أواه: يا ليتني أطعت! أوه: يا ليتني أطعت!"
هذه صيحة أحد المجانين في مستشفى أميركي للأمراض العقلية. لقد ظل يطلق هذه الصيحة ويكررها في حجرته أيامًا وأسابيع وسنين طويلة، ولم يتفوَّه بسواها، بل كان، كلما مرَّ بجانبه أحد الناس وخاطبه، لا يرد عليه إلا بهذه الصرخة التي تصم الأذان: أوه: يا ليتني أطعت! أواه: يا ليتني أطعت!
وقصة هذا المسكين هي انه كان موظفًا في إحدى شركات القطار الحديدي التي عهدت إليه وإنزاله بمناظرة جسر ممتد فوق نهر، وكان عمله محصورًا في رفع الجسر عند مرور البواخر وأعداد الخط لمرور القطار الحديدي. وكان هذا الموظف يتمتع بكامل صحته وقواه العقلية.
وتسلم، ذات يوم، أمرًا خاصًا مشددًا بإبقاء الجسر مُنزَّلًا في وقت معيّن، وذلك لمرور قطار سياح خصوصي لم يكن موعد وصوله محددًا بالضبط، فأخذ الاستعدادات اللازمة لتنفيذ هذا الأمر، وانزل الجسر وحضَّر الخط لمرور القطار المذكور، وجلس ينتظر.
في تلك الساعة وصلت بعض البواخر وطلب قادتها المرور كالعادة، فرفض الموظف أن يرفع الجسر، بناء على الأمر الخاص المشدد الذي تسلمه. ووصلت سفينة أخرى، وطلب إليه قبطانها وهو صديق حميم له، أن يسمح له بالمرور، قائلًا: أنت ترفع الجسر وأنا اعبر في بضع دقائق بعجلة، وبعد اخذ ورد أذعن الموظف لطلب صديقه ورفع الجسر، وأخذت السفينة تتحرك.. ولكن يا لهول الرعب الذي انقض على الموظف عندما أصم أذنيه صوت صفير مزعج منطلق من قطار السياح المقبل بسرعة فائقة، إذ لم يعد هناك أي متسع من الوقت لا نزال الجسر، فتمنى، في لحظة الندامة وفوات الأوان، لو انه تقيَّد بالأمر الخاص المشدد، فرفع يديه، في ساعة قنوطه، إلى العلاء، وصرخ من أعماق أعماقه: أواه: يا ليتني أطعت! أواه: يا ليتني أطعت! أما القطار فاندفع بمن فيه منحدرًا إلى النهر حيث لاقى السياح حتفهم
والموظف المسكين، ماذا جرى له؟ لما جاء أهل النجدة وجدوه يتمشى ذاهبًا وإيابًا على غير هدى ويصيح: أواه: يا ليتني أطعت! أواه: يا ليتني أطعت! ولم يتفوه بغير هذه الكلمات، فقد فَقَدَ رشده وظل مجنونًا كل حياته لا ينطق إلا بهذه الجملة: أواه: يا ليتني أطعت! كان قد تلقى أمرًا صريحًا فعصاه! كان من المحتمل أن لا يأتي القطار في ذلك الوقت، ولكنه أتى وهلك جمع غفير!
يا لها من مأساة ربما تقول عندما تطلع على تفاصيلها: ما أحمق ذلك الموظف! ولكنك، إذا أطلقت لتأملاتك العنان وغصت في أعماق ضميرك، قد تجد انك سالك المسلك ذاته الذي أدى إلى تلك الفاجعة الرهيبة، فأنت، أيضًا، قد تلقيت أمرًا أسمى جاءك من السماء يجب أن تطيعه أكثر فقد جاء في الكتاب المقدس:
"فالله يأمر جميع الناس في كل مكان بأن يتوبوا".
أنت خاطئ، أليس كذلك؟ فجميع الناس خطاة، والله في السماء قدوس يبغض الخطيئة، وقد قرر معاقبة فاعلها، وأنت لا تتمكن من دخول السماء إن لم تغفر لك خطاياك، وان قلت: "لم يبق لي أمل بعد" نجيبك: نعم يوجد أمل، فان الله قد أرسل الرب يسوع ليخلص الخطاة، وقد أتم المسيح المبارك ما تطلبه عدالة الله، وذلك بتحمله عقاب الخطيئة على الصليب..
لقد بلغك الأمر الآن بان تتوب عن خطاياك وتقبل الرب يسوع كمخلصك وربك، فما أنت فاعل بهذا الخصوص؟ أتتلاعب بهذه المسألة الخطيرة؟ تروَّ وفكر: إن أمامك حقيقة رهيبة: إن ألوفًا مؤلفة ستردد في الجحيم صارخة: أواه.. يا ليتني أطعت أواه: يا ليتني أطعت الإنجيل! إنني أتمنى لو أنني قبلت الخلاص بيسوع المسيح! أتريد أن تكون أحد هؤلاء التعساء الصارخين صرخة الخيبة والألم واليأس هذه؟
جابه المسألة بإخلاص وصدق الدعوة الآن، لقد كان في نية الموظف، الذي ذكرنا قصته، أن يستعد لمجيء القطار، ولكنه خاطر وعصى الأمر، فما أنت فاعل بأمر الله وبهبة خلاصه المجانية المقدمة لك في المسيح؟ أمستهتر أنت بهذه الهبة السماوية؟ إن هذا الاستهتار يعود عليك بالويل. وما أكثر مختلقي الأعذار والمستهترين بخلاص نفوسهم، فهناك من يقول: "ليست هذه ديانتي " وآخر يقول: "إن أمامي متسعًا من الوقت "فإذا كنت تفكر مثل هؤلاء فانك مهمل أمر خلاصك. وكلمة الله تقول:
"كيف ننجو أن أهملنا خلاصا هذا مقداره؟"
لتكن لنا عبرة من قصة موظف القطار: لقد سبب عدم إطاعته الأمر هلاك الكثيرين، وأضاع هو، في لحظة، عقله! وقضى زمانه مجنونًا يصرخ: "أواه.. يا ليتني أطعت "! وأنت يا رفيقنا في الإنسانية، ما الذي ينتظرك في الأبدية إن رفضت أن تقبل الخلاص المقدم لك الآن؟ انك ستندم حين لا تنفع الندامة، وسيتبين لك مقدار خسارتك الجسيمة.
فيا رفيقنا في هذا العالم، ونحن جميعًا من جبلة واحدة نعبر هذه الطريق في رحلتنا القصيرة المؤقتة على الأرض، إننا نرجو، بعد أن تنتهي من قراءة هذه الرسالة، أن تتأمل في ما يتخبط به العالم من ضغائن واضطرابات وعدم طمأنينة بسبب عصيان الأمر الإلهي، وان تفكر في مستقبلك بالأبدية وما سيكون قولك عندما يفوت الوقت وتتأكد انك قد أضعت فرصة الخلاص السانحة لك الآن ضياعًا أبديًا، إننا نرجو أن لا تقف صائحًا: "أواه: يا ليتني أطعت أواه: يا ليتني أطعت"
إننا نبعث إليك بهذه الرسالة بدون سابق معرفة إلا معرفة إننا رفقاء في سياحتنا إلى الأبدية يهمنا أن يقف كل منا في اللحظة الحاسمة ويقول: "كم أنا سعيد في تركي الخطيئة وقبولي الرب يسوع المسيح مخلصي". نرجو أن لا يصيح أحد صيحة اليأس الرهيبة: "أواه.. يا ليتني أطعت الخلاص! أواه.. يا ليتني أطعت"..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/rg8k4xm