايته، فيقول: "فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ" (إنجيل متى 5: 45). والقرآن أيضًا يقول: "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً" (سورة هود 118). والمسيحية تُعَلَّمنا حب الجميع بلا وضع أي اعتبار للسن أو الجنس أو الدين أو أسلوب الحياة أو التفكير أو النفسية أو غيره..
_____
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت
www.st-takla.org.
مقال حول حرية الأديان
سؤال: ما هي فكره القرآن الكريم عن المسيحية والمسيح والعذراء والكتاب المقدس؟
سؤال: حول المناقشات في الدين المسيحي والإسلامي
سؤال عن أبونا زكريا بطرس
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/26b52gb