الإجابة:

التفسير الذي قرأته سليم، وبالتأكيد كان هناك عِلمًا بطريقة ما من البداية عن موضوع الذبائح، كما نرى في قول الكتاب: "بِالإِيمَانِ قَدَّمَ هَابِيلُ للهِ ذَبِيحَةً أَفْضَلَ مِنْ قَايِينَ. فَبِهِ شُهِدَ لَهُ أَنَّهُ بَارٌّ، إِذْ شَهِدَ اللهُ لِقَرَابِينِهِ" (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 11: 4)..  فالإيمان المذكور هنا هو ثقة البار هابيل في كلام الله، وتقديمه ذبيحة كما يقبل الله..  للمزيد تصفح هذه المقالات من موقع الأنبا تكلا:

• الذبيحة (في الفقرة الخاصة بأصل وطبيعة الذبيحة) - من قسم قاموس الكتاب المقدس

• قايين

• هابيل

• كتاب هابيل وقايين من كتب البابا شنوده

St-Takla.org Image: God accepts the offering of Abel but not Cain. صورة في موقع الأنبا تكلا: الله يقبل تقدمة هابيل وليس قايين.

وإن كان قايين لم يكن يعرف بموضوع الذبيحة، فكيف رفض الله قبول ذبيحته؟!  وعلى أي أساس قدَّم هابيل البار الذبيحة السليمة؟!  إن لم يكن الإنسان الأول على عِلم بموضوع الذبائح أنها هي المقبولة أمام الله، فالله يكون ظالمًا إن حاكم أحدًا وهو يجهل الشروط - حاشا.

هناك ملحوظة لطيفة أيضًا في هذا السياق، حيث نرى هابيل يقدم لله من البكور ومن الأسمن: "قَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا" (سفر التكوين 4: 4)، ولكن قايين "قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ" (سفر التكوين 4: 3)..  فواحد اختار البكور أي أفضل ما عنده، والثاني مجرد قدم من الأثمار..  الأول قضى وقتًا في التفكير فيما يرضي الله، والثاني أراد أن يملًا مكان الذبيحة بأي شيء وانتهى..

لاحظ أيضًا أن الله دائمًا لا ينظر فقط للمنظر أو للأفعال، ولكنه يهتم بما يعتمل في القلب..  فنرى مثلًا في قصة اختيار داود النبي عندما كان صموئيل النبي ويسى يختارون الرجل المُختار من الله، كان يقول له: "لاَ تَنْظُرْ إِلَى مَنْظَرِهِ وَطُولِ قَامَتِهِ لأَنِّي قَدْ رَفَضْتُهُ. لأَنَّهُ لَيْسَ كَمَا يَنْظُرُ الإِنْسَانُ. لأَنَّ الإِنْسَانَ يَنْظُرُ إِلَى الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا الرَّبُّ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى الْقَلْبِ" (سفر صموئيل الأول 16: 7)..  فنلاحظ نفس الأمر بالضبط أيضًا حدث مع قايين عندما قال له الله: "إِنْ أَحْسَنْتَ أَفَلاَ رَفْعٌ؟ وَإِنْ لَمْ تُحْسِنْ فَعِنْدَ الْبَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ، وَإِلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا" (سفر التكوين 4: 7)..  فالله علم أن في قلبه نية غير سليمة، وخطية رابضة تنتظر الفرصة للخروج..

ستجد أيضًا في شرح الأصحاحات الأولى بتفاسير سفر التكوين هنا في موقع الأنبا تكلا عرض تفصيلي لهذه الأمور..  يجب أن تتعلم عزيزي السائل أن تقرأ القسم الذي تبحث فيه متكاملًا، ولا تعتمد فقط على النظرة الضيقة في الآية التي تريدها فقط، بل انظر لما حولها، والظروف التي قيلت فيها، والزمن، ومَنْ القائل، ولماذا قيلت، وبأي أسلوب.. إلخ.