تعوَّد دائمًا عندما تبحث ألا تعتمد على مصدر واحد، أو من خلال اقتطاع الآيات أو الأحداث بدون ما يدور حولها.. فيجب أن تنظر لكل الزوايا والأحداث والظروف قبل أن تُصْدِر حكمك.. وخاصة عندما تتحدث عن كتاب الله العزيز.. فافتراضك الخطأ سيجعلك ترى ما تريد.. ولكن عندما تؤمن بعصمة الكتاب المقدس، حينها ستنفتح أعينك، وترى ما أغفلته عيناك عند محاولاتك النقد للنقد فقط..
دعنا نضع الآيات التي لها علاقة بالموضوع جنبًا إلى جنب ليتضح الأمر(*):
1- (إنجيل متى 4: 12-22): "وَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ أَنَّ يُوحَنَّا أُسْلِمَ، انْصَرَفَ إِلَى الْجَلِيلِ.. مِنْ ذلِكَ الزَّمَانِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يَكْرِزُ وَيَقُولُ: «تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ». وَإِذْ كَانَ يَسُوعُ مَاشِيًا عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ أَخَوَيْنِ: سِمْعَانَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. فَقَالَ لَهُمَا: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيِ النَّاسِ». فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا الشِّبَاكَ وَتَبِعَاهُ. ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ فَرَأَى أَخَوَيْنِ آخَرَيْنِ: يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ، فِي السَّفِينَةِ مَعَ زَبْدِي أَبِيهِمَا يُصْلِحَانِ شِبَاكَهُمَا، فَدَعَاهُمَا. فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا السَّفِينَةَ وَأَبَاهُمَا وَتَبِعَاهُ".
2- (إنجيل مرقس 1: 14-21): "وَبَعْدَمَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللهِ وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ». وَفِيمَا هُوَ يَمْشِي عِنْدَ بَحْرِ الْجَلِيلِ أَبْصَرَ سِمْعَانَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ يُلْقِيَانِ شَبَكَةً فِي الْبَحْرِ، فَإِنَّهُمَا كَانَا صَيَّادَيْنِ. فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا تَصِيرَانِ صَيَّادَيِ النَّاسِ». فَلِلْوَقْتِ تَرَكَا شِبَاكَهُمَا وَتَبِعَاهُ. ثُمَّ اجْتَازَ مِنْ هُنَاكَ قَلِيلًا فَرَأَى يَعْقُوبَ بْنَ زَبْدِي وَيُوحَنَّا أَخَاهُ، وَهُمَا فِي السَّفِينَةِ يُصْلِحَانِ الشِّبَاكَ. فَدَعَاهُمَا لِلْوَقْتِ. فَتَرَكَا أَبَاهُمَا زَبْدِي فِي السَّفِينَةِ مَعَ الأَجْرَى وَذَهَبَا وَرَاءَهُ. ثُمَّ دَخَلُوا كَفْرَنَاحُومَ، وَلِلْوَقْتِ دَخَلَ الْمَجْمَعَ فِي السَّبْتِ وَصَارَ يُعَلِّمُ".
3- (إنجيل يوحنا 3: 22-24): "وَبَعْدَ هذَا جَاءَ يَسُوعُ وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى أَرْضِ الْيَهُودِيَّةِ، وَمَكَثَ مَعَهُمْ هُنَاكَ، وَكَانَ يُعَمِّدُ. وَكَانَ يُوحَنَّا أَيْضًا يُعَمِّدُ فِي عَيْنِ نُونٍ بِقُرْبِ سَالِيمَ، لأَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ مِيَاهٌ كَثِيرَةٌ، وَكَانُوا يَأْتُونَ وَيَعْتَمِدُونَ. لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُوحَنَّا قَدْ أُلْقِيَ بَعْدُ فِي السِّجْنِ".
نضع الآن كذلك في سياق الحديث ما يتحدث عن التلاميذ في إنجيل لوقا، والذي أهمله مصدر السؤال الأصلي، لأنه يهدم نقده من الأساس.. فالسائل العزيز قد أرسل لنا هذا السؤال في موقع الأنبا تكلا بطريقة كوبي وبيست copy & paste من بعض المنتديات التي يلتف حولها مَنْ لديهم وقتًا بلا قيمة للأسف..
4- (إنجيل لوقا 6: 12-18): "وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ خَرَجَ إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ. وَقَضَى اللَّيْلَ كُلَّهُ فِي الصَّلاَةِ للهِ. وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ دَعَا تَلاَمِيذَهُ، وَاخْتَارَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ، الَّذِينَ سَمَّاهُمْ أَيْضًا «رُسُلًا»: سِمْعَانَ الَّذِي سَمَّاهُ أَيْضًا بُطْرُسَ وَأَنْدَرَاوُسَ أَخَاهُ. يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا. فِيلُبُّسَ وَبَرْثُولَمَاوُسَ. مَتَّى وَتُومَا. يَعْقُوبَ بْنَ حَلْفَى وَسِمْعَانَ الَّذِي يُدْعَى الْغَيُورَ. يَهُوذَا أَخَا يَعْقُوبَ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيَّ الَّذِي صَارَ مُسَلِّمًا أَيْضًا. وَنَزَلَ مَعَهُمْ وَوَقَفَ فِي مَوْضِعٍ سَهْل، هُوَ وَجَمْعٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الشَّعْبِ، مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِيَّةِ وَأُورُشَلِيمَ وَسَاحِلِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، الَّذِينَ جَاءُوا لِيَسْمَعُوهُ وَيُشْفَوْا مِنْ أَمْرَاضِهِمْ، وَالْمُعَذَّبُونَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ. وَكَانُوا يَبْرَأُونَ".
نرى أولًا في الآيات من إنجيل متى وإنجيل مرقس ليست دعوة جميع التلاميذ.. بل دعوة أربعة فقط، وهم: بطرس (سمعان) - أندراوس - يعقوب - يوحنا. وليس كل التلاميذ.
فمنطقي جدًا أنه لم يتم دعوة كل التلاميذ الاثني عشر معًا في وقت واحد.. بل في أوقات متفرقة..
وما المشكلة أن يتم دعوة بعضهم قبل أو بعد القبض على القديس يوحنا المعمدان (سيدنا يحيى في الإسلام)؟!
التلاميذ الاثني عشر هم الذين اختارهم السيد المسيح ليكونوا خاصته من التلاميذ.. ولكن هذا لا يمنع وجود عشرات أو مئات التلاميذ الآخرين..
نعلم أيضًا أن الرب يسوع قد أرسل تلاميذ آخرين (السبعون رسولًا) ليبشروا في أنحاء العالم.. فيقول إنجيل لوقا الأصحاح العاشر: "وَبَعْدَ ذلِكَ عَيَّنَ الرَّبُّ سَبْعِينَ آخَرِينَ أَيْضًا، وَأَرْسَلَهُمُ".. إلخ.
نرى من إنجيل لوقا كذلك الرد الواضح، فيقول في آية 13: "وَلَمَّا كَانَ النَّهَارُ دَعَا تَلاَمِيذَهُ، وَاخْتَارَ مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ".. أظن أنها واضحة جيدًا، وتصرِّح بأن الـ12 تلميذ هم الذين اختارهم المسيح "من بين تلاميذه الآخرين". فمنطقي جدًا أن يكون للسيد المسيح تلاميذ كثيرين في فترات متفرقة من حياته على الأرض.. ومن هؤلاء تم اختيار الاثني عشر تلميذًا.. أيضًا على فترات متفرقة..
أما إن كان ما تتحدث عنه هو خدمة المسيح، فكما هو واضح من الآيات أنه قد بدأ خدمته في اليهودية أولًا قبل تسليم الشهيد يوحنا المعمدان، ثم إلى الجليل بعد تسليم يوحنا.
_____
(*) المصدر: من مقالات وأبحاث موقع الأنبا تكلاهيمانوت
www.st-takla.org.
التعقيب على هذا السؤال والرد عليه: دعوة يسوع للتلاميذ في الأناجيل.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/876wcyk